تدهشني سياسة إعادة بث البرامج القديمة التي تنهجها كثير من قنواتنا (زعماً راه عندنا بزاف ديال القنوات ههه)، خصوصاً "المغربية" (قال ليك بغات تولي قناة إخبارية، طيروني) و"السابعة أفلام"، وهي بفعلتها هذه كأنها تقول: عزيزي المشاهد، كنا -وما زلنا- ننتج الهراء نفسه منذ 1962، ونحن وفيُّون لعهد قطعناه يروم استبلاد العباد في البلاد وما لنا دونه من مراد.
من جهة أخرى، أنا أعتقد أن السكيزوفرينيا التي يتسم بها المجتمع المغربي لا يلائمها إلا إعلام سكيزوفريني موازٍ، وذلك من أجل إرضاء جميع الأذواق، لا أقصد أبداً تبرير ما تعرضه قنواتنا من إنتاجات مائعة وهزيلة، لكن التناقضات وتعدد الثيمات في القنوات العامة هو أمر طبيعي أينما حللت وارتحلت، مثلاً: القناة نفسها التي تعرض "مسابقة في تجويد القرآن" وتنقل خطبة يوم الجمعة، ستعرض "حفلاً فنياً" يستضيف الشيخات والشعبي نهاية الأسبوع، وستجد أن لكل برنامج جمهوره.
يبقى المشكل أن البرامج الجدية قليلة وغير ناضجة كفاية، وحتى المساحة التعبيرية التي تتيحها تبقى محدودة؛ نظراً للضغوطات التي تتعرض لها القنوات، فهي مجبَرة على توجيه الرأي العام نحو أفكار معينة وتقديم استنتاجات نمطية معدة سابقاً، يقوم المشاهد الغافل باستهلاكها لا شعورياً، حتى يدب الغباء في عروقه شيئاً فشيئاً.
الطريف في الأمر، أن العاملين بتلك القنوات تشبعوا بفكرة السطحية في التعامل مع المواضيع واستحمار الشعب، فإذا بهم يصبحون "مستحمَرين" أيضاً، وحتى لو منحوا فُرصة الاشتغال في وسط أكثر مهنية واستقلالية، لن يستطيعوا مواكبة تغيرات البيئة الجديدة؛ لأنهم اعتادوا الكسل و"النزول للشارع المجاور للقناة؛ كي يسألوا المارة عن رأيهم في القبعات الشمسية"، معتقدين أنهم أنجزوا ربورتاجاً مهماً.
على كل حال، نحمد الله على نعمة المستقبل الفضائي الرقمي، وبعدها نعمة الإنترنت؛ حتى يتسنى لكل شخص اختيار المحتوى الذي يريد، عوض الرضوخ لإعلام مخزني رتيب.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.