تنويه: هذا النص غير موضوعي وغير منطقي ومبنيٌّ على افتراض بعيد المدى، فإذا كان لديك احتمال التصديق بوجود نظرية المؤامرة المخطط لها في القضية الفلسطينية، فبإمكانك قراءة النص حتى النهاية، أما عكس ذلك فالبقاء معنا فكرة غير جيدة.
نظرية المؤامرة، حسب الموقع المفضل لطلبة الجامعات: مصطلح يشير إلى محاولة شرح السبب النهائي لحدث أو سلسلة من الأحداث على أنها أكاذيب، وغالباً ما يحال الأمر إلى الحكومات على أنها متآمرة بشكل منظم وهي وراء تلفيق الأكاذيب، كثير من مؤمني نظريات المؤامرة يدّعون أن الأحداث الكبرى في التاريخ قد هيمن عليها الكاذبون وأداروا الأحداث السياسية من وراء الكواليس.
افتراضي الضخم والمضحك هو: أن الفصائل الفلسطينية بمختلف أطيافها ليست عاجزة سياسياً، وأن عدم تحقيق المصالحة هو خيار سياسي، وأن أحداث الانقسام عام 2007 ليست كارثة بالمعنى الدقيق، وأن كل ذلك مخطط تمت صياغته وهندسته بدقة منذ فترة طويلة، قبل 10 سنوات بالتحديد، وذلك بعد انتخابات يناير/كانون الثاني 2006 بفترة بسيطة.
وهناك كان مخطط أكبر من ذلك، صاغته إسرائيل وبدأت أولى خطواته بتنفيذ خطة فك الارتباط الأحادية الإسرائيلية عام 2005، التي تسمى بحسب التوقيت المحلي لقطاع غزة "الانسحاب، والانتصار الأول".
بالطبع، كل ما يأتي لاحقاً في النص سيكون باعتبار أننا أشياء رخيصة غير مرغوب فيها تأتي "فوق البيعة" مع حكم غزة أو الضفة.
ربما الرئيس عباس فهِم قبلنا جميعاً أنه خسر غزة لحماس بلا رجعة، فهم ذلك مبكراً فقرر أن يُسقط نفسه بنفسه، ثم أعلن عن حلّ الحكومة العاشرة "حكومة حماس"، كشخص يحاول أن يستفز خصمه ليدفعه للاعتداء عليه على مرأى ومسمع من شهود، فيخرج هو بكدمة على وجهه وبشهادة أنه لم يبدأ الاعتداء، وبمبرر ورُخصة لممارسة أي أسلوب عقابي ضد خصمه في غزة.
أذكر تفاصيل أحداث 2007، كان هناك اشتباكات وإطلاق نار وقذائف وحواجز كثيرة، ومنع تجول تقريباً، إلا أن الأمر كان أشبه بالتزام البيت بسبب طقس عاصف وماطر بالخارج، وبفطرة فتى بعمر 16 سنة أحسست بأن الأمر "نكتة بايخة"، حتى وصلنا إلى 14 يونيو/حزيران 2007، ليتحول الانقسام السياسي إلى انقسام جغرافي.
أفترض أن أكثر المتفائلين من حركة حماس لم يتوقع السيطرة الأمنية على غزة كاملةً في غضون أسبوع تقريباً، وأكثر المتشائمين من فتح، التي تملك الأمن الوقائي وحرس الرئيس وفرقة الموت ومواقع محصَّنة ورصاصاً أكثر من مخزون القات في اليمن- لم يتوقع خسارة غزة بشكل كامل أيضاً، كل ذلك حدث فجأة ونحن ننظر بصمت لمن يتحكمون في مصيرنا، لا تنسوا نحن أشياء "فوق البيعة".
حسناً، ليس لديّ أي شيء لدعم هذه النظرية الفرضية الاعتباطية، سوى السيد محمد دحلان، الذي كان حينها الذراع اليمنى لعباس، والرجل الأمني الأول ومستقبل حركة فتح، وأيضاً القيادي الذي يشكل التهديد الأكبر على عباس، وهذا الأخير كأي سياسي لديه أقل القليل من الدهاء والفطنة سارع للتخلص من أداته التي استخدمها أو "حرقها" في مخطط غزة عام 2007، فقرر فصله نهائياً عام 2011، بعد خلافٍ طويل.
عباس كان ذكياً، فتحكّم في مقدار سقوطه المحتوم بغزة، ومهَّد للتخلص من أكثر قيادات فتح طموحاً، وبعد ذلك وضعه بـ"خانة الفاشل" الذي لم يقدر على المحافظة على غزة وخسرها للخصم المباشر حركة حماس.
كما أن عباس لم يعد يفكر في غزة، ولا يريد انتخابات أخرى ينافس فيها على الحفاظ على منصبه "إحنا كبرنا على الحاجات هذه"، فترك غزة وحدها، وتركها حجةً لإبقاء الخلاف مع حماس، التي بدورها حصلت على أرض تحْلبها وتحكُمها ولن تتخلى عنها لا بانتخابات تشريعية ولا بالجن الأزرق.
ربما كان من الممكن عودة فتح لغزة، بعد اتفاق مكة، أو بعد حربي 2008، 2014، أو حتى بالتنسيق الإسرائيلي وبالوساطة المصرية، ما أقصده أنه كان هناك أكثر من فرصة للعودة، لكن عباس قال العودة لصداع 2006، "لا يا عمي شكراً".
أخيراً، من يملك القدرة على إبقاء صرف الرواتب لأكثر من 55 ألف شخص طيلة 10 سنوات، هو نفسه من يقدر على قطع هذه الرواتب، هو نفسه من يقطع عنهم كل شيء، وهو يدري أن الطرف الآخر لن يكون أكثر رحمة، وهذا هو الشخص نفسه القادر على تنفيذ مخطط مثل هذا أو استغلال مخطط إسرائيلي أكبر منه، كما قلت، نحن أشياء رخيصة "فوق البيعة" فقط.
وربما كل ما قتله محض هراء، وأني متأثر جداً بمؤامرات وأحداث مسلسل House of Cards الذي يتحدث عن السياسة الأميركية وعن طموح عضو فاسد في الكونغرس يصل إلى البيت الأبيض.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.