اقتلونا

تجلدنا سياط الحنين إلى صهيل الخيول، إلى الملاحم.. إلى البطولة إلى المجد إلى فارس يعيد لنا سيرتنا الأولى

عربي بوست
تم النشر: 2017/07/02 الساعة 05:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/07/02 الساعة 05:31 بتوقيت غرينتش

أيا أعداءنا اقتلونا

تجلدنا سياط الحنين إلى صهيل الخيول،
إلى الملاحم.. إلى البطولة
إلى المجد
إلى فارس يعيد لنا سيرتنا الأولى
إلى خولة
إلى قعقاع
إلى أي مفخرة.. وإلى كل مفخرة

وبرغم هذا فإن هممنا لا تعرف داراً لها سوى المقبرة!

حق لكم أن تخرجونا من هذه البلاد
من الأرض
من الكوكب.. من المجرة
لأنكم تعلمون ونعلم
أنه ومنذ حين لم يعد فينا عنترة

اقتلونا

فقد أدرنا ظهرنا لأقرب الأقرباء
وأسلمناهم للغريب يريق دماهم وينثر الأشلاء
صرنا لا نرقب في بعضنا إلّا ولا ذمة
وصرنا يذبح بعضنا بعضا
صار القتل هوايتنا
وصرنا نسبح في الدماء
دماؤنا التي باتت أهون ما في الوجود علينا
بعد أن أصبحنا نتنفس الكراهية بدلاً من الهواء
وأنتم ترقبون وتضحكون
فلا أقلتنا الأرض ولا أظلتنا السماء
بعد أن رضينا أن نكون سيوفاً بيد الأعداء!

اقتلونا

فقد تركنا نور الحق المبين
وخرج فينا ألف سامري
لفتنا ظلمتهم حتى صرنا قبائل ينكر بعضنا بعضا
وأصبحت لنا عجول من كل شكل ولون
خوارها يصم الآذان والقلوب
ويظل يعلو ويعلو حتى لم يعد في الدروب
إلا صوت خلافاتنا واختلافاتنا الذي ينعق به كل الدجالين والكذابين والأفاقين والأفاكين والجزارين الظانين أنفسهم حاكمين باسم العالمين

اقتلونا

فقد صمّت آذاننا عن صرخات اليتامى
ونواح الأرامل والثكالى
ولم تحرك دموع القهر في عيون الرجال فينا ساكنا
ولم يهتز بداخلنا شيء والقنابل.. كل أنواع القنابل.. تدك بلدانا كانت لنا أوطانا
واختلت موازيننا ولم نعد نميز الغث من السمين
فبتنا نرحب بكل جيوش العالمين وهي تغزو أراضينا
لم يبق أثر لنخوة فينا
وعندما فكرت ضمائرنا بتأنيبنا أودعناها مستشفى المجانين

اقتلونا

أنتم لا تخشوننا
تعلمون أننا لسنا لكم ندّا
فلا قلاع لنا ولا حصون تحمي دياراً أو تصد عدا
وتدركون أننا بالأفعال قبل الأقوال
أثبتنا لكل أمم الأرض أن لا رغبة لنا بقتال

فلماذا تتركوننا؟
ألأننا نجيد التهريج فنحن تسليتكم المفضلة؟
الأنكم ترون في أجسادنا أهدافاً جيدة لتعليم جنودكم الرماية؟
ألأن بلادنا ساحات مثلى لتجريب كل جديد لكم في عالم الأسلحة؟
ألأننا سوقكم الأكبر؟ فهنا تبيعون كل منتجاتكم..هنا تلقون كل ما تتفتق عنه صناعاتكم، وزراعاتكم، وتكنولوجياتكم، وأفكاركم، وسياساتكم

الأن مؤسسات حقوق الإنسان عندكم تأبى كوننا نعد من البشر؟

أسبابكم وجيهة حقة لإبقائنا أحياء
ولكن لا سبب لنا يدعونا للبقاء
وأنتم معروفون بإنسانيتكم
فنرجوكم أن تعيدوا النظر

اقتلونا

فنحن لم نحفظ للماضي ذكرى هدى أو فتوح
طمرنا كل أثر لعلم أو إقدام
وملأنا الحاضر بالندوب والجروح
صار واقعنا تحار به الأفهام
ولم نُبق للمستقبل أي باب مفتوح
عققنا أجيالاً قادمة بأكملها مع سابق الغباء والإجرام!

اقتلونا

فنحن لسنا جديرين بالحياة
ونحن أجبن من أن نذهب للموت بأنفسنا

اقتلونا
من تخلفنا
من تشتتنا
من ضياعنا
من هواننا
من ذلنا
من حياة لم يعد فيها حياة.. أنقذونا

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد