تسونامي التغيير الأمريكي تجاه الشرق الاوسط

سيكون لهوية الرئيس القادم الذي ستنتخبه الولايات المتحدة تأثير كبير على اتجاه السياسة الخارجية، ولا سيما على أساس كلّ قضية على حدة، وقد تشهد الخيارات بشأن الاتفاقات والشراكات والصفقات والتحالفات القائمة تغيّرات في ظلّ الإدارة المقبلة.

عربي بوست
تم النشر: 2016/10/28 الساعة 03:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/10/28 الساعة 03:08 بتوقيت غرينتش

وكأي شيء في الوجود قابل للتغيير، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بالسياسات العامة للولايات المتحدة الأميركية، وخصوصاً السياسة الخارجية منها، في ظل ظروف من التوتر والمخاوف والتقلبات في جميع أنحاء العالم.

ففي زمن ليس بالبعيد كانت السياسة الخارجية الأميركية تتعامل مع العالم على أنها الدولة الأعظم المهيمنة علي الشؤون الدولية والواصية الشرعية على العالم؛ حيث دخلت حروباً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول عام 2001 في العراق وأفغانستان، مما كبدها خسائر هائلة، مما أدى لعدم رضاء الرأي العام الأميركي عن تلك السياسة التي دفع ثمنها في النهاية الشعب الأميركي.

فبقدوم أوباما لسدة الحكم في 2009 عمل على تغيير عقيدة الولايات المتحدة في سياستها الخارجية خلال فترتي حكمه؛ حيث قرر عدة مبادئ، منها التشارك في تكلفة القيادة العالمية، وخصوصاً بعد أن تبددت كثير من القوة الأميركية نتيجة استخدام القوة الصلبة المكلفة من قِبل الرئيس جورج بوش؛ حيث رأى أوباما أن حلفاء الولايات المتحدة يسعون لاستغلال قوتها العسكرية لتحقيق مصالحهم، ونتيجة لهذا النهج رفضت الولايات المتحدة التدخل العسكري المباشر في ليبيا وسوريا، والتأكيد على نهج تعددي يستند لتفويض دولي، وأيضاً اتباع سياسة الاحتواء الناعمة تجاه بعض الفاعلين في النظام الدولي كإيران، وتم التوصل أخيراً لاتفاق نووي معها، لاحتواء التهديدات الإيرانية والحفاظ على أمن إسرائيل، كذلك اتباع الولايات المتحدة سياسة التوازن المرن مع الصين وروسيا، وتجنب التدخل المباشر في صراعات لا تمس المصالح الأميركية مباشرة؛ حيث لم تتدخل الولايات المتحدة للتصدي لروسيا بعد تدخلها في أوكرانيا وشبه جزيرة القرم وسوريا؛ لأن حسب المنظور الأميركي تعد أوكرانيا على شبيل المثال من مناطق النفوذ الروسية.

كذلك صعود مشكلة تغير المناخ، فتحدث أوباما في هذا الصدد، قائلاً: "إن داعش ليست تهديداً وجودياً للولايات المتحدة، بل إن تغير المناخ هو التهديد الوجودي المحتمل للعالم ككل"، وكذلك اتجاه السياسة الخارجية الأميركية نحو آسيا؛ حيث يرى أوباما أن القارة الآسيوية هي المستقبل؛ حيث يرتبط مستقبل الاقتصاد الأميركي بالقارة الآسيوية، وتبني الكثير من المبادرات الاقتصادية كمنتدى التعاون الاقتصادي لآسيا ومبادرة الشراكة عبر المحيط الهادي.

مجملاً تبنّى أوباما رؤية شديدة السلبية تجاه الأوضاع والتحولات في منطقة الشرق الأوسط؛ حيث أصبحت الأوضاع توصف بأنها حرب الكل ضد الكل، ومن المرجح أن تؤثر هذه المبادئ على توجهات الرأي العام الأميركي وتفضيلات الناخبين، وكذلك السياسة الخارجية للرئيس الأميركي القادم، وهل سيتغير الوضع عما هو عليه في الإدارة المقبلة وفقاً لتوجهات الإدارة المقبلة أم لا؟!

لم يركز السباق الرئاسي لعام 2016 على السياسة الداخلية فقط، لقد لعبت السياسة الخارجية أيضاً دوراً هاماً، ولا تزال تشكّل هذه القضايا جزءاً من أي حملة انتخابات رئاسية؛ نظراً لدور الرئيس كقائد أعلى للقوات المسلحة ومكانة البلاد على الساحة العالمية.

وقد ظهرت قضايا السياسة الخارجية إلى الواجهة، بخاصة مع ظهور المنظمات الإرهابية الدولية، والهجمات الإرهابية في كلّ من فرنسا، وتركيا، وإندونيسيا، وبوركينافاسو، وكينيا، ولبنان، وحتى في الولايات المتحدة.

أصبحت السياسة الخارجية في الواقع موضع التركيز المهيمن على حملات مرشحي كلا الحزبين، وهذا أمر غير اعتيادي من بعض النواحي، لطالما اعتبرت السياسة الخارجية مجال الحزب الجمهوري، وأظهرت استطلاعات الرأي العام منذ عقود أنّ الأميركيين يثقون في الحزب الجمهوري أكثر من الحزب الديمقراطي، عندما يتعلق الأمر بمثل هذه القضايا، ولكن في انتخابات عام 2016، يرغب الطرفان في مناقشة السياسة الخارجية، فيناقش الجمهوريون هذه المسألة من المنطلق الاعتيادي عينه، ويعتبرون أن قيادة الرئيس أوباما الفاشلة قد تسببت بالكثير من المشكلات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط، وإفريقيا، وجنوب شرق آسيا، والصين، وروسيا، وشبه جزيرة القرم، وأوروبا.

فقضايا مثل القضية النووية مع كوريا الشمالية وديناميكيات السلطة مع روسيا، وقضية انفصال بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتداعيات ذلك، وظهور تنظيم الدولة الإسلامية وانتشاره وهجماته في الكثير من البلدان، وقضية الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ستكون أبرز ما يواجه الإدارة الأميركية المقبلة، هذا بالإضافة للاتفاق النووي مع إيران شكل جدلاً، حيث يدعم الديمقراطيون الاتفاق بينهما، بينما يعارض الجمهوريون ذلك الاتفاق بشدة.

في النهاية، سيكون لهوية الرئيس القادم الذي ستنتخبه الولايات المتحدة تأثير كبير على اتجاه السياسة الخارجية، ولا سيما على أساس كلّ قضية على حدة، وقد تشهد الخيارات بشأن الاتفاقات والشراكات والصفقات والتحالفات القائمة تغيّرات في ظلّ الإدارة المقبلة.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد