محاكمة نشطاء الريف محاكمة للحرية

الريف يعني النخوة والبطولة والمجد والريادة، فكان من الطبيعي أن ينتفضوا اسألوا التاريخ عن الريف إن كنتم لا تعلمون مَن هو، كما لم يكن غريباً أن يبزغ أبطال وثوار من هذه البقعة الثائرة على الفساد والاستبداد والأثرة بكل أنواعها كائناً مَن كان يمثلها.

عربي بوست
تم النشر: 2017/06/20 الساعة 04:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/06/20 الساعة 04:25 بتوقيت غرينتش

لقد تتبعت الحراك في الريف جيداً مما يمكنني أن أقول إنه لا يوجد جديد، فالريف دائماً يصنع الحدث.

الريف يعني النخوة والبطولة والمجد والريادة، فكان من الطبيعي أن ينتفضوا اسألوا التاريخ عن الريف إن كنتم لا تعلمون مَن هو، كما لم يكن غريباً أن يبزغ أبطال وثوار من هذه البقعة الثائرة على الفساد والاستبداد والأثرة بكل أنواعها كائناً مَن كان يمثلها.

كما لم يكن غريباً أن تسعى السلطة العلمانية بالمغرب نحو عرقلة هذا الحراك الاجتماعي والسلمي الذي يوحي بأن شباب الوطن ما زال حياً لم يمت، وما زال بإمكانه أن يلعب دوراً ريادياً في السياسة المغربية كما عودتنا، فقد سعت نحو قمع هذا الحراك المبارك في هذا الشهر المبارك، وسعت نحو التنكيل برموز هذا الحراك، متهمة نشطاء هذا الحراك السلمي والشرعي بالمس بسلامة الدولة الداخلية وإحداث التخريب والنهب وتدبير المؤامرة للمس بالسلامة الداخلية للدولة، والمس بالسلامة الداخلية للدولة، عن طريق تسلم مبالغ مالية وهبات وفوائد أخرى مخصصة لتسيير وتمويل نشاط ودعاية من شأنها المساس بوحدة المملكة المغربية وسيادتها وزعزعة ولاء المواطنين للدولة المغربية ولمؤسسات الشعب.

ومما يثير علامات استفهام كبيرة أن هذه الاتهامات الموجهة للنشطاء ذكرت فيها الدولة أربع مرات، رغم أن المظاهرات لم تتطرق للدولة التي هي كيان معنوي يتضمن جميع مؤسسات المجال العام، وكل أعضاء المجتمع بوصفهم مواطنين، وإنما نددت بأشخاص بعينهم، ولا يمكن أن يكون هؤلاء الأشخاص هم الدولة، فهناك فرق بين الدولة وأشخاص يضعون سياسات للدولة، هذا خلط بينهما.

لقد جرى تحريف الشعارات التي رُفعت في الحراك من محاربة الفساد المستشري داخل مؤسسة الدولة إلى زعزعة ولاء المواطنين للدولة ولمؤسسات الشعب المغربي، وكأن من خرجوا في المظاهرات أطفال صغار، وليسوا مواطنين على دراية بالفساد الذي يستشري في قطاع كبير من مؤسسات الدولة.

إحدى التهم التي تبكي وتضحك في نفس الوقت هي تهمة المس بالسلامة الداخلية للدولة عن طريق تسلم مبالغ مالية وهبات، وهذه المبالغ والهبات هي مبلغ 2700 درهم، تهمة كبيرة جداً بُنيت على أساس ضعيف جداً، هذا المبلغ لا يكفي لزعزعة استقرار مقهى، إن من يريد زعزعة استقرار أي دولة لا يدفع هذا المبلغ التافه، ومن يريد القيام بهذه المهمة لا يتلقى هذا المبلغ الحقير، أضف إلى ذلك أن العالم بأكمله يعلم سبب خروج هذه المظاهرات المباركة، كما يعلم أنها كانت عفوية، وبسبب موت الشاب محسن فكري.

والغريب أن تهمة كبيرة لم يصدر بسببها أمر بضبط وإحضار أحد النشطاء هي المس بسلامة الدولة وتدبير مؤامرة للمس بسلامة الداخلية، لكنه أصدر بسبب مقاطعة خطيب مسجد، وكأن كل هذه التهم الخطيرة غير كفيلة بتحريك وكيل الملك لإصدار هذا القرار ومقاطعة خطبة جمعة كفيلة بذلك.

هذه الاتهامات تعكس انعدام العدالة، وتوحي بأن هناك أزمة في العدالة المغربية، كما تعكس وجهة نظر السلطة العلمانية من حرية التعبير وحق التظاهر، في الحقيقة تريد السلطة تمرير رسالة إلى المعارضين لسياساتها بأنه في حالة عدم الرضوخ، فهذه هي النهاية، لسان الحال يقول: إن أنت اعترضت على سياستنا غير الحكيمة وعلى الغلاء والفساد، فأنت عميل تريد زعزعة استقرار الوطن، أليس هذا هو الظلم بعينه؟

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد