القمم العربية وسياسة “بوس الواوا”

يجتمع قادة العرب العظام في البحر الميت للبحث في قضايا الأمة، واتخاذ قرارات مزلزلة تقلب الموازين السياسية والاقتصادية على كامل كوكبنا الفقير، فمنذ انعقاد أول قمة عربية في مصر عام 1946 وحتى القمة الأخيرة، التي عُقدت في موريتانيا عام 2016، خرج الزعماء بعدة قرارات تتراوح بين الإدانة والشجب والاستنكار (وما تعملش كده تاني لو سمحت)

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/28 الساعة 09:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/28 الساعة 09:59 بتوقيت غرينتش

يجتمع قادة العرب العظام في البحر الميت للبحث في قضايا الأمة، واتخاذ قرارات مزلزلة تقلب الموازين السياسية والاقتصادية على كامل كوكبنا الفقير، فمنذ انعقاد أول قمة عربية في مصر عام 1946 وحتى القمة الأخيرة، التي عُقدت في موريتانيا عام 2016، خرج الزعماء بعدة قرارات تتراوح بين الإدانة والشجب والاستنكار (وما تعملش كده تاني لو سمحت)، وتميزت هذه القرارات بالتدرج في انخفاض سقفها فيما يخص القضية الفلسطينية حتى أصبح السقف تحت مستوى الأرض التي نمشي عليها.

ففي القمة الأولى قبل إعلان قيام كيان الاحتلال دعت الدول المجتمعة إلى وقف الهجرة اليهودية إلى فلسطين، والتأكيد على عروبة كل أرض فلسطين، ويبدو أن هذه الدعوات والتأكيدات لم تجد آذاناً تسمعها فتم احتلال فلسطين وقيام كيان الاحتلال بعدها بسنتين.

وفي قمة عام 1964 التي عُقدت في الإسكندرية تم إقرار خطة العمل العربي الجماعي في تحرير فلسطين عاجلاً أو آجلاً، ثم في قمة الخرطوم عام 1967 تم إعلان اللاءات الثلاثة "لا صلح ولا تفاوض مع كيان الاحتلال ولا اعتراف به"، ولكن على ما يبدو فإن هذه اللاءات تلاشت في قمة الجزائر عام 1973، ويبدو أن العاجل والآجل في العمل الجماعي لتحرير فلسطين قد تحول إلى حلم دائم؛

حيث أقر العرب شرطين للسلام مع كيان الاحتلال هما انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة، واستعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه الوطنية، واستمرت بعدها القمم واستمر الهبوط اللااضطراري في القرارات حتى كانت قمة بيروت عام 2002 التي شهدت قنبلة مبادرة "الاستسلام" العربية، والتي أصبحت فيما بعد اللعبة التي يهدد القادة العرب بسحبها من الطفل الإسرائيلي البريء كلما قام بمجزرة أو عدوان أو انتهاكات وليتهم يفعلون،

فالتهديد لم يتعدَّ مرحلة التهديد المهذب، وتضمنت قرارات القمم العربية بعد ذلك التأكيد على هذه المبادرة في كل مرة، إذ يبدو جلياً أن القادة العرب قد اقتنعوا أنهم محكومون لا حاكمين، مأمورون لا آمرين، وأنهم رجال أقوال لا أفعال، والدليل على ذلك انتقالهم من سياسة "أخي جاوز الظالمون المدى" في القمة الأولى إلى سياسة "بوس الواوا" في القمم المتعاقبة بدءاً من عام 1973 حتى الآن.

ومن المؤكد أن قمة الأردن القادمة لن تختلف بأي حال عن سابقاتها، فوجوه القادة لم تتغير، وانحناؤهم لم يقوّم، وبالتالي سيكون هناك المزيد من القرارات الكلامية لا التنفيذية، وسيكون لهذه القرارات من اسم مكان انعقاد القمة نصيب؛ حيث إنها تجري في البحر الميت.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد