انتبهوا أيُّها الديمقراطيون.
إذا كنتم ترغبون في الفوز بالانتخابات الرئاسية في 2020، رشِّحوا أوبرا.
رشِّحوا جون ستيوارت.
رشِّحوا أوبرا في منصب الرئيس، وستيوارت في منصب النائب، أو ستيوارت في منصب الرئيس، وأوبرا في منصب النائب.
ستجتاحون البلاد.
السياسة ماتت.
الساسة ماتوا.
هذا ما علَّمنا إيَّاه دونالد ترامب.
الساسة مملِّون.
(وهم كذلك بالفعل. هل يرغب أي شخص حقاً في تناول العشاء مع ميت رومني؟ فعلاً؟).
إنَّنا الآن شعب التليفزيون.
ولا عجب؛ نقضي جميعنا 5 ساعات يومياً، كل يوم، في مشاهدة التليفزيون.
وما الذي نشاهده؟
ليس شبكة "سي سبان C-Span"، (وهي شبكة تليفزيونية أميركية مخصَّصة لتغطية اجتماعات الحكومة وجلسات الكونغرس وغيرها). هذا ما نحن عليه (إشارة إلى عدم الاكتراث بمتابعة الشؤون العامة).
إذاً، حين قرَّر دونالد ترامب الترشُّح للرئاسة، لم يُدِر حملةً انتخابية "عادية" (هذا ما قاله كل شخص، أليس كذلك؟ ليست "عادية"؟) لا. لقد قدَّم برنامجاً تليفزيونياً. حسناً، لِم لا؟ هذا ما يعرف كيف يقوم به. ولا يعرف فقط كيف يقوم به؛ بل ويعرف كيف يقوم به بشكلٍ جيد للغاية. برنامج "The Apprentice" يُصنَّف ضمن أفضل برامج تليفزيون الواقع منذ 10 سنوات. وكل شخص آخر كان يُشاهد شبكة "C-Span". التليفزيون المُترَع بالسياسة. يحصل برنامج "The Apprentice" على 21 مليون مشاهد، بينما تحصل شبكة C-Span على.. هل أنتم مستعدون؟.. 19.550 مشاهد في الساعة العادية!
هل تلحظ اختلافاً هنا؟
"يحصل" دونالد ترامب على ما تحبه أميركا. والأهم من ذلك، يُقدِّم ما يحبّه الأميركيون. وما يحبّونه هو تليفزيون الواقع. عفواً، وكما اعتاد والتر كرونكايت أن يقول، "تلك هي الصورة التي عليها الأمر". وهذا هو السبب في كونه (ترامب) سيصبح رئيساً للولايات المتحدة، في حين أنَّ السياسية المُترعة، والتي تظهر على تليفزيون C-Span، هيلاري كلينتون، لن تكون رئيسةً. هذا ما نحن عليه.
لكنَّ العرض لم ينته؛ بل على العكس، لقد بدأ لتوه.
أساس أي برنامج لتليفزيون الواقع، هو ألّا تتوقَّف الإثارة. فهو أزمةٌ تلو الأزمة. هذا هو ما يسترعي انتباه الجمهور. الآن، عليّ أن أُطلِعكم على سرٍ صغير. برامج تليفزيون الواقع مُصطَنعة. نعم، هي كذلك. عفواً، إنَّها حقيقية بقدر مصارعة المحترفين، والتي هي الأخرى مُصطَنعة. وبالمناسبة، الرئيس المُنتَخب موجود في قاعة شرف "Wrestlemania" (ريسلمانيا) التابعة للاتحاد العالمي لمصارعة المحترفين "WWE". هل كنت تعلم ذلك؟ لقد دخل في 2013. ووصف فينس مكماهون، مصارع أميركي مُحترف، دونالد ترامب بأنَّه "أحد أهم رجالات Wrestlemania".
بالطبع، كنتَ تعلم أنَّ ريسلمانيا ليست حقيقية. لكن، ما يُبقي الجمهور مُتسمِّراً أمام التليفزيون هو أنَّ الإثارة لا تنتهي. هذا هو الأمر الذي يفهمه كل شخص يُتابع تليفزيون الواقع، أنَّه غير حقيقي، وأنَّ الإثارة لا تتوقف أبداً.
الآن، كل من يشاهد تلك البرامج يفهم، بدرجةٍ ما، أنَّ جميعها غير حقيقية، لكنَّهم لا يأبهون. فهم يُصدِّقون "الحقيقة" المُصطَنعة للبرامج. إنَّها مُسلِّية.
وما تعلَّمه دونالد ترامب في عالم التليفزيون، جلبه معه إلى حملته. كذبةٌ تلو كذبةٍ تلو أخرى، الكثير من الكذب لدرجة أنَّ الصحفيين الذين يُدقِّقون في صحة الحقائق انقادوا إلى الارتباك. كان ذلك شيئاً مجنوناً للقيام به، أي تدقيق الحقائق هذا. هل لدينا "مُدقِّقو حقائق" حول ريسلمانيا؟ هل لدينا "مُدقِّقو حقائق" حول سلسلة تليفزيون الواقع Duck Dynasty؟ هل لدينا "مُدقِّقو حقائق" حول سلسلة تليفزيون الواقع House Hunters؟ بالطبع، لا! سيبدِّدون وقتهم بذلك، تماماً كما كانوا يبدِّدونه على حملة ترامب. بالطبع، كانت كلها كذب. هل كان يهم؟ بالطبع، لا.
والآن، لدينا احتمالٌ حيال رئاسة ترامب بأنَّها ستصبح واحدةً من برامج الواقع التي لا تنتهي أبداً، والتي سيضع فيها حقائقه الخاصة، ويخلق عالمه الخاص، ويكون لديه واقعه الخاص، وسيتَّجه المشاهدون صوبه على طول الخط. ولماذا؟ لأنَّ الإثارة لا تتوقَّف أبداً.
حين يُغرِّد ترامب بأنَّ حارقي العَلم (الأميركيين الذين حرقوا أعلام البلاد بعد فوزه) يجب أن تُسحب جنسيتهم، هل يدري أنَّ ذلك أمر مجنون ليُقال؟ بالطبع، يدري. أي شخصٍ حصل على تعليمٍ إلى الصف الثامن في هذا البلد يدري ذلك. لكنَّه يقوله على أي حال. ولماذا؟ لأنَّه أمرٌ "مثير"؛ فهو يجذب المشاهدين. و"يهيمن على دورة الأخبار" (في نقاشات شبكة C-Span)، ويحصل على التقييمات، ويُصدقه الناس. (وبينما يُصدقونه، يغفلون عن ملاحظة أنَّه يُحوِّل الحكومة إلى نادٍ لأبناء المليارديرات). من يكترث! اجلبوا المزيد من تغريدات الساعة الثالثة فجراً المجنونة!
وكيف يرد الديمقراطيون على هذا العالم الجديد الذي يُعيد فيه تليفزيون الواقع تعريف الحقيقة؟ إنَّهم يُعيدون نانسي بيلوسي إلى قيادة مجلس النواب. إنَّ هذا مثل أن تعرض قناة برنامجاً دينياً في وقت الذروة ليلة الخميس.
إنهم لا يفهمون حقيقة الأمر.
اسمعوا، ألم تشاهدوا فيلم The Imitation Game؟ ذلك الفيلم الذي يقوم فيه بنديكت كومبرباتش بدور آلان تورينغ ويحل شيفرة "إنيغما"؛ ليفوز الحلفاء في الحرب العالمية الثانية؟ نعم، هذا هو. على أي حال، أتذكرون عندما قال تورينغ في الفيلم: "لا يفلّ الآلة إلا آلة مثلها"؟ حسناً، فإنه لا يفلّ أحد مشاهير التلفاز غير أحد مشاهير التلفاز. هيلاري لم تكُن منهم. ولم يكُن تيم كين منهم.
إذا ما كان الديمقراطيون يرغبون في الفوز بانتخابات 2020، فليرشحوا أوبرا، فليرشحوا جون ستيوارت، فليرشحوا شخصاً يستطيع الحصول على تقييمات مشاهدة أعلى من دونالد ترامب. إنهم موجودون، فقط لا تبحثوا عنهم بين السياسيين.
– هذا الموضوع مترجم عن النسخة الأميركية لـ"هافينغتون بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.