بداية أوجه نداء إلى إخواني وأخواتي المغاربة جميعاً:
حذارِ من تقسيم الشعب إلى فئتين ما يسمى بـ"عياش"، وما يسمى بـ"مناضل"، مع العلم أن الغائبين عن هذا الجدال من أفراد الشعب (وليسوا بالقليل)، هم أناس يؤمنون بالتغيير والإصلاح عبر خطوات تدريجية فهم ضد الانتفاض والاستسلام في آن واحد.
صاحب النظر البعيد والدارس للتاريخ الحديث يعلم أن من يسير هذا الكوكب هو مجلس الأمن الدولي، الذي تسيطر عليه خمس دول، تعتبر نفسها عظمى، وتمارس أبشع وأكبر ديكتاتورية على مر العصور.
هل يعتقد إخواننا الغاضبون أن من يستنزفون ثرواتنا باسم حمايتنا (الولايات المتحدة وفرنسا بالنسبة للنموذج المغربي) سيسمحون لشعب لا يدرك حتى كيفية تسيير نفسه في حراك شعبي منظم أن يسير ثرواته بهذه السهولة.
المقارنة مع الجار الإسباني غير ممكنة، رغم القرب الجغرافي لتباعد وعي الشعب وحتى مع النموذج السوري غير جائزة لاختلاف التركيبة السوسيوثقافية.
لدينا نموذ ج يمكن القياس عليه وهو تونس (مسقطرأسي)، التي قامت بتغيير رموز النظام بالطريقة الأكثر سلمية، مقارنة مع البقية المتناحرة – ليبيا، مصر، اليمن، سوريا- ورغم ذلك عاد صندوق النقد الدولي بأمر مجلس الأمن ليعيق نهوض البلاد بديون جد ثقيلة، مع تجميد أرصدة الهاربين سابقاً في سويسرا وبقية الجنات الضريبية عوض إعادتها لتونس لبناء البلاد، وزرعوا لهم شوكة تعيق التقدم، وهي الميليشيات الإرهابية التي استعملها محركو خيوط الدمى في العالم في إسقاط النظام الليبي، فانقسم شعب تونس إلى مؤيد لوصول الإسلامويين للحكم عن طريق اقتراع نزيه، ومعارضين لهذه الشرعية، كأنهم هم من يقتلون شعبهم وعناصر جندهم.
سذاجة شعوبنا وقلة وعيينا، مقابل قوة وتخطيط عدونا الحقيقي، تجعلنا أسهل من العجيبة في أيديهم كلما أردنا "الحراك".
سقوط العراق أكبر دليل على محاربة الأمثلة الساعية إلى التقدم في عالمنا الثالث، فصدام حسين جعل من بلده مجالاً خصباً للبحث العلمي، وتكاثرت فيه الجامعات كالفطر، زيادة على قوة عسكرية تقض مضجع إسرائيل، وتمنعها من التقدم في مسعاها للشرق الأوسط الجديد، بقيادة إسرائيل العظمى (وهو طبعاً حلم؛ لأن نهايتها اقتربت ورب الكعبة)، فكان لا بد من غزو العراق بدعوى وجود أسلحة الدمار الشامل وإحلال الديمقراطية بعد "ديكتاتورية" صدام حسين المناضل، جاءت يد الغدر والخيانة من الداخل؛ لأنه استعصى في المواجهة، لم يستطيعوا حتى أن يضعوا أسلحة نووية على الأقل؛ ليكملوا مسرحيتهم باكتشاف ما ادعوا، وتجاهلنا كل ذلك؛ لأنهم سلموه لمعارضيه من الشيعة ليعدموه، ثم بعد ذلك أنشأوا الديمقراطية المثالية التي وعدوا بها كلاب العراق بمعدل ديمقراطيتين ناسفتين كل ثلاثة أيام، حتى يلهوهم عن الثروة {نفط العراق} تستغله يد الاحتلال الدولي، وتقتسمه كالضباع، في حين أن البلد يدمر ولا يعمر.
لا يكفي حتى أن نبكي دماً على البصرة والكوفة وأرقى الجامعات في تاريخ البشرية، لكن على الأقل نتبصر جيداً قبل أي خطوة إلى الشارع تحت مسميات تميزنا بأعراقنا وجذورنا، أولى خطوات الزوال هي الانقسام والتفرقة.
الحذر واجب، وتحديد الهدف مهم جداً، يجب أن نتبصر بدقة متناهية لنرى من هو عدونا الحقيقي، وندرك مدى قوته، وكيف يمكن الالتواء على قبضته؛ لأننا حتماً أضعف منه (حلف الناتو) أكبر وأنذل ديكتاتورية على مر العصور بيد قوى استعمارية في الأمس القريب.
هذا تحليل شخصي متواضع لما أعايشه من أحداث لست فيه ضد أحد، ولا مع أحد، لكني مع الأفكار التي من الممكن أن تعطي حلولاً استراتيجية بعد دراسة واعية وشاملة لعواقب كل خطوة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.