ينذر الخلاف بين قطر وجيرانها العرب بتقويض إقبال المستثمرين على منطقة الخليج ككل، وهو الأمر الذي ينعكس في احتمال ارتفاع تكاليف الديون الحكومية وربما إبطاء وتيرة الإصلاحات الاقتصادية في السعودية.
وقطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات وخطوط النقل مع قطر في الخامس من يونيو/حزيران الجاري، متهمين الدوحة بتمويل "الإرهاب" وهو ما تنفيه قطر بشدة.
وكان من شأن ذلك إدخال المنطقة في حالة من الاضطراب الدبلوماسي، تتسبب حالياً في عزوف المستثمرين.
الصورة تغيرت
وقالت بريجيت لوبريس، رئيسة الديون الناشئة والعملات لدى "ناتيكسس" لإدارة الأصول بباريس، والتي تدير أصولاً بنحو 350 مليار يورو (392 مليار دولار): "كنا معتادين منطقة يعمها الهدوء نسبياً، والآن الصورة تغيرت".
وأضافت: "لسنا مستعدين بعدُ لزيادة انكشافنا على المنطقة. نحتاج إلى معرفة ما إذا كانت الأزمة قاصرة على قطر أم أنها قد تمتد وتؤثر على دول أخرى، أو إذا كانت الأزمة من الممكن أن تتفاقم".
ومن بين المجالات الأبرز، الديون السيادية، حيث من المحتمل أن تؤدي الأزمة إلى زيادة تكاليف الاقتراض.
وإلى الآن، يبدو أن المستثمرين الأجانب مرتاحون للاحتفاظ بحيازاتهم من الأوراق المالية القطرية؛ بسبب حجم الاحتياطي الذي تتمتع به البلاد والأصول التي بحوزة الصندوق السيادي (جهاز قطر للاستثمار).
وزاد العائد على السندات السيادية الدولارية القطرية التي تستحق في 2026 بأكثر من 40 نقطة أساس، بعد إعلان العقوبات في الخامس من يونيو/حزيران، لكنه تعافى بنحو 20 نقطة أساس منذ ذلك الحين.
وانتاب السندات السيادية لبقية دول مجلس التعاون الخليجي بعض الضعف في أعقاب الأزمة الدبلوماسية مباشرة، لكنها عادت إلى حد كبير إلى مستويات ما قبل الأزمة.
تصريحات قرقاش
لكن مدى استمرار هذا الوضع قد يتحدد في ضوء الفترة التي ستستمر فيها الأزمة، التي قد تمتد "سنوات"، وفقاً لما قاله الوزير الإماراتي أنور قرقاش.
بيد أن ماكس ولمان، مدير المحافظ لدى "أبردين" لإدارة الأصول بلندن، قال إن الحديث في السوق يجري عن أن الأزمة الدبلوماسية سيجري حلها عبر الوساطة السياسية.
وأضاف: "لكن، إذا ما قامت دول مثل البحرين وسلطنة عمان أو حتى السعودية بطرح إصدارات هذه الأيام، فأعتقد أنه ستكون هناك علاوة مخاطر طفيفة تتراوح بين 10 و15 نقطة أساس في السوق الأولية إلى الثانوية؛ بسبب الضبابية السياسية الحالية".
الإصلاحات السعودية
ثمة خطر آخر قد يكون محدقاً بالإصلاحات الاقتصادية السعودية التي يعتمد الكثير منها على التدفقات النقدية القادمة من مستثمرين.
وقالت آشا ميهتا مديرة المحافظ لدى "أكاديان" لإدارة الأصول: "قد ينتاب القلق المستثمرين بشأن تحميل السعودية لنفسها ما يفوق طاقتها في الوقت الذي تستمر فيه الحرب باليمن وتؤثر فيه الإصلاحات في الداخل سلباً على معنويات المستهلكين".
وأشار مسؤول مصرفي بارز -نفذ أنشطة استثمار مصرفية واسعة في الشرق الأوسط- إلى إدراج شركة أرامكو للنفط كإحدى القضايا المحتملة.
وقال المسؤول لـ"رويترز"، طالباً عدم نشر اسمه: "إذا استمر الموقف على هذا النحو وخططوا لطرحهم العام الأولي، فستنهال عليهم أسئلة بشأن هذا (الاضطراب السياسي)".
وعلى الرغم من أن الطرح العام الأولي لـ"أرامكو" من غير متوقع أن يتم حتى 2018، تستعد المملكة لبيع حصص الحكومة في مطارات وشركات للرعاية الصحية والتعليم بهدف جمع 200 مليار دولار.
والخصخصة جزء من الإصلاحات التي تستهدف تقليص اعتماد السعودية على النفط، بعد أن أضر انخفاض أسعار الخام باقتصاد المملكة وأدى إلى الضغط على مواردها المالية.
وقال بنك أوف أميركا ميريل لينش، بمذكرة صدرت في الآونة الأخيرة، إن العوامل الجيوسياسية قد تؤجل الإصلاحات، لكنها لن تخرجها عن مسارها.
ما بعد محمد بن سلمان
لكن عملية الإصلاح السعودية قد تحظى ببعض القوة الدافعة من إعلان الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد ليحل محل ابن عمه، في إعلان مفاجئ يؤكد أن نجل الملك سلمان، البالغ من العمر 31 عاماً، سيكون الحاكم القادم للمملكة.
ويقف الأمير محمد بن سلمان وراء الإصلاحات الاقتصادية الشاملة التي تهدف إلى إنهاء اعتماد المملكة على النفط كجزء من حملته.
وبحلول الساعة 06.51 بتوقيت غرينتش، لم يشهد خام القياس العالمي مزيج برنت تغيراً يُذكر، ليقبع عند 46.02 دولار للبرميل الأربعاء، وهو أدنى مستوى في عدة شهور، بعد أن هبط نحو اثنين في المائة في الجلسة السابقة، مسجلاً أدنى مستوى تسوية منذ نوفمبر/تشرين الثاني، في الوقت الذي لا يكترث فيه المستثمرون بالأدلة على الالتزام القوي باتفاق لخفض الإنتاج العالمي.