دليل الأنظمة القمعية العربية في احتواء مستحقات الديمقراطية

التأكيد على أن حساسية المرحلة الحالية وطبيعة الصراعات والتحديات التي تواجهها الأمة لا تسمح في الوقت الحاضر بمغامرة الولوج في التجربة الديمقراطية، وإلا تسلل من خلالها أعداء الأمة دون ضابط أو رقيب

عربي بوست
تم النشر: 2017/04/25 الساعة 03:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/04/25 الساعة 03:07 بتوقيت غرينتش

الفصل الأول: الوقاية

هراوة وقاية خير من مدفع علاج، وبالتالي يجب أن تنسق أجهزة الدولة الأمنية والمدنية والتنفيذية جهودها للعمل على إجهاض التجربة الديمقراطية قبل ولادتها، وبما يتلاءم مع المعطيات الثقافية والاجتماعية للدولة ذات العلاقة.

التالي هي مجموعة مقترحات يمكن الاستفادة منها، ولأجهزة الدولة المعنية أن تتبعها جميعاً أو تتبع بعضها، وأن تضيف عليها وتعدلها بناء على معطياتها الموضوعية الخاصة، على أن تستخدم الدولة جميع إمكانياتها الإعلامية والأمنية لهذه الغاية.

1- الرقابة المشددة على أجهزة الإعلام والمطبوعات والصحف وغيرها للتأكد من خلوها مما يمكن فهمه بأنه دعوة لمشاركة الشعب في السلطة (لا قدر الله).

2- التأكيد من خلال مؤسسات الإعلام والتعليم على الخصوصية الثقافية والحضارية والاجتماعية المحلية، والتي تتناقض جذرياً مع مفهوم الديمقراطية المستورد والغريب عن حضارة وتاريخ هذا الجزء من العالم، مع التركيز على التناقض الصارخ بين الديمقراطية ومفهوم ولاية الأمر من جهة، وكذلك بين الديمقراطية والتركيبة الديمغرافية للمجتمعات القبلية والمحافظة والنامية والجاهلة… الخ، والتي ننتمي إليها.

3- القضاء المبرم من خلال الاعتقال والتنكيل والترويع على أي بنية سياسية أو نقابية أو طلابية يمكن أن تتطور في المستقبل القريب أو البعيد إلى حزب سياسي معارض أو حتى موال.

4- التأكيد على أن حساسية المرحلة الحالية وطبيعة الصراعات والتحديات التي تواجهها الأمة لا تسمح في الوقت الحاضر بمغامرة الولوج في التجربة الديمقراطية، وإلا تسلل من خلالها أعداء الأمة دون ضابط أو رقيب، واستغلوا هذا الوضع للنيل من الأمة ومقدراتها، وفي هذا السياق ينصح باختراع أعداء وهميين ومؤامرات محلية ودولية وبطولات أمنية مصطنعة.

5- التنسيق مع مراكز القوى الدولية ذات العلاقة والنفوذ وما يرتبط بها من منظمات إعلامية وهيئات دولية لغض النظر عن موضوع انعدام الحرية وتجاوزات حقوق الإنسان في الدولة المعنية، وفي المقابل لا بد من تقديم تنازلات اقتصادية أو سياسية لصالح تلك القوى.

الفصل الثاني: التحضير

إن عدم نجاح عملية إجهاض الديمقراطية كما تم شرحه في الفصل الأول ليس نهاية المطاف، بل على العكس من ذلك فقد يكون بداية حقبة جديدة من لبس زي الديمقراطية، والتباهي به دون أن يؤثر ذلك على الطبيعة القمعية للنظام وهيكلية المصالح ومراكز القوى فيه، ولكن نوصي هنا بالتحضير الدستوري والتنظيمي المناسب -كي لا تخرج الأمور عن السيطرة وتطل الديمقراطية بوجهها القبيح فيختلط الحابل بالنابل- كما هو أدناه:

1- تعديل الدستور وخلق التشريعات القانونية بحيث يمكن من خلالها القيام بجميع أو بعض ما يلي:
أولاً: إعطاء الجهة الحاكمة القائمة (رأس السلطة) صلاحيات تعليق الدستور وحل البرلمان متى شاءت ودون الحاجة لأي مبرر قانوني.

ثانياً: تقليص صلاحيات الهيئات المنتخبة (مجالس النواب) إلى أقصى حد ممكن -والشكل الأمثل هو جعله مجلساً استشارياً بحتاً إن أمكن- بحيث لا يتمكن من التدخل بشكل مؤثر في إدارة الدولة.

