في الأيام القليلة المقبلة سيقوم الملك محمد السادس، حسب الفصل 41 من الدستور، بتعيين رئيس الحكومة من حزب العدالة والتنمية المغربي، بما أنه الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات 7 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، على أساس النتائج النهائية التي أدلى بها وزير الداخلية محمد حصّاد.
من المفروض تقنياً، أن يعين الملك عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، لقيادة الحكومة الجديدة، كما فعل بعد انتخابات 2011 الماضية، لكنه وخارج الحسابات السياسية، قد يكون حلم بنكيران في الظفر بولاية ثانية مجرد سراب بالنظر إلى عدة أسباب موضوعية، تعود أولاً إلى أن الدستور المغربي لا يفرض على الملك كرئيس للدولة، أن يعين الأمناء العامين فقط لتولي رئاسة الحكومة من الأحزاب المتصدرة للانتخابات، بل يمكنه أن يعيّن عضواً آخر قد يكون خارج الحسابات التي وضعها الحزب في لعبة الشطرنج.
إن ترجيح فرضية إبعاد بنكيران عن كرسي رئاسة الحكومة يعود لعدّة أسباب، من بينها تصريحاته التي تنفي وجود دور لرئاسة الحكومة في المغرب، وتأكيده أن الملك هو الحاكم الفعلي للبلد، ثم إلى التوبيخ الذي وجّه إليه من طرف محمد السادس في خطاب رسمي.
يصعب على الحزب الأغلبي التكهن بعودة عبد الإله بنكيران إلى رئاسة الحكومة، خصوصاً بعدما وجه إليه الملك انتقادات لاذعة في خطابٍ رسمي قائلاً "ما يبعث على الاستغراب أن البعض يقوم بممارسات تتنافى مع مبادئ وأخلاقيات العمل السياسي، ويطلق تصريحات ومفاهيم تسيء لسمعة الوطن، وتمس بحرمة ومصداقية المؤسسات، في محاولة لكسب أصوات وتعاطف الناخبين"، وهو ما فُسّر على أنه توبيخ لرئيس الحكومة عقب تصريحه لوسائل الإعلام بأنه في المغرب "يوجد دولتان، دولة رسمية، ودولة القرارات والتعيينات".
أما التوبيخ الثاني لبنكيران من قِبل الملك فقد جاء عن طريق الديوان الملكي، الذي أصدر بياناً ضد وزير السكنى وسياسة المدينة نبيل بنعبد الله، وصف فيه تصريحات بنعبد الله، أمين عام حزب التقدم والاشتراكية، بأنها ليست إلا "وسيلة للتضليل السياسي"، وذلك بعدما اعتبر بنعبد الله أن مشكلته مع من أسس حزب الأصالة والمعاصرة، قاصداً فؤاد عالي الهمة المستشار الحالي للملك، وقد أوضح مصدر مقرب من القصر لجريدة جون أفريك أن هذا التوبيخ موجه أيضاً لرئيس الحكومة.
إن التوتر الذي طبع الدقائق الأخيرة للولاية الأولى لعبد الإله بنكيران يطرح أسئلة جوهرية حول من سيتولى رئاسة الحكومة المقبلة، هناك مؤشرات كثيرة تدل على أن أصابع الملك تتجه إلى عبد العزيز الرباح، قيادي المصباح الذي عبر في أكثر من مناسبة عن تعاطفه مع فؤاد عالي الهمة، مستشار الملك وصديقه، والذي يعتبره الكثير المنفذ الحقيقي لسياسة القصر.
سيبقى السؤال مطروحاً لبضعة أيام: هل يعود بنكيران إلى الكرسي بالمزيد من التنازلات؟ أم أن الملك سيضع بنكيران جانباً ويختار قيادياً آخر من الحزب لتشكيل تحالف حكومي جديد؟
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.