وأخيراً خرج الصمت العربي، وسمعنا صوتاً للوحدة، ورأينا إجماعاً كبيراً بين الدول العربية، بارقة خير في الأفق، نعم وأخيراً يجتمع العرب في دار الندوة من جديد، ويحملون معهم الرأي والمشورة للقضاء على الخصم الجديد، وكما أقسموا على الدم على جمع رجل من كل قبيلة، يقسمون اليوم على قطع العلاقة، لا ليس مع المحتل الإسرائيلي، وليس مع حلفائها الغربيين، إنما على قطر، الدولة الخليجية العربية، فقطر أصبحت تشكل الخطر الأكبر على دول الخليج، ويجب القضاء على هذا الخطر، ولكن من حقنا أن نتساءل: أين هو الخطر؟ بل أين هو التهديد؟
كما اجتمع العرب قديماً في دار الندوة؛ كي يحددوا الخطر، ومن خلفه حددوا أسباب الخطر، ولم يعد خفياً على أحد أن السبب الرئيسي لاجتماع العرب في ذلك الزمان كان الخوف على مصالحهم الاقتصادية من الضياع، فإن العرب اليوم يجتمعون خوفاً على مصالحهم أيضاً من الضياع، فما أشبهها الأسباب، مع اختلاف الأزمان، وضعت الخطة، وكل من حضر اجتماع دار الندوة عرف دوره، فقطع العلاقات، ومنع الملاحة البحرية والجوية وغيرها من وسائل الحرب اللاأخلاقية تشن على قطر، والهدف قلب نظام الحكم، كما بدأ تصريح وكالة الأنباء الخاصة بدار الندوة، فالعرب اليوم رقاق القلوب، لن يحملوا رجالهم على القتل المباشر، ويفرقوا دم الضحية بينهم، فالحصار يمكن أن يكون أفضل من القتل، فمع الحصار والتحريض قد يخرج أحد ويشكل الطابور الخامس، ويقلب نظام الحكم، وعندها يصالح لينال شرعية.
لم يعد السؤال: لماذا عُقد اجتماع دار الندوة بعد ألف وأربعمائة عام؟! بل السؤال لماذا قطر؟
من المنصف والعدل ذكر أن قطر تحتضن قناة الجزيرة، أكبر صرح إعلامي عربي حر أربك حسابات كل مَن عاش في ظلام، ومن المنصف أيضا التأكيد أن قطر تحظى باحترام الشعوب العربية، فهي على وفاق مع الشعوب، والداعم الأول للقضايا العربية، وعلى رأسها فلسطين، وحركات التحرر، والمقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس، أكبر فصيل مقاوم في فلسطين،
كما أن قطر تلعب دوراً سياسياً مهماً على مستوى العالم، ولها وزنها؛ حيث لعبت دور الوسيط السياسي في العديد من القضايا العالمية، إن ما حققته قطر من تقدم ومكانة أثار الغيرة في نفوس إخوتها من دول الخليج العربي، وكما كاد إخوة يوسف ليوسف، يكيد العرب اليوم في دار الندوة إلى أخيهم، كما كان ليوسف فرج بأن يجعل أباه يكرهه ولا يفضله على إخوته، فإن لقطر فرجاً وطريق خلاص بإغلاق قناة الجزيرة، وطرد حركات المقاومة، وعدم مناصرة الشعوب العربية.
أقف اليوم، ولي في اجتماع دار الندوة الأول نموذج، لقد خاب مَن اجتمع في دار الندوة، وذهب تدبيرهم، وثبت فشلهم، وخرج مَن مكر له إلى العالم إلى نور فعلا شأنه، ولم يسعف إخوة يوسف مكرهم وتآمرهم على أخيهم، فقد يسر الله أمراً ونجاه من مكرهم، ومكن له حتى كان سبباً في نجاتهم.
متضامن مع قطر؛ لأن قطر لم تخذل الشعوب يوماً، ولم تهدد أي دولة، سواء كانت عربية أو غير عربية، متضامن مع قطر، وكلي أمل أن الله سيجعل لها مخرجاً، وأنها ساعة عصر لن تدوم وستعود الأمور إلى طبيعتها، متضامن مع قطر وأنا أعلم إذا ما نجح الحصار وقلب نظام الحكم في قطر، فستكون دولة الكويت التالية على القائمة،
متضامن مع قطر وعين تدمع على اجتماع العرب من أجل تدمير دولة عربية، وعجزهم على مدار ستين عاماً من الاجتماع من أجل أولى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين، متضامن مع قطر، وأنا أعلم أن لقطر ديناً وواجباً وتضحية، فهي السباقة المعطاءة، متضامن مع قطر، وأنا على يقين أن اليوم ليس كالغد، وإذا ساد ظلام، فلا بد للشمس أن تشرق.
كان الله مع قطر وحماها.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.