أراضى شمال أفريقيا الأسبانية

وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية بدأت العديد من البلدان الإفريقية تسعى إلى الاستقلال عن حكم القوى الاستعمارية، وكان المغرب من بين الدول الأولى التي حصلت على الاستقلال عندما تخلّت فرنسا عن السيطرة في ربيع عام 1956م، وشمل هذا الاستقلال أيضا الأراضي التي تطالب بها إسبانيا في الجنوب الغربي والشمال على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط.

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/21 الساعة 04:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/21 الساعة 04:01 بتوقيت غرينتش

سبتة ومليلية هاتان المدينتان الإسبانيتان في المغرب تقعان على الشواطئ الشمالية لساحل المغرب على البحر الأبيض المتوسط، وتشكلان معاً الحدود البرية الوحيدة للاتحاد الأوروبي مع إفريقيا.

مدينة سبتة تبلغ مساحتها 20 كيلومتراً مربعاً وتعدادها حوالي 77 ألف نسمة، تقع شمال غرب مليلية بالقرب من مدينة طنجة المغربية عبر مضيق جبل طارق من البر الرئيسي لإسبانيا، وقد استولى عليها العرب ومن بعدهم البرتغاليون حتى اعتراف إسبانيا باستقلال البرتغال تنازلت عنها الأخيرة بمقتضى معاهدة لشبونة عام 1668 م لإسبانيا، وخضعت للسيطرة منذ ذلك الوقت.

أما مليلية التي تبلغ مساحتها حوالي 12 كيلومتراً مربعاً وتعدادها حوالي 70 ألف نسمة، تقع على الحافة الشرقية لساحل المغرب على البحر الأبيض المتوسط، وتحيط بها المغرب من ثلاثة جوانب تخضع للسيطرة الإسبانية منذ عام 1497 م.

تاريخياً كانت هذه المدن مراكز للتجارة وللربط بين شمال وغرب إفريقيا (عبر الطرق التجارية الصحراوية) مع أوروبا، وكان لسبتة أهمية خاصة كمركز تجاري بسبب موقعها بالقرب من مضيق جبل طارق، وكلتاهما كانت بمثابة منافذ الدخول والخروج للناس والبضائع من وإلى المغرب.

أما اليوم فكلتا المدينتين جزء من منطقة اليورو الإسبانية، وهما في المقام الأول موانئ مع وجود الكثير من الأعمال التجارية والصيد والسياحة، وكلتاهما أيضاً جزء من منطقة ضريبية مخفضة خاصة، وهذا يعني أن أسعار السلع رخيصة نسبياً بالمقارنة مع بقية أوروبا القارية.

تحمل كل من سبتة ومليلية معهم علامات الثقافة الغربية، فلغتهم الرسمية هي الإسبانية على الرغم من أن جزءاً كبيراً من سكانها هم المغاربة الأصليون الذين يتكلمون العربية والبربرية.

مليلية تدعي بفخر أنها ثاني أكبر تركيز لحداثة العمارة خارج برشلونة.
حين تنازلت إسبانيا عن جبل طارق إلى بريطانيا في معاهدة أوترخت عام 1713 م، قامت إسبانيا بتأسيس الجيوب الاستيطانية في شمال إفريقيا منذ قرون، قبل وقت طويل من المملكة المغربية.

فى بداية الثورة الصناعية (م1750- 1850م) بدأت الدول الأوروبية تجوب العالم تبحث عن الموارد اللازمة لتشغيل اقتصاداتها وإفريقيا نظراً لموقعها الجغرافي ووفرة مواردها تعتبر مصدراً رئيسياً للثورة بالنسبة للعديد من هذه الدول، وأدت هذه القيادة للسيطرة على الموارد إلى التدافع من أجل إفريقيا، وفي نهاية المطاف مؤتمر برلين عام 1884م.

وفي عام 1906م اعترف مؤتمر الجزيرة الخضراء بمطالب فرنسا وإسبانيا بالسلطة في المنطقة، ومنحت إسبانيا أراضي في المنطقة الجنوبية الغربية من البلاد، وكذلك على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط في الشمال.

وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية بدأت العديد من البلدان الإفريقية تسعى إلى الاستقلال عن حكم القوى الاستعمارية، وكان المغرب من بين الدول الأولى التي حصلت على الاستقلال عندما تخلّت فرنسا عن السيطرة في ربيع عام 1956م، وشمل هذا الاستقلال أيضا الأراضي التي تطالب بها إسبانيا في الجنوب الغربي والشمال على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط.

ومع ذلك واصلت إسبانيا نفوذها في الشمال مع السيطرة على مدينتي سبتة ومليلية، ووضعت كل من مدن الميناء كمراكز عسكرية وتجارية تربط إفريقيا بأوروبا ومنذ عام 1995م تمتعوا بدرجة محدودة من الحكم الذاتي كمجتمعات ذاتية الحكم.

وتتعرض حدود سبتة ومليلية المحصنة بشدة لضغوط من المهاجرين الأفارقة الذين يسعون إلى حياة أفضل في أوروبا، وبسبب قربها من المغرب والاتصال بالقارة الإفريقية، تستخدم مليلية وسبتة (سواء بشكل قانوني أو غير قانوني) كنقطة انطلاق للوصول إلى البر الرئيسي في أوروبا للعديد من المغاربة والمهاجرين الأفارقة.

وفي منتصف عام 1998م قامت السلطات الإسبانية بتطوير معابر سبتة ومليلية بإقامة حاجز فولاذي مزدوج لمنع الهجرة غير الشرعية، وقامت بتكثيف وجود الجيش الإسباني لمواجهة تسلل المهاجرين حتى وصل هذا العام السور الحدودي المزدوج الفاصل بين سبتة والمغرب إلى ثمانية كيلومترات ويبلغ ارتفاعه ستة أمتار.

وعندما قام الملك خوان كارلوس بجولته الملكية الأولى في المدن في نوفمبر/تشرين الثاني 2007م نظمت مظاهرات غاضبة على الجانب المغربي من الحدود وخارج السفارة الإسبانية في الرباط.

وحينها أعربت الحكومة المغربية عن رفضها الشديد والواضح للاستعمار المستمر وأن المدينتين جزء لا يتجزأ من الأراضي المغربية وأن عودتهم إلى وطنهم ستتم من خلال مفاوضات مباشرة مع إسبانيا.

واستغلت إسبانيا بذكاء المغرب بعدم تناول مسألة سبتة ومليلية مع الأمم المتحدة وجعلها قضية ثنائية، واتهمت المغرب إسبانيا بازدواجية المعايير من خلال رفض ادعاءات السيادة المغربية على أنها لا أساس لها، ولكنها تتابع ادعاءاتها الخاصة بجبل طارق.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد