أين اختفت أموال نفط كركوك المقدّرة بـ51 مليار دولار؟

ما ذكرته لا يسري على سارقي مليارات كردستان، ولا على المسؤولين الحاكمين في كردستان، ولا على بيوتهم الفارهة في أفخم وأرقى المناطق في كردستان ولا على مستشفياتهم وطرقهم الخاصة ولا أطفالهم ونسائهم وعشيقاتهم، ولا على أذنابهم ومرتزقتهم، عليه لا أستغرب أن يفغروا أفواههم متعجبين مما ذكرته آنفاً.

عربي بوست
تم النشر: 2017/11/02 الساعة 03:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/11/02 الساعة 03:28 بتوقيت غرينتش

في حوار مع إحدى الفضائيات العربية، كشف حسين الشهرستاني، نائب رئيس الوزراء العراقي السابق لشؤون الطاقة، عن إيرادات الآبار النفطية التي كانت حكومة إقليم كردستان تسيطر عليها، وقال الشهرستاني في ردّه على سؤال مذيع البرنامج حول قضية النفط العالقة بين كردستان وبغداد: إنه ومنذ عام 2006 وليومنا الحاضر تم استخراج وبيع النفط من آبار كركوك بما يقارب 51 مليار دولار، ولم يكشف عن هذه الأموال لا في برلمان العراق ولا في برلمان كردستان، ولم يتم التطرق إلى كيفية صرفها، ولم تدرج في الموازنة العامة السنوية لا في كردستان ولا في العراق، إضافة إلى ذلك كانت حكومة إقليم كردستان تأخذ 17 بالمائة من ميزانية الحكومة العراقية التي تقدر بما يقارب 10 مليارات سنوياً.

يتكون إقليم كردستان من ثلاث محافظات هي (أربيل، والسليمانية، ودهوك)، ويبلغ تعداد السكان 5 ملايين شخص، ما يقارب نصف مليون، منهم موظفون في الدوائر الحكومية.

عليه فمبلغ 10 مليارات سنوياً إلى جانب 51 ملياراً خلال عشر سنوات يجعل كردستان بمحافظاتها الثلاث إقليماً يضاهي أفخم وأرقى الدول والمدن العالمية المتطورة المزدهرة، لكن مع الأسف الشديد واقع الحال في كردستان مزرٍ ومهترئ إلى درجة تحز في نفس كل ذي فؤاد.

– راتب الموظف من الرتب المتوسطة يبلغ 300 دولار أميركي يتقاضاه كل شهرين مرة واحدة، رواتب عوائل الشهداء والمتقاعدين يبلغ 150 دولاراً يتقاضونه أيضاً مرة كل شهرين، وكل هذا مثبت في قوائم الرواتب والمعاشات في وزارة المالية بكردستان.. وهذه الرواتب لا تسمن ولا تغني من جوع، لا سيما مع وجود الغلاء المستعر بكردستان.

– كردستان بهذه المبالغ الضخمة التي تعادل ميزانيات عدة دول عربية وإفريقية، كان يجب أن تكون بلاداً يطلب فيها الناس اللجوء لرخائها واقتصادها المتين، لكن إذا ما تجولنا في ربوعها نرى الفقر والجوع ينخر بأفرادها، والبطالة وصلت إلى أرقام مخيفة تجاوزت 40 بالمائة، حسب إحصائية وزارة العمل والاقتصاد في كردستان.

– البنية التحتية الإعمارية في معظم القرى والنواحي والأقضية، وصولاً إلى مناطق بالمدن الكبيرة طرقها ترابية يسبب الغبار المنبعث منها أمراضاً رئوية وتنفسية، خصوصاً للأطفال وكبار السن.. ومعظم البنايات والشركات الضخمة والاستثمارات الخارجية الموجودة في كردستان والتي يتبجح بها طغاة كردستان على أنها من إنجازاتهم، لا يستفيد منها المواطن في الإقليم.

– المدارس والمستشفيات والدوائر الحكومية في حالة يرثى لها، يتم استئجار البيوت وجعلها مستشفى ومستوصفاً، وإذا أصيب شخص ما بحالة مستعصية أو إذا احتاج إلى عملية فورية يجب أن يذهب إلى مراكز المدن وعلى حسابه الخاص وبسيارته الشخصية، طبعاً الفقير الذي لا توجد لديه سيارة يجب أن يفطس ولا عزاء له ولأهله.

– بالرغم من كثرة مصادر المياه، لا تقدر حكومة كردستان على توفير المياه للناس، ويتم تزويد سكان المدن والأقضية والنواحي بالمياه ساعتين يومياً، وعلى الناس أن يخزنوا الماء في الخزانات ولا حاجة أن أصف لك نوعية الماء، يكفي أن تعرف أن 30 بالمائة (حسب تقرير وزارة الصحة السنوي لعام 2016) من سكان كردستان يعانون من حصى الكلى بسبب هذا الماء؛ كي يتضح لك رداءته وعدم صلاحيته للاستهلاك البشري.

– الصرف الصحي هو الطامة الكبرى؛ حيث إنه بعد مرور أكثر من 26 سنة عمر حكومة كردستان لا يوجد في كردستان صرف صحي يحترم آدميتهم، كل بيت توجد لديه حفرة عميقة داخل بيته مربوطة بالحمام والتواليت عن طريق أنبوبين أو أكثر، يتم إفراغها وعلى حساب صاحب البيت بسيارات خاصة لهذا الأمر كل شهر مرة.

– ومن أخطر المشاكل الاجتماعية التي تواجه كردستان اليوم انتشار بيع الهوى بين النساء في كردستان، سيما بين الجامعيات والأرامل والمطلقات بسبب عدم توافر فرص عمل لهن وعدم وجود مصدر مالي أو معيل لهن، وهن أمهات لأطفال رضّع إلى جانب أطفالهن مرتادي المدارس والجامعات، أضف إلى ذلك النساء اللائي لديهن أفراد عائلة مصابون بأمراض مزمنة، وجميع أبواب الكسب الحلال مغلقة في وجوههن، ولا توجد لديهن حصة ولو بسيطة من مليارات نفط كردستان (ولي عودة للكتابة مفصلاً عن هذه الكارثة الاجتماعية الجللة لاحقاً).

ما ذكرته لا يسري على سارقي مليارات كردستان، ولا على المسؤولين الحاكمين في كردستان، ولا على بيوتهم الفارهة في أفخم وأرقى المناطق في كردستان ولا على مستشفياتهم وطرقهم الخاصة ولا أطفالهم ونسائهم وعشيقاتهم، ولا على أذنابهم ومرتزقتهم، عليه لا أستغرب أن يفغروا أفواههم متعجبين مما ذكرته آنفاً.

أيضاً ما ذكرته نماذج بسيطة مخجل ذكرها لبساطتها، ولك صديقي القارئ أن تشاركني كتابة المقال وتذكر نماذج ووقائع ينبض لها القلب نبضات حزن وألم وقهر، وأرجو أن تشاركني طرح سؤال: أين ذهبت المليارات، مليارات العائدات النفطية ومليارات الموازنة السنوية الآتية من الحكومة المركزية؟ ومَن المسؤول عن إهدارها وسرقتها وتبذيرها؟ ما تسببّ بتجويع الشعب الكردي وتفككه وطنياً واجتماعياً وأخلاقياً.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* رابط مقابلة حسين الشهرستاني كاملة، يذكر في الدقيقة 43 أن عائدات نفط كركوك التي استولت عليها حكومة كردستان تقدر بـ51 مليار دولار منذ عام 2006 وليومنا هذا.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد