لم تكن ليلة السادس عشر من شهر يوليو/ تموز الجاري، ليلة عادية بالنسبة لنا، بل كانت ليلة مفصلية في تاريخ المسيرة التي يقودها رجال فعلاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه، من خلال تبوّئهم أعلى مناصب الدنيا، ألا وهي خدمة عباد الله.. إنها مسيرة "العدالة والتنمية".
هذا الصدق، هو الذي قصم ظهر شرذمة الانقلابيين الذين حاولوا في تلك الليلة سرقة إرادة الشعب التركي، وحاولوا وأد الديمقراطية في بلد الديمقراطية.. "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين".
جواب قائد الشرعية، رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة في تركيا، رجب طيب أردوغان لمستشاريه فور تبلغه بمحاولة الانقلاب "ما كتبه الله سيكون، ونحن راضون بحكم الله"، جملة هزَّت القلوب ورفعت المعنويات ودفعت الجميع لبدء العمل والمقاومة والأخذ بالأسباب، مع التوكل المطلق على رب العباد، الذي لم يخذل عبده.
كل الأسباب الدنيوية كانت بيد هذه الشرذمة الخارجة عن القانون، كل المعطيات كانت تقول بنجاح هذه المحاولة الآثمة، لما كانت تملكه هذه الفئة من مقومات مادية كبيرة، بالعقل والمنطق تقول إن فعلتهم ستنجح، ولكنهم نسوا المقومات المعنوية التي يتمتع بها مَن حاولوا الانقلاب عليه.. "ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً".
بالمقابل كانت الأسباب الدنيوية عند أصحاب الشرعية من مسؤولين وشعب، أقل مما هي عليه عند الفئة الباغية، ولكن كانت الأسباب المعنوية الإيمانية هي الراجحة عندهم مع الأخذ بما توافر من أسباب.. "وكان حقاً علينا نصر المؤمنين".
الانقلابيون كانوا يملكون الطائرات النفاثة والدبابات والعربات المدرعة، بالمقابل كان المدافعون عن الديمقراطية لا يملكون إلا السيارات المدنية والشاحنات التي لا تقاوم عادة قوة السلاح النارية.
الانقلابيون سيطروا على أهم وسيلة إعلامية في البلاد، وبالتالي أصبحت بيدهم قوة التأثير على الشعب وبث ما يريدونه من أخبار، ولكنهم لم يتجرأوا على الظهور على الشاشة ولو لثانية واحدة -كما يحصل في أي انقلاب عادة- بل استعانوا بمذيعة عادية تحت تهديد السلاح، لقد أغلقت قلوبهم.
بالمقابل، أصحاب الشرعية لم يستخدموا إلا أجهزة الهواتف المحمولة، ثوانٍ قليلة ظهر فيها قائد الشرعية الديمقراطية كانت كفيلة بتطيير أعظم وسائل الإعلام عند الانقلابيين وأعوانهم في الداخل والخارج.
الانقلابيون كانوا مدعومين بمليارات الدولارات من هنا وهناك، بالمقابل لم يكن أصحاب الحق ممن يتمتعون بهذه المليارات، بل كانوا يملكون القليل القليل منها، مما كان مصدره حلال، لا حرام من أموال المتآمرين.
إنها القيادة الصادقة، خادمة الشعب، وإنه الشعب العظيم بكل أطيافه وطوائفه وقومياته، الجميع وقف صفاً واحداً ضد هذا الانقلاب متسلحاً بالأسباب الدنيوية التي كانت أقل من أسباب الانقلابيين، ولكنه كان متسلحاً بأمر غفل عنه الانقلابيون وداعموهم من الدول الخارجية، إنه الإيمان بالله تعالى والصدق مع الله تعالى طوال الفترة الماضية، فكان الحصاد طيباً نافعاً مباركاً.
مهما كانت الأسباب الدنيوية التي استعان بها مَن قاوم الانقلاب في تركيا، وبالرغم من قِلّتها، فإن الأسباب الربانية هي التي كانت في مقدمة مَن هزم هذا الجمع وجعله يولي الدبر.. "الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل".
بتلك المرأة في أقصى قرى الصومال، وقفت تبكي وتدعو لتركيا وللرئيس أردوغان بالنصر.. هُزم الانقلاب وهُزمت المؤامرة.
بذاك الرجل في بورما، الذي جمع عائلته يتابع الأخبار من تركيا ويدعو الله أن لا يخذل عباده.. هُزم الانقلاب وهُزمت المؤامرة.
بذاك الشيخ في بنغلاديش، الذي ابتلت لحيته دموعاً وهو يتضرع إلى الله لكي لا يسقط أهل الحق في تركيا.. هُزم الانقلاب وهُزمت المؤامرة.
بذاك الطفل في البوسنة، الذي حمل علم تركيا تأييداً للشرعية والحق.. هُزم الانقلاب وهُزمت المؤامرة.
بتلك الشعوب الحرة الطيبة العظيمة المباركة، في كل العواصم العربية الأبية، التي أبهرتنا بوقفتها التاريخية، والتي ذكرتنا بملحة معركة "جناق قلعة".. هُزم الانقلاب وهُزمت المؤامرة.
بكل يد ارتفعت للسماء تناجي الحي الذي لا يموت، ألا يخذل الله مسيرة "العدالة والتنمية".. هُزم الانقلاب وهُزمت المؤامرة.
إنها أيادٍ لا تستحق إلا التقبيل منا، شكراً لها وامتناناً لها على إيمانها ويقينها الحق بالحق سبحانه، وعلى إخلاصها ووقفتها التي لن تُمحى من ذاكرتنا أبداً، ولن يتم خذلانها في المستقبل أبداً.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.