كم كنّا نترقب عن بُعد ما سيؤول له استفتاء كردستان العراق، من أزمة بين الإقليم والمركز، ومن تفاقمات على الشعب العراقي بجميع قومياته فعلاً حصل الاستفتاء، وأصر السيد مسعود بارزاني على قراره، ومضى قُدماً في إجراء الاستفتاء.
ولكن حكومة المركز والدول التي لا تريد أن يجري الاستفتاء لم تقف مكتوفة وحدث كل شيء متوقع، ولكن هذه المرة بعد سنة على تحرير مدينة الموصل من عصابات داعش الإرهابية.
تتحشد الحشود من قرب من كركوك لاقتحامها، وإزالة سيطرة قوات البيشمركة على هذه المدينة بعد أن دخلتها البيشمركة إبان احتلال داعش للموصل.
ولكننا هذه المرة كلنا نترقب حرباً جديدة ستسجل في قاموس العراق، البلد الذي ما برح أن يخرج في حرب حتى يدخل في أخرى مخلفاً عشرات القتلى والجرحى والأيتام والأرامل.
رغم أننا بعيدون عن موقع الحدث، فإننا كلنا نترقب ونتابع عن كثب هذه المرة كم قتيلاً سيسقط في هذه المعركة؟ وكم يتيماً سنخلف؟ وكم بيتاً سيهدم؟ ويأخذنا التفكير يميناً وشمالاً، رُغم أن المدينة غير مدينتنا، ولكن ذُقنا ويلات الحرب ومصائبها فلم نكن نتمنى أن يصيب كركوك ما أصاب الموصل بالتحديد.
ولكن نسمع المفأجاة والخبر المفرح إلى حد ولست بصدد أن أقف مع جهة على حساب جهة، وإنما سأقف مع شيء واحد أن القوات العراقية دخلت كركوك هذه المرة "استلام وتسليم"، وكفى الله العراقيين شر القتال وسلمتْ كركوك لأهلها، ونجى الفريقان من حرب تأكل الأخضر واليابس الخاسر الوحيد فيها هو الشعب العراقي بكل طوائفه وقومياته.
ولكن المؤسف الذي جعلنا نرجع سنة إلى الوراء الموصل المدينة التي دفعت ضريبة الحرب أجل دفعت ضريبة وقائمة طويلة من الأسماء والأحياء من فواجع وكوارث، آهٍ كم مؤلمة هي الحرب ومزعجة في نفس الوقت.
مؤلمةٌ جدّاً الحروب، كم سعدت بحرب كركوك الخالية من الدماء التي انتهت بكل سلاسة ويسر، كم فرحنا ذاك اليوم فرحاً شديداً، وكم الفرح الشباب الذين سعوا إلى إطفاء نار الحرب من خلال منصات التواصل الاجتماعي، وما أجمل أن تتحول حروبنا إلى سياسية أو إلكترونية نخسر فيها الحروف، بدل أن نخسر الألوف من البشر.
رسائل السلام التي نسعى لنشرها بين أوساط المجتمعات لا بُدّ أن تثمر في يوم من الأيام، وها هي اليوم تثمر بخروج العراق من شفا حرب جديدة.
رسائل السلام هي رسائل إيجابية للمجتمعات التي تسعى للنزاع بأن نثمن الحرب هي دماء أولادكم وأهلكم وأصدقائكم وجيرانكم وخسارة لتجارتكم واقتصادكم ومدينتكم وبنيتكم التحتية.
واجبنا اليوم أن نربي أبناء العراق وشبابه على ثقافة السلام ونبذ ثقافة الحرب والاقتتال، وها هي الحروب لم تجنِ لنا إلا الويلات والثبور.
واجبنا أن نحيا بسلام؛ لأننا بدون سلام لن نستطيع أن نحيا حياةً هانئة لن ننتج لن نتقدم لن نتعلم لن نفعل أي شيء سوى استيراد السلاح والسعي لإفناء الآخر.
وهذه المرة سأختم مقالي بكلمات مقتبسة عن السلام عسى أن يحيا عراقنا بسلام دائم:-
1. يقول جورج هربرت: (نتيجة الحروب خلق اللصوص ونتيجة السلام قتلهم).
2. لنعش بسلام حتى نموت بسلام فالصعوبة ليست في الموت بل في الحياة (مثل إيطالي).
3. يقول ميخائيل نعيمة: (السلام لا يولد في المؤتمرات الدولية بل في قلوب الناس وأفكارهم).
وأخيراً.. وكفى الله العراقيين القتال، ونأمل أن يدوم بسلام لبلد يشتهي شعبه أن يعيش بسلام.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.