وتعتبر الصحافة بمثابة مرآة ونبض المجتمع، حيث توفر للقارئ والجمهور المعلومات التي تحدث على الساحة يومياً من أجل إجلاء الغموض، وتكوين رأي عن مجمل ما يدور حول أهم الأحداث المحلية والعالمية، والمعرفة التي تستطيع من خلالها المساعدة في اتخاذ قرار سليم نحو قضية أو ملف بعينه، كما تساعد أيضاً القراء على تفادي المخاطر خصوصاً في الملفات المتعلقة بالنزاعات وغيرها.
وعن دور الصحفي فهو مهم للغاية، خصوصاً في هذه المهنة التي تلقب "بمهنة البحث عن المتاعب" ، وذلك لما يتعرض له الصحفي من مخاطر في الحوادث والقضايا التي ينقلونها أو بعض السلبيات الموجودة في الشارع، ويقومون بتصويرها من أجل نقل المشهد والصورة كاملة تجاه المجتمع.
ومهمته تجمع بين دور الطبيب في تشخيص المرض، ودور المحامي في دراسة وجمع الأدلة، وكيل النيابة في التحقيق والتوثيق، والقاضي في دراسة القضية، إلا أن الصحفي ليس دوره في علاج المشكلة، وليس دوره في الدفاع، وليس مهمته في أن يصدر حكماً، بل في عرض المشكلة بتوازن وموضوعية، والقارئ هو القاضي الذي يحكم على الكاتب بشأن تناوله للخبر بموضوعية وحيادية أو من عدمه.
وعن الموضوعية فهي الحرص على تمثيل كل أطراف القضية، بينما الحياد هو الوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، وعدم الانحياز لطرف على حساب الآخر.
ولكن أعزائي القراء، بعد ما تحدثنا عن الصحافة وأهميتها في المجتمع، مروراً بدور الصحفي الذي يتلخص في التشخيص، ودراسة وجمع الأدلة، والتحقق، ودراسة القضية بدقة حتى تنقل الرسالة كاملة للمجتمع بكل حيادية وموضوعية.
هل القارئ يصدر أحكامه على الكاتب بكل حيادية على الملفات التي يتناولها الصحفي في كتاباته أم غير ذلك؟!
والإجابة بالطبع لا وألف لا، وذلك لأن القارئ أصبح لديه الكثير من المعلومات في كل المجالات والمصادر المختلفة، سواء على النطاق المحلي أو الدولي، وخصوصاً بعد ثورات الربيع العربي التي غيرت مسار العالم في منطقة الشرق الأوسط والعالم برمته، وبإمكانه التعبير عن آرائه بكل حرية دون قيد من أحد، إلا أن البعض من المواطنين يصدرون تعقيبهم على الموضوع وكاتبه وفقاً للميول السياسية والشخصية في ظل الأحداث الحالية المتعلقة بالمنطقة، التي تفقد القارئ الحكم الصائب والرشيد في تحليله للموقف.
ومثال بسيط على هذه النقطة التي لا بد أن تؤخذ بعين الاعتبار أثناء معرفة آراء القراء تجاه الملفات التي تغطى من قِبل وسائل الإعلام، إذا كان وليكن على سبيل المثال (ص) اختصاراً للصحفي الذي يقوم بكتابة خبر ما عن الواقع ويسلط الضوء عليه بموضوعية ومصداقية دون إبداء رأيه الشخصي في الملف المطروح أمام القراء، مقابل أن القارئ (ق) لديه ميول سياسية ودينية معينة من الممكن والمؤكد أن تؤثر تأثيراً سلبياً على النطق بالحكم في التعقيب على الموضوع الذي كتبه الصحفي، خصوصاً إذا كان الخبر لا يتناسب مع معتقدات من يقرأ الحدث.
إذن ينبغي علينا جميعاً سواء كنا صحفيين (نكتب الأخبار من أجل نشر التوعية لدى المواطنين) أو قراء (نتابع الأحداث يومياً من أجل كشف الغموض والمعرفة وتكوين رأي صائب بالإضافة إلى تفادي المخاطر التي قد تحدث وفقاً للأحداث الحالية)، إلى الحيادية ليس فقط على الصحفي فحسب، بل على القارئ أيضاً، وذلك من أجل معرفة الآراء وتحليلات المواطنين بالطرق الصحيحة، التي من خلالها تؤدي إلى تقدم المجتمع وازدهاره.
وخلاصة القول: عزيزي القارئ تابع الأحداث باستفاضة وحلل المواقف بدقة، ووفقاً لما يهدف لإعلاء كلمة الحق ورفع راية الوطن؛ لأنه إذا حدث غير ذلك وقمنا كمواطنين بإصدار أحكام عشوائية على الملفات المطروحة على الساحة، وخصوصاً السياسية، من الممكن أن تهدف إلى إسقاط الوطن في المستقبل.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.