أصبح رئيساً للوزراء بعد ثلاثة أشهر من العشاء

وصلت حيرة السفير خليل زاد بشأن المرشح الأمثل لتولي رئاسة الحكومة العراقية، درجة كبيرة حتى قال "أيعقل ألا يكون في هذا البلد صاحب الـ30 مليون نسمة مرشحاً للحكومة سوى رجل ليس باستطاعته اتخاذ قرار يقصد "الجعفري" وآخر إيراني يقصد "الأديب"، أليس هناك شخص آخر؟

عربي بوست
تم النشر: 2016/07/31 الساعة 05:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/07/31 الساعة 05:26 بتوقيت غرينتش

سمعنا العديد من القصص والعجب العجاب عن كيفية اختيار حكام العراق الجدد بعد عام 2003، لكن قصة صناعة نوري المالكي رئيس الحكومة العراقية لمدة 8 سنوات كانت هي الأبرز والأغرب.

ما سيتم ذكره في هذا المقال ما هو إلا جزء بسيط من تقرير مفصل أعدته مجلة نيو يوركر الأميركية باللغة الإنكليزية عن كيفية وصول المالكي للسلطة..

في أوائل عام 2006 في ذروة المواجهات المسلحة الطائفية، استدعي السفير الأميركي لدى بغداد آنذاك زلماي خليل زاد، إلى دائرة تلفزيونية مغلقة مع الرئيس الأميركي السابق جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني في ذلك الحين توني بلير، لبحث المشهد السياسي في العراق.

كان ائتلاف الأحزاب الشيعية وقتها قد فاز بمعظم الأصوات في الانتخابات البرلمانية التي نظمت في كانون الأول/ديسمبر 2005، في ظل مقاطعة سُنية، لكن مرشح الشيعة وقتها لمنصب رئيس الوزراء، إبراهيم الجعفري، كان يواجه مشاكل جمة أعاقت التوصل لاتفاق مع بقية القوى السياسية لتشكيل الحكومة، وكان الجعفري قد أغضب بوش بتردده وعدم قدرته على اتخاذ القرارات الحاسمة في وقت تغرق فيه البلاد بدم العراقيين.

سأل الرئيس بوش السفير خليل زاد: "هل يمكن التخلص من الجعفري؟" أجاب السفير الأميركي بنعم، لكنه قال إن الأمر سيكون صعباً.

كأن خليل زاد يعمل لمنع الجعفري من تأمين أغلبية برلمانية وتشكيل حكومة برئاسته، وواصل السفير جهوده هذه حتى عدل الجعفري عن قرار تولي رئاسة الوزراء، لكنه اشترط على خليل زاد أن يكون رئيس الوزراء العراقي الجديد من حزب الدعوة.

بدا علي الأديب، القيادي في حزب الدعوة، لكن السفير خليل زاد كان متردداً بشأنه، إذ إن والد الأديب إيراني، وكان كثير من العراقيين على قناعة بأن إيران تسيطر على العراق من الناحية الفعلية.

وصلت حيرة السفير خليل زاد بشأن المرشح الأمثل لتولي رئاسة الحكومة العراقية، درجة كبيرة حتى قال "أيعقل ألا يكون في هذا البلد صاحب الـ30 مليون نسمة مرشحاً للحكومة سوى رجل ليس باستطاعته اتخاذ قرار يقصد "الجعفري" وآخر إيراني يقصد "الأديب"، أليس هناك شخص آخر؟ كان السفير الأميركي ينطق بهذه الكلمات أمام ضابط الارتباط في وكالة الاستخبارات الأميركية، رد الضابط بالقول "لدي مرشح لك" اسمه المالكي.

لم يكن نوري المالكي معروفاً، إلى حد كبير، بين الأميركيين، رغم أنه خدم في اللجنة المكلفة بتطهير الحكومة العراقية من الأعضاء السابقين في حزب البعث "لجنة اجتثاث البعث" استطرد ضابط الاستخبارات قائلاً: "إنه نظيف"، لم يكن فاسداً، وليس لديه علاقة واضحة بأنشطة إرهابية، "ليس لدينا أي دليل عليه"، وعلى عكس الجعفري، كان المالكي "رجلاً قوياً" بنظر أميركا، يبدو قادراً على مواجهة المد الإيراني في العراق!

دعني أقابله، قال السفير خليل زاد في ليلة ذلك اليوم، وخلال مأدبة عشاء في السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء، سأل خليل زاد المالكي إن كان يفكر في أن يصبح رئيساً للوزراء؟ قفز المالكي مدهوشاً.. حسبما يقول السفير خليل زاد..

مع حديث الرجلين، قال المالكي إن باستطاعته تأمين الأصوات لتشكيل الحكومة،
بعد العشاء اتصل السفير بالبيت الأبيض ليبلغ الرئيس بوش بما جرى، أصبح نوري المالكي رئيساً للوزراء بعد ثلاثة أشهر من ذلك العشاء في السفارة الأميركية!

بعد هذه الواقعة التي كتب دهاليزها الصحفي الأميركي "ذيكستر فلكنز" في مجلة "نيو يوركر" تبين أن الاستخبارات الصومالية أذكى وأدهى وأدق من الاستخبارات الأميركية، لأن العراق لم يشهد في تاريخه حكماً ظالماً وجائراً وفاسداً إلا بعد أن تولى نوري المالكي رئاسة الحكومة بعد عشائه في السفارة الأميركية.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد