ألَّا تكون واقعياً لأجل الوطن

لا يزال شعورنا بالخيبة مستمراً ونحن نشهد النكبات المتزاحمة على عتبات مشروعنا الوطني، لم نعد نملك أن نقدم للوطن أكثر من ألا نكون واقعيين في ظل هذا الواقع.

عربي بوست
تم النشر: 2017/06/19 الساعة 05:20 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/06/19 الساعة 05:20 بتوقيت غرينتش

لا يزال شعورنا بالخيبة مستمراً ونحن نشهد النكبات المتزاحمة على عتبات مشروعنا الوطني، لم نعد نملك أن نقدم للوطن أكثر من ألا نكون واقعيين في ظل هذا الواقع.

ثمة ما يوجب علينا أن نرفض التفكيرَ ضمن حسابات ما نستطيع وما لا نستطيع، بأن نخرج حسابات الممكن والمستحيل من قاموسنا، فلا قيمة ولا أهمية لما هو ضمن قدرتنا وما فوقها، ثمة واجب أكبر يدفعنا لنعلن سخطنا ومَقتنا لمن يريد منا أن نسقف أحلامنا بأيدينا، غير مبالين بالإمكانات، وغير مكترثين بما جرت عليه العادات وطبائع الأمور.

قصص الحب في الحرب أصدق وأعمق، كلمات زعيم ثائر أقرب إلى القلب من وريده، وحدها كفيلة لتولِّد لنا شعوراً مؤقتاً بالسعادة وتحقق إيماننا بأننا أصبحنا أحراراً في لحظة يغيب عنها الخوف، وحدها ستخلق فرصةً لحتمية الفعل الذي انتظرناه في نصرة قضية المظلومين والمهمَّشين، وحدها ستؤسس لخطاب جامع سيبشرنا بغد أفضل نكون فيه كما نريد.

طفولة بريئة لولد لا يهتم لنظافة ملابسه، مهما كان ثمنها سبباً لأن يكبر أفضل، نظرات خجولة لشاب عاشق ستلخص له روايته العظيمة التي إن أمكن سيعيشها، عجوز لاجئة فقدت عائلتها ستبكي فرحاً، تشابه الوجه والمنظر.

كلنا هناك، ننتظر كلماتٍ لا تُبنى على هذا الواقع اللعين والمجحف، هذا الواقع ابن العجز الذي أشعرنا كم نحن بائسين وعاجزين، كم نحن بعيدين عن وطننا ودولتنا، هناك يكفينا الحلم والأمل والإيمان بأن حياة أفضل تستحقنا، كيف لا؟ ونحن نعرف أن من لا يحلم لن يتحرر.

يقال إن النفس هي موطن الأزمنة بأبعادها الثلاثة، فلا ماضي ولا حاضر ولا مستقبل إلا فيها، ليكون حاضر الماضي ذكرياتنا عن ثورتنا المجيدة؛ وقصص لنا فيها بطولات حقيقية، أسماء شهدائنا وتاريخ رحيلهم، أما حاضرنا فهو رؤيتنا لوطن لنا فيه كرامة لا يمسها أحد منا ولا من سوانا، أما مستقبلنا فهو انتظار ما زرعنا، حيث نعانق أسرانا ونجالس بحرنا.

دعونا لا ننسى أن وطناً لنا خير من دولة ليست لنا، شبه دولة مسخ نخجل منها أمام أبنائنا غداً، دعونا لا ننسى أن الإنسان أهم من المؤسسة، فهو بانيها ومؤسسها، دعونا أيضاً لا ننسى أن التحرر من قيودنا وقيود غيرنا أولى من ديمقراطية زائفة تختزل بأصوات داخل صندوق لم يكن يوماً في مخيمنا.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد