طالبت عشائر سنية مشاركة في قتال تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الأحد 5 يونيو/حزيران 2015 الحكومة العراقية، بإبعاد الحشد الشعبي (الشيعي) عن معركة استعادة الفلوجة، خاصة بعد الكشف عن انتهاكات ارتكبتها، آخرها إعدام 17 نازحاً قرب المدينة، غير أن قادة بالحشد الشعبي أكدوا أنهم سيدخلون المدينة إذا تأخرت عملية تحريرها من قبل القوى الحكومية.
وقال رئيس مجلس عشائر الأنبار، رافع عبد الكريم الفهداوي، "حذرنا منذ البداية من حدوث انتهاكات تطال المدنيين، وشددنا على ضرورة إبعاد كل إنسان طائفي عن معركة الفلوجة (كبرى مدن الأنبار غربي البلاد)، كوننا نقاتل الأشخاص المنحرفين طائفياً وهم تنظيم داعش"، وفقاً لتعبيره.
وأضاف "يجب على الحكومة العراقية إبعاد الأشخاص الطائفيين (في إشارة إلى الفصائل الشيعية) عن معركة التحرير، لأننا نعتبرهم الوجه الآخر لداعش".
تحقيق دولي
وأشار إلى أن "عشائر الأنبار لا تمتلك حتى الآن إحصائية لعدد المدنيين الذين تعرضوا لانتهاكات، سواء بالقتل أو السب أو الضرب منذ انطلاق عمليات تحرير الفلوجة"، في 23 من مايو/أيار 2016.
بدوره، طالب عضو اللجنة الأمنية في مجلس الأنبار "راجع بركات" الأمم المتحدة بـ"فتح تحقيق دولي حول الانتهاكات التي تعرض لها أبناء الفلوجة والصقلاوية والكرمة (مدن بالأنبار)، على مدى الأسبوعين الماضيين".
وأوضح، اليوم، أن "الانتهاكات طالت المدنيين بكثرة ولم يتم تسجيلهم حتى الآن، لأننا لا نعلم مصير عدد كبير منهم، فما يحدث من انتهاكات، سابقة خطيرة تقوم بها بعض المليشيات".
وفي وقت سابق اليوم، قال سعدون الشعلان، قائم قام الفلوجة، إن هناك "انتهاكات" تعرض لها نازحون من المدينة على أيدي عناصر من الحشد الشعبي، مؤكداً فتح تحقيق بشأن معلومات تشير لإعدام 17 نازحاً.
وتداول نشطاء خلال الأيام الماضية، مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، يُظهر أحد عناصر الحشد الشعبي، وهو يقوم بتعذيب وإهانة نازحين من الفلوجة، كما نُشر مقطع فيديو مماثل يظهر فيه عنصر آخر، وهو يقوم بالاعتداء على نازحين آخرين.
العبادي يتحمل المسؤولية
وكان رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، قد أمر أمس السبت 4 يونيو/حزيران 2016، بملاحقة مقاتلين موالين للحكومة، متهمين بارتكاب "انتهاكات"، بينها القتل، بحق مدنيين خلال مشاركتهم في الحملة العسكرية لاستعادة الفلوجة، من قبضة تنظيم "داعش".
من جهته، حمّل الزعيم السني أسامة النجيفي، رئيس ائتلاف "متحدون للإصلاح" وأعضاء حكومة الأنبار المحلية، أمس العبادي، مسؤولية "الانتهاكات والإعدامات وإهانة أهالي الفلوجة الفارين من تنظيم داعش".
قائمة الانتهاكات
وكان سكان محليون قالوا، في أحاديث سابقة، إن مقاتلي "الحشد الشعبي"، ارتكبوا "انتهاكات" بحق المدنيين في قضاء الكرمة (شرق الفلوجة)، في أعقاب استعادة البلدة من قبضة تنظيم "داعش"، الأسبوع الماضي .
وشرح السكان هذه الانتهاكات، موضحين أن مقاتلي "الحشد الشعبي" فجروا مسجدين في الكرمة، ونهبوا عشرات البيوت، واختطفوا أكثر من 70 مدنياً، وأعدموا لاحقا 17 منهم رمياً بالرصاص؛ إثر اتهامهم بالانتماء لتنظيم "داعش".
كما يقول وجهاء وشيوخ في الفلوجة، إن عشرات المدنيين قُتلوا جراء "قصف عشوائي" شنه مقاتلو الحشد على المدينة.
وكانت منظمات محلية وأجنبية معنيّة بحقوق الإنسان، وجهت اتهامات مماثلة، لمقاتلي الحشد، عام 2015، عند استعادة مناطق ذات غالبية سكانية سنية في محافظتي صلاح الدين (شمال)، وديالى (شمال شرق).
وبدأت القوات العراقية في 23 مايو/أيار 2016، حملة عسكرية لاستعادة الفلوجة، وهي ثاني أكبر مدينة في قبضة تنظيم "داعش"، بعد الموصل (شمالاً)، التي تعد معقلاً للتنظيم المتشدد في العراق.
ووفق الأمم المتحدة، فإن نحو 50 ألف مدني لا يزالون في المدينة، بينهم ما لا يقل عن 20 ألف طفل، بينما تشير تقديرات أميركية وعراقية إلى وجود ما بين 60 و90 ألف مدني بالفلوجة.
هل يدخل الحشد الشعبي الفلوجة؟
وأعلن مسؤول رفيع في الحشد الشعبي الشيعي اليوم الأحد 5 يونيو/حزيران 2016 أن هذه القوات المدعومة من طهران ستشارك في اقتحام وسط الفلوجة في حال تباطؤ عملية استعادة السيطرة على المدينة التي تعتبر أحد أبرز معاقل تنظيم داعش في العراق.
وحددت مهمة قوات الحشد الشعبي والشرطة الاتحادية منذ بدء العملية، التي انطلقت قبل أسبوعين بتحرير ضواحي الفلوجة (50 كلم غرب بغداد) في حين تركت مهمة اقتحام المدينة لوحدات النخبة في الجيش.
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أكد في وقت سابق، أن قوات الحشد لن تدخل المدينة، تجنباً لاحتمال حدوث انتهاكات قد تغذي التوتر الطائفي.
وقال أبو مهدي المهندس، معاون قائد قوات الحشد الشعبي، الممثل بفصائل شيعية "نحن شركاء في التحرير لم تنتهِ مهمتنا".
وأضاف "أنجزنا الواجبات التي أنيطت بنا ضمن خطة التطويق، وخطة التحرير أنيطت بقوات أخرى".
وتابع "نحن موجودون في المنطقة وسنبقى داعمين (للقوات الأمنية) إن تمكنت بسرعة من تحرير المدينة"، لكنه استدرك قائلاً "إذا لم تتمكن من ذلك فسندخل معهم لتحريرها".
وحذر المهندس قائلا إن "إطالة أمد التحرير سيكلف القوات المسلحة تضحيات وسيكلف المدينة تدميراً أكبر، كما جرى في الرمادي" في إشارة إلى كبرى مدن الأنبار التي تمت استعادتها نهاية عام 2015.
كما بعث قادة فصائل تعمل تحت مظلة الحشد الشعبي برسائل مماثلة تحمل هذا المضمون.
وفرض الحشد الشعبي والقوات العراقية النظامية، طوقاً حول المدينة التي قال المهندس إن هناك نحو 2500 مقاتل داخلها حالياً.
واقتحمت قوات مكافحة الإرهاب الفلوجة قبل نحو أسبوع وتمكنت من السيطرة على حي النعيمية في جنوب المدينة، لكنها لا تزال تواجه مقاومة أدت إلى تباطؤ في تقدمها.