قرأت هذا العنوان ذات مرة، فاستوقفني كثيراً، هل الكتابة تشفي حقاً؟
نعم، الكتابة قد تكون الدواء الشافي لإعياء النفس وتقهقرها، جراء ما تصنعه الحياة بنا، أو لربما ما يصنعه من نحب بنا، ذلك إن خصصت نفسي بالأمر.
فعدة مرات تكون الكتابة ملاذي الأوحد لأخرج من نسق الروتين اليومي، وقد تكون الكتابة للنفس أصعب من الكتابة للآخرين، فلعلني أكتب الآن لي أو لكم، ولكم مؤلم عندما نخاطب قلوباً متحجرة، بل لربما تكون أقسى من الحجارة والصخور.
أهرب كثيراً من واقعي للكتابة، فحينا تؤلمني نزوات أيامي ويقهرني مصير أمتي حين أصادف تصرفات، أو بالأحرى سيناريوهات لواقعنا المعاش أهرب للكتابة حين يصعب فهمي.
وقد تكون الكتابة مكان الدواء؛ حيث تكون هي منقباً عن مكان الألم وتعالجه، فهذا ما تفعله بنا الكتابة، فهي أداة رشيقة تتسلل بخفة نحو الألم، فتطلب منك أن تخرج مكنوناتك حروفاً تنسكب على الورق.
والكتابة أيضاً هي الشفاء الذي يأتي بعد مخاض طويل، فأن تخرج نصاً عليك أن تمر بمراحل المخاض الذي يرافقه الكثير من الألم، ألمي الذي بات يرهقني هو استغرابي كيف تغيرت مقاييس تقييم البشر للآخرين بطريقة سريعة وملزمة! فمثلاً وجودنا في العالم الافتراضي كلَّفنا كثيراً وخفض من وجودنا الواقعي في أعين البعض، ووجود الهواتف الذكية وطرق التواصل المختلفة على الشبكات الاجتماعية، كل هذا جعلنا في دائرة المراقبة عند البعض، فبعض الحرية الفكرية والشخصية التي قد نحصل عليها في التعبير عن أنفسنا ومشاعرنا وما نحب وما نكره صار محل انتقاد من الآخرين بطريقة (مرَضية) وهذا ما يستفزني لألجأ للكتابة.
شفائي بها يقويني لأنهض في الغد وأخرج لأقاوم أنماطاً من البشر؛ لأعود بعدها محملة بثقل من الأحاديث والأقاويل ترهق كاهلي، وهكذا دواليك إلى أن أشفي غليلي في إخراج نص يطفئ نيران غضبي.
فللكتابة وجه آخر، ولأيامنا مضمار ممتد، وللحظاتنا قيمة ثمينة، علينا حماية أنفسنا مما قد يصيبها من حزن ونصب وتعب لأمور لا تستحق، فنحن أحوج لطاقتنا فيما ينفعنا ويحقق ذواتنا، ويهب لنا ولمن حولنا السعادة في ابتسامة أو متعة، أو فعل كريم كالكتابة.. دعونا نمتلك قلوباً تشمل كل شيء وترضى عن كل شيء.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.