قالها بصمت تنفطر له القلوب.. بهدوء تقشعر له الضمائر وتنحني لعظمته هوام الملوك.. بعنفوان بارد يكسر جبروت المعتدين والمتسترين عليهم على السواء.. براءتي أقوى من طائراتكم، من دباباتكم، من كيدكم الذي ملأت رائحته العالم نتانة وعفناً.. براءتي سيفي المسلول الذي سيقتلع نفاقكم وتآمركم على أهلي وأحبتي ووطني من جذوره.
كان كل مناي أن أعيش طفولتي.. لاعباً، ضاحكاً، مستمتعاً، فاغتالتها أرواحكم الفاجرة ونذالتكم وحولتها دماء وأنقاضاً وأشلاء تناثرت على جبين البشرية الميت.. على ضمير الإنسانية المنتهي الصلاحية.. لكن.. أقولها لكم ثلاثاً.. بقوة بجرأة وبلا كلمات.. كما سبق أن زلزل بها أطفال الغوطة وحمزة الخطيب وإيلان الكردي عروشكم: الله ناصرنا.. الله ناصرنا.. الله ناصرنا.
جلست داخل سيارة الإسعاف وقد غطى غبار إجرامكم جسمي وملامحي، وجبيني ينزف دماً.. لم أكثرت بما حصل وما سيحصل إيماناً مني بأن القدر شاء.. وما شاءه كان.. نظرت لكم عبر عدسات الكاميرات التي وثقت اللحظة بكل تفاصيلها لتبقى حجة عليكم اليوم.. وغداً في محكمة العدل الإلهية.
خاطبتكم بلغة لا تقبل اللبس، بنبرة لم تعهدوها ممن باع وطننا لعرض من الدنيا زائل منتهٍ.. فارتعشت فرائسكم لجلل المقال وتيقنتم أن الهزيمة والمذلة مصيركم ومآلكم مهما طال الزمن وامتد أمد صراعنا معكم.
لكن ما حز في نفسي حقيقة، وكان له أثر غير بادٍ لكم -أنتم يا عميان البصر والبصيرة- في قلبي هو خذلانك أنت.. أنت يا قارئ هذه الكلمات.. يا أيها المتأثر بقراءتها وبالمشهد الدرامي الذي شاء الله أن أتشرف بلعب دور البطولة فيه.. بطولة لا شك ستنساها كما بكيتَ ثم نسيتَ أحبائي حمزة الخطيب وإيلان وغيرهم كثير..
أنت أيها الجالس وراء شاشة حاسوبه الممسك بهاتفه.. تقرأ لا محالة تأثراً بما قرأت ورأيت.. وهذا لنبل فيك أكيد.. لكن عودتني على الخذلان.. على دموع التماسيح.. على انصرافك غداً أو بعد غد لملاهٍ تبعدك عني وعن واجبك ورسالتك في هذه الحياة الدنيا الفانية.. أن تخلص لتعاقدك الرباني الذي قطعته على نفسك قبل أن أكون وتكون.. وقبل أن يكون هذا الوطن وهذه الأرض التي تجمعنا معاً.. نحن الأحبة.. لكن تجمعنا أيضاً بأشرار الخلق ومعاونيهم وما أكثرهم.. أن تؤدي الأمانة التي تحملتها لظلم وجهل منك بعد أن أبت الأرض والسماوات أن تتحملها وأشفقت من جلالها وعظمتها.
أخوك ومحبك السوري الحلبي.. عمران دقنيش.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.