لا تنشر هذا فتنشر الفتنة

أغرب مبررات شاهدتها لإزالة منشور، لم تكن لعدم صحة الخبر، أو لمخالفة قيم وعادات، وأذكر مثالاً لبعض المنشورات ولماذا طلب بعض المتابعين حذفها، يتمثل الأول في نشر خبر على موقع إخباري لصحيفة سعودية يصف حركة حماس بمنظمة إرهابية، وتلته حملة من بعض نشطاء على مواقع التواصل بنشر مجموعة من الفتاوى لبعض علماء المملكة السعودية تؤكد أن حركة حماس منظمة إرهابية.

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/10 الساعة 06:06 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/10 الساعة 06:06 بتوقيت غرينتش

أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها الفيسبوك وتويتر، مصدراً هاماً للأخبار، وفي كثير من الأحيان مصدراً للخبر العاجل، تنافس وكالات الأنباء العالمية ومحطات الأخبار الدولية والمحلية، وبوجودها تحوَّل المواطن العادي إلى مراسل إخباري في لحظة الحدث، فنقل المباشر أصبح متاحاً للجميع لحظة الحدث وأصبح شاب واحد من خلال جهاز الجوال قادراً على أن يتحول إلى مذيع ويغطي حدثاً محلياً أو دولياً لمجرد وجوده في المكان.

ومع هذه النقلة في علم الصحافة والخبر وغياب المهنية والرقابة، وفي بعض الحالات اللامبالاة بأهمية الحدث، ظهرت الأخبار المفبركة وغير الصحيحة وانتشر هواة الفوتوشوب، فكان لهم الأثر السلبي على بعض الأخبار، وتشكيك في صحتها، ومع ذلك أصبح الفيسبوك وتويتر المكان الأمثل لنشر الاخبار، وخاصة عند وجود رقابة من بعض الدول على الوكالات ومنعها من العمل، وظهور صحفيين هواة على مواقع التواصل عُرفت مهنيتهم، وباتت المحطات الإخبارية الكبرى، مثل: "الجزيرة" و"bbc عربي" وغيرها، تفرز مساحات خاصة لنشرات مواقع التواصل الاجتماعي.

وأي خبر تجد من يقبله ومن يعترض عليه، وتقاسمت الآراء على ما يُنشر على مواقع التواصل بين مستنكر، أو مُفاجأ، ومؤيد وأخيراً معارض، وهناك من يقوم بإعادة نشر الخبر ويعلق عليه أحياناً، وهناك من يزيل الخبر بالكامل من صفحته ولا يرغب في مشاهدته، وهناك من يتوجه إلى الناشر ويطلب إزالة المنشور، ويبرر ذلك بعدم صحة الخبر أو وجود متناقضات به، أو مخالف للعادات والتقاليد.

إلا أن أغرب مبررات شاهدتها لإزالة منشور، لم تكن لعدم صحة الخبر، أو لمخالفة قيم وعادات، وأذكر مثالاً لبعض المنشورات ولماذا طلب بعض المتابعين حذفها، يتمثل الأول في نشر خبر على موقع إخباري لصحيفة سعودية يصف حركة حماس بمنظمة إرهابية، وتلته حملة من بعض نشطاء على مواقع التواصل بنشر مجموعة من الفتاوى لبعض علماء المملكة السعودية تؤكد أن حركة حماس منظمة إرهابية.

في حين وصف بعض هؤلاء العلماء إسرائيل بالدولة الإسلامية السُّنية! فكان طلب بعض المتابعين، وخاصة من دول الخليج العربي، حذف المنشورات، ليس لعدم صحتها، ولكن لعدم أهميتها وعدم وجود خير في نشرها، وأن نشرها يسبب فتنة وكره الدول الإسلامية للدولة السعودية وحكامها وشعبها، ومن باب أولى غض البصر عن الفتوى. وأنا أتساءل: لماذا صدرت الفتوى ونُشر الخبر على صحافة السعودية؟! ولماذا صدرت هذه الفتاوى إذا كانت تُسبب هذه المشاكل؟!

نشرت العديد من المواقع الإخبارية العالمية العربية والأجنبية العديد من الأخبار عن جرائم الإبادة العرقية ضد المسلمين في بعض دول العالم وتتمثل كبرى هذه الجرائم بإفريقيا الوسطى وبالتأكيد كبراها، ما يتعرض له مسلمو الروهينغا في أراكان على يد البوذيين.

ومع ذلك تجد من يعترض على نشر الأخبار والصور ومقاطع الفيديو القادمة من هناك، ويطلب حذف المنشور على مواقع التواصل، ليس لكذب في المنشور أو تزوير الصور والفيديوهات، وإنما يطلب ذلك حتى لا تكون هذه الصور والفيديوهات سبباً في إثارة حماسة الشباب فيغضب لدينه وأمته ويخرج في رحلة جهاد لنصرة إخوانهم المستضعفين من الروهينغا، فيكون سبباً في هلاكهم.

فالدول الإسلامية في حال لا يسمح لها بنصرة الروهينغا، ولا يجب تأجيج المشاعر؛ حتى لا تُجبر الدول الإسلامية على شن هجوم مثلما تقوم دول التحالف العربي الآن في اليمن من عمليات حزم، أو حربها على الإرهاب الإسلامي كما هو الحال بسوريا، أو تهديد بعقوبات ومحاصرة كما يحدث مع قطر.

وهنا لي تساؤل جديد: لماذا الدول العربية؛ بل والإسلامية، عاجزة عن نصر المستضعفين من المسلمين، مليار وما يزيد على 300 مليون، بما يشكل سدس سكان الأرض، ولا يمكنهم وقف مجازر يقوم بها بعض الحاقدين؟! لماذا تشتري الدول العربية الأسلحة بمئات المليارات؟!

لماذا يجب ألا نغضب لحال الأمة؟! ألم يقل رسول الله: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى" (رواه مسلم)، أم أصبحنا نبرر الضعف والذل الذي وصلنا له، ونكتفي بالحياة تحت المثل القائل: "يسلم راسي"، وأصبحنا أقرب إلى قوم فرعون؛ إذا قال، سكت الجميع، كثرة بلا قيمة، لا نرى إلا ما يرى فرعون، فهو صاحب الرأي السديد والعلم الرشيد، وعنده مفاتيح الخير وبيده مفاتيح الرحمة والعذاب؟! ولنا في سوريا أسوة لمن يعترض على هذا الحكم السديد والرأي الرشيد، فأصبح ينطبق علينا قوله تعالى: "فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ".

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد