تتكرر نفس الحكاية لعل الشخصيات وحدها تختلف، الهدف واحد الطريقة نفسها… تكوين أسرة، شبح العنوسة، رجل تتكئين عليه، شاب وسيم، يملك بيتاً وسيارة ورصيداً في البنك، يبحث عن عروس بيضاء، سمراء أو حنطية، بغمازات أو بشعر طويل أو محجبة.. تكثر الموصفات التي يتمنى إيجادها في زوجة أحلامه، وقد يوكل هذه المهمة السامية لأمه.
يكفي أن تكون جميلة، وظريفة، وبنت عائلة، والأهم أن تكون مشروع ربة بيت هائلة، في غالب الأحيان لا يهم مستواها التعليمي والثقافي بقدر ما يهم إتقانها للطبخ والشطف وغيرهما، له حق الاختيار وليس لك حق الرفض إنه رجل.
قد يكون اللقاء الأول بينهما قبل عقد قرانهما فيسترق النظر لملامحها، وابتسامتها، وربما مشيتها وطريقة حديثها.
وقد يكون محظوظاً أتيحت له فرص عدة للقائها والتعرف إليها، فيسألها عن إن كانت لها علاقات سابقة مع الجنس الآخر، عن صديقاتها ومدى تعلقها بهم واستمرارية علاقتها بهم بعد الزواج، تجيبه كالبلهاء وتفكر مراراً بعد كل سؤال، وتجيب دون اقتناع منها، أجوبة تتنافى مع شخصيتها، لكنها تتطابق مع شخصيته، تريد أن تبهره بميزاتها وأنها مناسبة والفتاة المطابقة لشريكة أحلامه فقط؛ لأنها سمعت أنه عريس لقطة، وربما لن تمنحها الحياة مثله في المرات القادمة وستغيظ به قريباتها وجاراتها.
الحوار بينهما يكون تافهاً هو يريد شراء أم لأولاده وزوجة تليق به وبعائلته، وهي تقبل البيع.
لم يسألها ولن يسألها ولوهلة عن كاتبها المفضل، عن شغفها بالموسيقى والشعر، لا عن طموحاتها ولا مشاريعها المستقبلية، عن فيلم لا تمل من مشاهدته ومدينة ترتاح فيها، حتى عن أول حب عاشته في طفولتها، لن يحاول اكتشاف جمال عقلها ومعنى الزواج والحب والعائلة لديها، لن يبحث عن نقاط مشتركة بينهما: حبهما للسفر، للكتابة، للسهر، للمطرب نفسه، للبحر، للأطفال.
في كل مرة سيزورهم ستطلب منه تذوق طبق معين؛ لأنها مَن أعدته، ورأيه في فستان ترتديه هي من نسجت خيوطه وورود زينت بها الطاولة هي من قطفتها واعتنت بها، أما في كل نزهة خارج بيتها ستحمل أحمر شفاه ومرآة معها؛ لأنهما السلاح في نظرها، وربما لن تضعه بعد الزواج، ولن تنظر لأي مرآة؛ لأنها ستصعق من شكلها، وزنها، تجاعيد تملأ وجهها، وربما شعيرات بيضاء بدأت تغزو مقدمة رأسها، ستكرس كل حياتها لأجله، وكلما أحست أنه تغير أنجبت طفلاً ليربطها به.
لم تنتهِ الحكاية بعد، ولكن بإمكانك إنهاءها وقت ما شئت، أن ترفضي ببساطة حياة لا تناسبك، يراه الآخرون بمنظارهم كما يريدون، لا تكوني مجرد أحمر شفاه تنتظر في محطة الزواج أي عابر.
تزوجي رجلاً يرى الجمال في روحك قبل وجهك، رجلاً يصفق لنجاحاتك ويفتخر بها أمام الملأ، رجلاً لا يملك حصاناً أبيض ولا قصراً بخدم وحشم، لكنه يملك القدرة على احتوائك ورسم البسمة على شفاهك في السراء والضراء.
الحكاية لم تنتهِ هنا، تبدأ باختيارك أباً جيداً لأولادك، يكون مصدر أمن وود للجيل الذي ينبثق منه.
الحكاية في اختيارك أنت!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.