2- تصنيف مواطني الدولة ممن يحملون جنسيتها إلى فئات أولى وثانية وثالثة.. إلخ، مع الاستعانة بالأصول العرقية والمذهبية والديموغرافية والقبلية في عملية التصنيف، ومن ثم السماح فقط لمن يرجى ولاؤهم من هذه الفئات بالمشاركة في العملية الديمقراطية ترشيحاً وانتخاباً.

3- تقسيم المناطق الانتخابية وحجم التمثيل لكل منطقة بحيث يكون الثقل الأكبر للمناطق والمجموعات المرجو ولاؤها أو الممكن شراء أصواتها.

4- اختلاق هيئات تشريعية موازية يعين أعضاؤها من قِبَل السلطة الحاكمة (مجلس أعيان)، وتخويلها حق نقض قرارات الهيئات المنتخبة.

5- تحييد رموز المعارضة المحتملة من خلال بعض أو كل المقترحات التالية:
أولاً: التغييب القسري للمعارضة حظراً (لفرد أو مجموعة أو حزب) أو سجناً أو نفياً أو تصفية.

ثانياً: حجب مرشحي المعارضة عن الجمهور من خلال التعتيم الإعلامي والمداهمات الأمنية لحملاتهم الانتخابية، وفي المقابل تقديم أكبر دعم مالي وإعلامي لمرشحي السلطة.

ثالثاً: اشتراط موافقة بعض أجهزة الدولة على شخص المرشح، وشرعية الأحزاب المشاركة بما يضمن إمكانية استبعاد أي طرف يشكل خطورة حقيقية مع التأكيد على الاستبعاد بداعي الولاء لجهات خارجية.

رابعاً: شراء ذمة من يمكن شراء ذمته من شخصيات المعارضة بالتلويح لهم بجَزَر السُّلْطة (وليس السَّلَطة).

6- الدخول في ترتيبات وصفقات جانبية مع مراكز القوى المحلية والقبلية والأقليات لدعم مرشحي السلطة مقابل مكافآت سخية لشيوخ ووجهاء الطرف الآخر.

7- فتح المجال لتنقل البطاقات الانتخابية للموالين عبر حدود الدوائر الانتخابية بشكل يزيد من فاعليتها.

8- استبعاد أي رقابة دولية على الانتخابات باعتبارها تدخلاً في سيادة الدولة وشؤونها الداخلية.

الفصل الثالث: إجراء الانتخابات

يجدر التنبيه في هذه المرحلة إلى ضرورة عدم التراخي والاطمئنان بأن النتيجة قد حسمت بفضل الإجراءات السابقة بل على العكس من ذلك يجب أن تتم تهيئة أجهزة السلطة للتعامل مع ما يستجد من أحداث متوقعة أو عفوية بشكل مباشر وحاسم، هذا وتشمل تحضيرات هذه المرحلة:

1- توظيف آلية مضمونة تسمح للموالين بالتصويت لأكثر من مرة في أكثر من مركز.

2- استبعاد ممثلي المعارضة من مراكز الفرز.

3- تورية بعض من لا تسمح لهم وظائفهم أو أوضاعهم بالانتخاب ممن يُضمَن ولاؤهم -كأفراد الأمن والجيش في بعض الدول- ضمن جمهور المنتخبين؛ لينتخبوا كما وُجِّهوا.

4- تجهيز صناديق انتخابية كاملة جاهزة للفرز بما فيها من نماذج تصويت معبأة مسبقاً لصالح مرشحي النظام لاستبدالها بالصناديق الحقيقية في الوقت المناسب (وهو في العادة عند نقل الصناديق من مراكز الانتخاب إلى مراكز الفرز).

5- عند الضرورة القصوى وفي مناطق تركز المعارضة استخدام القوة المفرطة من قبل أجهزة الأمن لمنع الناس من الوصول إلى مراكز الاقتراع.

الفصل الرابع: ما بعد الانتخابات

إذا لم تكن السلطة قد ضمنت الأغلبية المطلقة بعد كل ما سبق، فهي في الحقيقة سلطة فاشلة لا تملك الكفاءة المطلوبة، ولا تستحق البقاء وشرف خدمة القوى الداخلية والخارجية التي تمثلها، وفي هذه الحالة لا يبقى أمام الثقات الأوصياء على مصالح أسيادهم من جنرالات وقادة عسكريين إلا:

تنفيذ انقلاب عسكري واستحواذ الجيش على مقاليد الحكم وتعليق العمل بالدستور وإلغاء نتائج الانتخابات مع الوعد بإجراء انتخابات جديدة نزيهة (يطبق فيها جميع ما سبق بحذافيره ولكن بكفاءة أكبر) في المستقبل غير المنظور.

وكل انتخابات وأنتم بخير.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد