اليوم بعد مضي أكثر من ست سنوات على انطلاق ما يسمى "الربيع العربي"، أين أصبحت القضية الفلسطينية في خضم ما يجري حولنا؟ هل نسينا فلسطين جرحنا النازف في الجسد؟ كانت فلسطين الهم العربي الأكبر، كانت الشغل الشاغل للمواطن العربي، كانت القضية المركزية الأولى في تاريخ الأمة العربية.
على الرغم من أن تاريخ الأمة مليء بالانقسامات والاختلافات، كانت الأمة العربية كلها قاطبة تنتفض إبان الانتفاضة الأولى والثانية، أتذكر في أيام الابتدائية عندما دخلت معلمتي على الصف ولم تستطِع آنذاك أن تعطينا الدرس؛ لأنها كانت تبكي في ذلك اليوم المشؤوم، ذلك اليوم الذي تم فيه حرق المسجد الأقصى، تلك الدموع الصادقة نابعة من الشعور الذي يخالج كل إنسان عربي في تلك الفترة.
واليوم بعد تغير المشهد العربي منذ عام 2011، بعد ثورة الياسمين التونسية، مروراً بمصر وليبيا واليمن وسوريا، هل أصبحنا نهتم بما يجري في فلسطين؟ وماذا عن الحصار الظالم على قطاع غزة؟ لقد تعرضت القضية الفلسطينية لكثير من الانزواء والتقزيم بسبب ما يجري في الدول العربية.
أعلم جيداً أنه في زمن الثورات يقل الاهتمام بالقضايا القومية وينشغل الناس بمشكلاتهم اليومية، ولكن هذا لا يبرر شيئاً، هل تابع أحدكم رئيس الوزراء الصهيوني في قراره الأخير حول توسيع الاستيطان وابتلاع أراضي الضفة؟ أظن أنّه قرأ الخبر كأي خبر عادي، ومن جهة أخرى ومستهجنة ترى الكثير يجاهر علناً اليوم بدعم الكيان الغاصب على مواقع التواصل الاجتماعي وبكل وقاحة يصفون اليهود بأنهم أولاد عمنا، ويلومون الفلسطينيين عمّا حدث لهم وبأن عليهم القبول بالصهاينة كإخوة لهم.
أتذكر إبان العدوان الصهيوني على غزة صيف عام 2014، الكثير من المغردين العرب هاجموا الفلسطينيين واتهموهم بأنهم سبب ما جرى، هل وصلنا لهذه الوقاحة؟ أتذكر أيضاً في إحدى النقاشات حول ما يجري في فلسطين في إحدى القنوات المصرية قال المذيع "المسألة بتاعة إخواننا الفلسطينيين"!
اليوم أصبح المواطن العربي مشغولاً بتفاصيل يومه كيف يوفر الطعام واللباس لأولاده، وإذا سألته هل تعرف ما يجري في فلسطين؟ سيقول لك: "وما علاقتي أنا"، علاقة من تكون إذاً؟ علاقة المواطن الغربي صاحب الضمير؟ من منا ينسى المواطنة الأميركية "راشيل كوري" التي ماتت دهساً تحت الجرافة الإسرائيلية والتي تصدت بجسدها النحيل محاولة منعهم من هدم بيت فلسطيني، والمشاركين في سفن جاءوا من أجل كسر الحصار عن قطاع غزة كسفينة الحريّة التركية، أتذكر منهم مؤرخاً سويدياً كان يبلغ من العمر 66 عاماً، هل هذا من شأنه أيضا؟!
وفي العالم الغربي أيضاً، أقصد الشعوب، يتزايد التضامن بشكل كبير مع القضية الفلسطينية، حتى أيام العدوان الأخير كانت الصحف اليمينية في بريطانيا ومنها صحيفة "الديلي تليغراف" قامت بنشر أسماء الشهداء الفلسطينيين وأعمارهم في سابقة من نوعها!
أرجوكم لا تنسوا فلسطين، تذكروا الشعب المحاصر في القطاع حصاراً لا إنسانياً مخالفاً للمواثيق والأعراف الدولية، ولا تدعوها قضية هامشية في ظل الظروف الحالية، ولا تسموه صراعاً فلسطينياً إسرائيلياً، وإنما صراع عربي إسرائيلي.
فلسطين هي القضية المركزية الأولى، كانت وما زالت، وهي البوصلة وهي القضية الأم، وهي في الذاكرة دائماً وأبداً، حتى تظل راسخة في العقول، وخصوصاً في عقل الجيل العربي الجديد، حتى لا "يموت الكبار وينساها الصغار".
كي لا نكون ممن قيل عنهم الأمة النائمة، كي نحيي ضميرنا من جديد، لنستشعر بأرواح إخواننا تلامسنا، للدم العربي، للإنسانية التي لن تموت.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.