حتى لا تغضب السعودية وقطر

يُحكى قبل سنوات، وحينما كان الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي يترأس البلاد، أن اتصل بالملك محمد السادس هاتفياً، وحذره من قطر ومن قناة الجزيرة بشدة، وقال له إن القناة تشكل خطراً على بلدينا عليك بطردها كما فعلتُ أنا بتونس، فكان جواب ملك المغرب هو إغلاق الاتصال في وجه الرئيس التونسي.

عربي بوست
تم النشر: 2017/06/25 الساعة 03:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/06/25 الساعة 03:11 بتوقيت غرينتش

لم يكن حتى أشد المتفائلين بالمغرب كدولة صاعدة، يعتقدون بأنه سيأتي يوم يرسل فيه المغرب مساعدات إلى قطر، وينشر القطريون على صفحات تويتر ابتهاجاتهم بوصول حليب "سنطرال" التابع للهولدينغ الملكي إلى متاجرهم.
يُحكى قبل سنوات، وحينما كان الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي يترأس البلاد، أن اتصل بالملك محمد السادس هاتفياً، وحذره من قطر ومن قناة الجزيرة بشدة، وقال له إن القناة تشكل خطراً على بلدينا عليك بطردها كما فعلتُ أنا بتونس، فكان جواب ملك المغرب هو إغلاق الاتصال في وجه الرئيس التونسي.
في تلك الأيام، كان لقناة الجزيرة مكتب في الرباط، وكان طاقمها ومراسلوها يطيرون إلى الأرياف والمناطق النائية، ويُنقلون صوراً عن معاناة أهالي المناطق، تقارير تستضيف مواطنين بعضهم صرح أنه يظن بأن الملك الراحل الحسن الثاني لايزال في الحكم، كتعبير عن درجة الانعزال التي وصل إليها هؤلاء السكان، فبالكاد يعرفون من يحكم المغرب.

تحولت الجزيرة إلى قناة مزعجة للرباط، وهناك من ظل يتساءل إن كان أيّ تقصير قصده المغرب نحو قطر حتى تشن عبر إعلامها هجمات على الرباط، فقرر المغرب العمل بتوصية بنعلي وترحيل الجزيرة من الرباط.
عرف الجميع أن المغرب جد ودود وسخي مع قطر وأمرائها، فأغلبهم فُوِتَت لهم ضيعات فلاحية ضخمة في المغرب وبُنيت بأسمائهم مستشفيات كبرى، وهلم جرا من "السخاوات" التي يُقدمها المغرب للقطريين، ولم يعرف أحد إلى الآن، ماذا تعطي قطر للمغرب حتى تكسب وده وحبه وسخاءه!

أما السعودية خادمة البيت الأبيض، ظلت صديقة للمغرب منذ قرون، فعندما بدأ أهل عبد الوهاب في تأسيس مذهبهم كانت أواصر التقارب والصداقة ممتدة إلى الشيوخ والفقهاء المغاربة وخاصة القرويين منهم، وبطريقة أو أخرى، عندما قسم الوهابيون المذهب حسب الهوى والمجرى، استمد المغرب نصيبه من المذهب المالكي، وقد باعت واشترت الوهابية في المغرب نصيباً وفيراً من منتوجاتها المختلفة، كتب وأفلام رعب عن عذاب القبر وخطب مشايخ.. فكانت منذ مطلع التسعينيات التجارة الدينية الوهابية شيئاً مزدهراً في المغرب.
وفي كل عام، يأتي الأمراء السعوديون للاصطياد في غابات المغرب، والتنزه في ضيعاته التي باتت مملوكة لهم، وفي تلك الفيلات الشاسعة مساحة وجمالاً على ساحل أكادير والصويرة وأصيلة..
وحتى لا تغضب السعودية، يعمل المغرب بتفان في حجب أيّ شيء من شأنه أن يُشوه السعودية، وأن يتم تيسير أيّ شيء من شأنه أن يرفع من هبة المملكة الوهابية، فقد منعت ندوات وكتب مناهضة للسعودية وأدخل إلى المغرب شيوخ وكتب تمجد الفكر الوهابي..
وفي مقابل كل ذلك، تنعم السعودية على المغرب بالطائرات المحملة، والأموال الطائلة عبارة عن هبات، وعندما وصل حليب المغرب إلى قطر، تحركت قناة العربية للإشادة بجبهة البوليساريو، عسى أن تضغط على الجرح الذي يُؤلم المغرب، فاحتار المغرب أين يقف، كما احتار إزاء أزمة الخليج الحالية.
وفي خضم كل ذلك، لا يجب أن تكون السياحة بديلاً عن السياسة.. ومن غير المناسب أن يُغادر من يشاء في أية رحلةٍ بمجرد أن يجد الرُّعاة.. ثم يزعم أنه يمارس "الدبلوماسية الشعبية" للصالح العام.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد