لا أحد يستطيع منعك من فعل شيء متى ما توافرت لديك الإرادة والمحاولة، الداء الأكبر الذي يعطل أي كيان عن القيام بواجبه هو "العجز"، وهنا يقف صاحب العجز ليسأل كيف؟ رغم أنه هو المطالب بالإجابة عن هذا السؤال.
في الأسطر القادمة سأحاول رصد ملامح الطريق، وأجيب عن السؤال: أين نحن من ذلك؟ وهل ما نعانيه هو غياب الخطة أم سيطرة العجزة؟
الخطوة الأولى: اصنع رمزاً
لن ينفض الناس عن السيسي ما لم يكن هناك رمز أو قائد يلتفون حوله ولو بشكل مرحلي، فالناس يكرهون المجهول، وفي بعض الأحيان يعتقدون أنه المخلّص، ينتظرون كلماته ويؤمنون برؤيته… بطل شعبي تتم صناعته، كما حدث مع البرادعي أيام "يناير" والسيسي أيام "3 يوليو" وسعد زغلول أيام ثورة 19.. وخامنئي أيام الثورة الإيرانية.
الخطوة الثانية: اهتم بالإعلام
كم من حقوق ضاعت بسبب ضعف الألسنة التي تدافع عنها، فلا أمل في انتصار فكرة أو قضية أو ثورة ما لم تكن هناك أذرع إعلامية قوية تدافع عنها وتذبح أعداءها.
كل الخطوات السابقة "صناعة رمز" واللاحقة لإسقاط الانقلاب، سيكون الإعلام فيها سلاحاً رئيسياً، صحيح أننا بدأنا في ذلك، لكن لا يزال إعلامنا هو إعلام الأزمة أو إعلام الحرب كما يصفونه، نحتاج إلى صناعة إعلامية شاملة، قادرة على مخاطبة المجتمع بكل شرائحه.
الخطوة الثالثة: أشعل الغضب
أظهر الفساد، واكشف الحقيقة، ودع الغضب يفعل فعلته بالعمال والفلاحين والصيادين والموظفين والطلبة والمعلمين والأطباء والطبقات الكادحة والفقراء، سيساعدك كثيراً شخص كـ"السيسي" يسكب البنزين من حين لآخر على الأحداث، بفشله وكذبه.
كلمات القائد الجديد الذي تمت صناعته، ستكون أمل هؤلاء، والإعلام صوتهم، والغضب سيتحول بعد وقت قصير لأفعال.
الخطوة الرابعة: جمّع حلفاء
لن تكسبهم جميعاً، هناك من ستشتريه وهناك من ستعده بدور، وهناك ثائر مخلص يريد الحرية فقط، النجاح في هذه الخطوة هو أن تستقطب العدد الأكبر من القوى السياسية والثورية وتعمل على تحييد الباقين، وتفتح نيران إعلامك على المعاندين.. لا تجعل عدوك يحظى بالدعم كله.
الخطوة الخامسة: أغرقهم بالتظاهرات
هنا تأتي مرحلة التظاهرات بعد صناعة القائد وإشعال الغضب وإطلاق الأذرع الإعلامية وشراء الحلفاء، فالتظاهرات وحدها هي حلم الإدارة العاجزة؛ لذا أنا لا أعفي أولئك الذين يدعون للتظاهر ويدفعون الناس للموت، وهم يعلمون أن أوراق كثيرة لا تزال غائبة.
الخطوة السادسة: احسم بالقوة
لا بد من قوة تحسم الصراع، إما إنها ستصل بالشعب إلى كرسي الحكم، أو ستجبر الطرف الآخر على القبول بانتخابات حرة تحت تنظيم ورقابة دولية.
القوة هنا كمشرط الجراح تستخدم بعناية شديدة وفي مواقف محددة، أما هؤلاء الذين اعتقدوا أنهم بدون ظهير شعبي أو سياسي أو إعلامي، يستطيعون أن يفعلوا شيئاً بالقوة المحدودة جداً المتاحة، فهم للأسف بائسون.
نموذج السيسي
تجربة الانقلاب العسكري تطبيق راقٍ وعملي للخطوات الست لإسقاط النظام، فمنذ دعوته للقوى السياسية للعشاء في ديسمبر/كانون الأول 2012 وتتم عملية تلميع له كقائد، بالإضافة للأذرع الإعلامية التي تحدث هو عن صناعتها، وتأجيج الغضب الشعبي بأزمات الكهرباء والبنزين والأمن والمياه، وشراء الحلفاء كالبرادعي والببلاوي وصباحي وغيرهم، ثم تمرد والدعوة لتظاهرات 30 يونيو/حزيران، فـ"الحسم بالقوة" في مشهد 3 يوليو/تموز وحتى 16 أغسطس/آب.
أين يقف الإخوان من خطوات إسقاط الانقلاب؟!
أي مراقب لأداء الجماعة أو الكيانات المناهضة لنظام السيسي، يستطيع أن يكتشف مدى العشوائية التي يخضع لها منطق مقاومة الانقلاب، فرغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على الإطاحة بالتجربة الديمقراطية، لم تتفق القوى الثورية على رمز تستطيع أن تتجمع حوله، أو حتى برنامج واضح لتحركاتها، بل إن بعضها اتجه إلى الانقسام والتناحر فيما بينها، وبقيت أسماء لكيانات وجبهات عاجزة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.