الجزائر: أفق غامض.. وانتخابات برلمانية فاقدة للحماسة

في أفق 2017 يبدو المشهد الجزائري أكثر غموضاً وضبابية باستثناء استحقاق الانتخابات البرلمانية التي بدأ التسخين والاصطفاف من الآن داخل المولاة وكذا المعارضة من أجل التنافس والظفر بمقاعد البرلمان؛ ليأتي العام الجديد بنفس مخلفات الماضي وربما أسوأ، ولأن الاقتصاد سيكون محور نقاش الجزائريين في العام المقبل بلا منازع

عربي بوست
تم النشر: 2016/09/17 الساعة 04:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/09/17 الساعة 04:51 بتوقيت غرينتش

يستقبل الجزائريون، العام المقبل، انتخابات مجلس الشعب، الغرفة الأولى للبرلمان التي تبدو باهتة بلا جدوى.. بلا رغبة شعبية ولا حماس سياسي، كورقة طريق بلا طريق، أو بطريق ملتوٍ ومهترئ مظلم لا يؤدي إلى شيء..

الأفق مغلق مسدود عن آخره، فلا السلطة تدري ما تنوي فعله بعدما تجمدت جميع الأوراق والمشاريع في يدها، بعد سقوط سعر النفط في الماء، وشح مبين في الأفكار والبدائل خارج إطار الريع البترولي الذي اتكأت عليه الحكومات المتعاقبة في شراء سلم اجتماعي أصبح مكلفاً للحكومة غير مقدور عليه من خزينة الدولة، ولا المعارضة تملك الطموح والجرأة والورقة البديلة للخروج بوجه مبتسم أمام شعب منهك أثقله الفحش في الأسعار والضرائب بفعل سياسة التقشف التي قصمت ظهره وظهر البعير ولا تزال.

تبدو حكومة الرئيس بوتفليقة، بقيادة عبد الملك سلال، مرتبكة وغير واعية بالملفات والتغيرات الحاصلة في الاقتصاد مع تقلبات أسواق النفط العالمية، فكثير من الأوراق ذهبت وتدحرجت من يدها؛ إذ تعودت على حل المشاكل والقلاقل الاجتماعية بالمال والخزينة المملوءة بالريع البترولي، لكنها اليوم مغلولة اليد لا تقوى على فعل الشيء الكثير، وبالكاد تسدد أجور الموظفين، وبخاصة مع التأخر الفادح في إيجاد البدائل الاقتصادية والبرامج التنموية التي تعوض النفط كمورد اقتصادي وحيد تعودت عليه البلاد منذ فجر الاستقلال.

شكلياً وظاهرياً تبدو السلطة مستقرة بعد مرور موجة الربيع العربي بسلام الذي استثنى الجزائر، ما يعد إنجازاً ورشداً تفخر به الحكومة، لكن ما يلفت انتباه المراقبين أن الجزائر السباقة في فتح التعددية الحزبية والسياسية تدحرجت إلى الوراء بفعل الغلق والمنع وتكريس الأمر الواقع بديمقراطية شكلية، بواجهة براقة وواقع بئيس أنتج قتامة وغموضاً شديداً في المشهد السياسي، وبتعددية في المظهر، وأحادية ورداءة وتسلط في المضمون..

أحزاب طفيلية تابعة لأجنحة السلطة تمثل شركات ذات أسهم لأصحابها المال والتقرب من المولاة لمشاطرة الدفء والامتيازات السلطوية، وإعلام فوضوي وتجاري سيطر عليه المتطفلون ورجال الأعمال الجدد، وأبعد عنه رجال المهنة وأصحاب الحرفة، إعلام لم يعرف كيف يتلمس طريقه إلى النضج والمهنية والرصانة والاحترافية والتميز المطلوبة.

أما التجربة البرلمانية والتشريعية الجزائرية فتبدو شحيحة النتائج؛ إذ شهد مجلس النواب أسوأ فتراته في عصر الرئيس بوتفليقة؛ إذ تحول إلى غرفة تسجيل لقوانين الحكومة المعدة سلفاً دون نقاش، ما أفقد البرلمان سلطته لصالح هيمنة الحكومة والمتحكمين في القرار عن بعد؛ إذ لم يشرفه الرئيس بوتفليقة بخطاب واحد، ولم ينزل إليه لمدة 18 سنة كاملة، وسيطر عليه المال الفاسد ورجال الأعمال الذي تعوَّدوا على شراء كراسيهم ولو بتزيين المقاعد بكوتة من النساء مع ترشح عديمي المستوى ومن أصحاب صالات الحلاقة والتجميل.. فسُمّي في الشارع الجزائري ببرلمان الحلاقات.

في أفق 2017 يبدو المشهد الجزائري أكثر غموضاً وضبابية باستثناء استحقاق الانتخابات البرلمانية التي بدأ التسخين والاصطفاف من الآن داخل المولاة وكذا المعارضة من أجل التنافس والظفر بمقاعد البرلمان؛ ليأتي العام الجديد بنفس مخلفات الماضي وربما أسوأ، ولأن الاقتصاد سيكون محور نقاش الجزائريين في العام المقبل بلا منازع، فإن الانتخابات البرلمانية ستكون استفتاء شاملاً لسياسة الرئيس بوتفليقة لمدة 15 سنة الماضية، وسيكون الإخفاق الاقتصادي والاجتماعي محل تجاذبات في انتخابات تحدد حظوظ الرئيس المقبل للجزائر بعد مرحلة الرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد