عن حل لقضية الأمم المتحدة قبل القضية اليمنية

إن التنافس بين الموظفين في المؤسسات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، حاد للغاية، ومن المنطق النظر إليه بعين الاعتبار، فعودة أي من هؤلاء خائب اليدين يعني بطالة محتملة يسبقها انتقام مسيء، لا أُسفّه هنا من عمل الوساطة، ولا من جهود وقف الحرب، لكني أُعنف الإسفاف في النظر إلى القضية وتحويلها إلى وظيفة على حساب دماء الأبرياء، ومحاولة فرض رؤية تشرعن لعنف دائم وطائفية مزمنة، أُعنف تحويل مناطق النزاع إلى ماراثون وظيفي خالٍ من الحلول والمنطق والسلام.

عربي بوست
تم النشر: 2016/07/17 الساعة 10:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/07/17 الساعة 10:23 بتوقيت غرينتش

سيصرّ مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن على استمرار المفاوضات بأي ثمن حتى لو لم تكن جدية أو تستند إلى أسس واقعية، وكذا يفعل بعض السفراء ممن يرون أن استمرار المفاوضات نصر لهم ولجهودهم مهما كانت هزليتها، المفاوضات وإن بدت في ظاهرها الرحمة، إلا أنها لا تعدو، كما يرى كثيرون، كونها مشروعا دبلوماسياً يصر على تركيب قطع صُنعت لغايات مختلفة.

لا تفهم الأمم المتحدة ومبعوثها ولا سفراء بعض الدول الغربية القضية اليمنية، ولا أساسها ولا جذورها، كما لا يهمهم حلها أو إيقاف نزيفها، إنما المراد هو نصر دبلوماسي لاتفاق وهمي ورقي يرفع درجات حظوة المبعوث الأممي لدى رئيسه وتساعد السفراء والموظفين الغربيين في مستقبلهم السياسي في بلدانهم، ذلك أنه لا يفهم من وراء الإصرار على ماراثونات الوهم الخالية من الوفاق أو الانسجام أو حتى المنطق إلا أنه يراد تحقيق طموح أو مبتغى شخصي لدى الطامحين من الدبلوماسيين الغربيين ممن يرون العمل في مناطق الصراع إضافة مهمة لسيرهم الذاتية حتى ولو كان ذلك على حساب القضايا الوطنية لتلك الدول.

تجد هؤلاء يحرصون بشكل فاعل على تجميع آراء من سياسيين وناشطين يمنيين تطابق آراءهم التي تمكنهم من صنع نصر وهمي لرفعها لحكوماتهم باعتبارها خطط حل لمنطقة النزاع التي "يغامر" بحياته فيها، ويدرك بعض الناشطين والسياسيين اليمنيين هذه الحاجة فيلبونها، بعض الصحفيين والسياسيين صعقوا من وصف أحد الدبلوماسيين لواحد من أكثر السياسيين اليمنيين ارتزاقاً بأنه عبقري وصاحب "رؤية ثاقبة"، وهو ما يفسر حالة الانفصال الكبيرة بين الرؤى الغربية وطرح القوى الوطنية حول القضية اليمنية.

أكثر الأمثلة وصفاً لهذا الاستخفاف هو رحلة المبعوث الأممي السابق لليمن جمال بن عمر، الذي نجح في قيادة اتفاق المبادرة الخليجية التي كانت تنتظر من ييسر الوصول إليها، وعده اليمنيون بطلاً كبيراً في حينها، غير أنه حين سيطرت الميليشيات على الدولة ونهبت كل أسلحتها ومؤسساتها ولم يجد أمامه إلا اتفاق السلم والشراكة -سيئ الصيت- كطوق نجاة، سارع بقيادة الجميع له ودافع عنه بشراسة، كما دافع من قبل عن المبادرة الخليجية، موقفه من الاتفاقين كان ينبع من حرصه على تحقيق طموحه الشخصي، ففي حين ساعدته في الأولى حالة التوق إلى التغيير لدى اليمنيين، خانه ضيق أهدافه في فهم الأخيرة.

من الحكمة أن يتفهم السياسيون اليمنيون ومعسكر الشرعية بشكل أساسي حاجة الموظفين الدوليين لتحقيق إنجاز يضاف إلى سيرهم الذاتية، وتفهم دوافع الضغط المهول الذي يمارس عليهم وعلى حلفائهم الخليجيين لصنع اتفاق جديد، وإن كان سيفضي إلى ذات نتائج الاتفاقات السابقة، لا بأس بأن يتم إعطاؤهم بعض النصر كصياغة بعض الاتفاقات الجزئية المزيفة؛ كي يكف هؤلاء أذاهم وإساءتهم وتصغيرهم للقضية الوطنية خصوصاً واليمن واقعة تحت أسى اللاسيادة وقيد اللااستقلالية.

إن التنافس بين الموظفين في المؤسسات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، حاد للغاية، ومن المنطق النظر إليه بعين الاعتبار، فعودة أي من هؤلاء خائب اليدين يعني بطالة محتملة يسبقها انتقام مسيء، لا أُسفّه هنا من عمل الوساطة، ولا من جهود وقف الحرب، لكني أُعنف الإسفاف في النظر إلى القضية وتحويلها إلى وظيفة على حساب دماء الأبرياء، ومحاولة فرض رؤية تشرعن لعنف دائم وطائفية مزمنة، أُعنف تحويل مناطق النزاع إلى ماراثون وظيفي خالٍ من الحلول والمنطق والسلام.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد