أخبرتني صديقة لي بأنها فوجئت بعد انقطاع دواء
"Camcolit" لمدة شهر من الأسواق المحلية، بارتفاع سعره من 10 دنانير إلى 70 ديناراً، وبالنظر للحالة الاقتصادية التي تمر بها البلاد ولغلاء المعيشة فسيحجم العديد عن شرائه، مما سيزيد من سوء حالتهم الصحية، خاصة أن هذا الدواء يتطلب أشهراً لانسحابه من أجسام من يتعاطونه.
بدوره أكد مدير عام مؤسسة الغذاء والدواء الدكتور هايل عبيدات أن هذا الدواء محتكر لدى الشركة المصنعة له في العالم وهي بريطانيا، وقال: تم التواصل معهم لوجود حل لتخفيض سعر الدواء ودخوله الأردن بسعر مناسب، لكن الشركة الأم رفضت ذلك وبشدة مع تمسكها بقرارها وسعرها الجديد.
أود أن أؤكد لمعالي الدكتور هايل عبيدات أن سعر ذات الدواء لم يتغير بالدول المجاورة منذ أكثر من عام، فسعره بالمملكة العربية السعودية 120 ريالاً، أي ما يعادل 22 ديناراً أردنياً، تُرى هل هناك عداوة شخصية بيننا وبين الشركة الأم لتتعنت وتُصر على رفع سعر الدواء بهذا الشكل؟ أم أن هناك احتكاراً للدواء من جهات أخرى؟! بما أن معاليك مهتم بالموضوع لمَ لم يؤمن البديل للمواطنين حتى الآن؟
هذه المقدمة ليس لها علاقة بمقالي، لكن الشيء بالشيء يذكَر، فبمجرد سماعي لهذا الخبر أُضيئت شمعة #غاز_العدو_احتلال بعقلي، فهذا الاحتكار هو ذات الواقع الذي ينتظرنا إذا ما سمحنا لاتفاقية الغاز برؤية النور، أيعقل أن نُعين العدو الصهيوني طوعاً كمحتكر للغاز ليتحكم بنا بالمستقبل؟ فيقطع التيار الكهربائي عنا كلما رغب بذلك، أو كلما رفضنا الانصياع لأوامره.
ما الحكمة يا حكومتنا الرشيدة في تقديم أهم مصدر من مصادر الطاقة لدينا للعدو الصهيوني على طبق من ذهب ليتحكم بنا وهو معروف عنه أنه لا يحترم المواثيق ولا المعاهدات الدولية؟! كيف لكم أن ترهنونا لهذا العدو لمدة 15 عاماً من الآن وهو من لا يؤتمن جانبه لثوانٍ معدودة؟!
لقد بات معلوماً للجميع أن أزمة الطاقة مفتعلة، فلدينا الآن ميناء الغاز المسال بالعقبة الذي بدأ باستقبال السفن في شهر يونيو/حزيران 2015، وأصبحنا نستخدم الغاز في الحرق وتشغيل محطات إنتاج الطاقة والكهرباء وعوضنا خسائرنا، وحتى لو أنني مخطئة بتقديراتي حول الطاقة الإنتاجية لميناء الغاز المسال، فلدينا خيرات أردنية سيادية لن تكلف خزينة الدولة مبالغ تذكر، لكن حكومتنا الرشيدة تأبى أخذها بعين الاعتبار، كالصخر الزيتي، وتوليد الكهرباء عن طريق سرعة الرياح، فلدينا مناطق الشفا غورية المطلة على الغور الأردني؛ حيث يرتفع الهواء إلى التلال المطلة عليه بسبب ارتفاع حرارة الهواء به وهي ظاهرة فريدة من نوعها تتسبب في أن تصل سرعة الرياح لـ10 أمتار بالثانية.
لكن الحكومة تتجاهل هذه الميزة كما تجاهلت من قبل مشاريع الطاقة المتجددة التي لن تأخذ أكثر من سنة لتنفيذها، والتي ستغطي النسبة العظمى من استهلاك سكان المملكة قد تصل لـ80%، مثلها مثل عدة دول من العالم النامي وصلت لهذه النسبة، وأخرى من العالم الصناعي المتطور كألمانيا وأيرلندا والدنمارك والنمسا ستصل قريباً لهذه النسب المرتفعة.
للعلم فشركة مصدر اتفقت مع دولة الإمارات على بيع الكيلووات بسعر 3 سنتات، لكن لم يعلن حتى الآن عن سعر الكيلووات الذي اتفق عليه مع شركة مصدر بالأردن لحفظ ماء وجه حكومتنا الموقرة، ومنعاً لتعرضها للحرج، بسبب تدني السعر بالمقارنة مع السعر الذي تم الاتفاق عليه مع الكيان الصهيوني، فوفق حسابات الخبراء سيكلف الكيلووات من غاز الكيان الصهيوني بين 7 و8 سنتات.
ما يحزنني هو الاستخفاف بعقولنا، فحكومتنا تراهن على جهل الشارع الأردني، رغم أننا من يضرب بهم المثل بالخارج بثقافتنا واتساع مداركنا، فالسعر الذي تم توقيع اتفاقية "غاز_العدو_احتلال" عليه هو أعلى من ضعف السعر العالمي المتعارف عليه، كيف نوقع على 6٫5 دولار للمليون بي تي يو في حين أن السعر العالمي هو 8٫2 دولار وهو سعر قطر وشركة سوناطراك الجزائرية والسعر الموجود بالولايات المتحدة؟
إن المادة 33 من الدستور الأردني تنص على أن "المعاهدات والاتفاقيات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدولة شيئاً من النفقات أو مساس بحقوق الأردنيين العامة أو الخاصة لا تكون نافذة إلا إذا وافق عليها مجلس الأمة، ولا يجوز في أي حال أن تكون الشروط السرية في معاهدة أو اتفاق ما مناقضة للشروط العلنية".
بالطبع لن أستطيع أن أجزم إذا ما كانت الشروط السرية مناقضة للشروط العلنية فيما يخص اتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني؛ لأننا حتى الآن لم نطلع عليها.
أسئلتي كثيرة وتبحث عن مجيب وأكثرها إلحاحاً، أن حكومتنا المصونة مصرة على أن هناك شفافية مطلقة فيما يتعلق بهذه الاتفاقية، تُرى لمَ لا يُتيحون لنا الاطلاع عليها؟!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.