وسط أزمة اللاجئين وتراجع النمو الاقتصادي وخيبة الأمل المتزايدة من الاتحاد الأوروبي، حققت الأحزاب اليمينية –بعضها ذو تاريخ طويل وغيرها نشأ حديثاً- نجاحاً انتخابياً في عدد متزايد من دول أوروبا.
وكاد مرشح اليمين المتطرف في النمسا أن يفوز بمنصب الرئيس إلا أن مرشح حزب الخضر انتزع الفوز في اللحظات الأخيرة بعد فرز أصوات من أدلوا باصواتهم عبر البريد الألكتروني.
وصل مرشح اليمين المتطرف في النمسا إلى الجولة النهائية في انتخابات الرئاسة، يعد مؤشر على إمكانية قرب وصول هذه الأحزاب للسلطة في القارة التي تفاخر بأنها أرض حقوق الإنسان والحريات والانفتاح.
تُظهر الرسوم أعلاه نتائج الانتخابات في 20 دولة أوروبية، والتي يظهر فيها الجناح اليميني الشعبوي وأحزاب اليمين المتطرف باللون الأحمر بحسب تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
النمسا
برز نوربرت هوفر المرشح الشعبوي من حزب الحرية المعادي للمهاجرين كمتصدر بقوة في الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية النمساوية، والتي جرت في نهاية أبريل/نيسان 2016، حيث تمكن من حصد 35% من الأصوات. وفي جولة الإعادة، كان هوفر في مواجهة ألكساندر فان دير بيلين، حتى استطاع الأخير انتزاع الفوز في اللحظات الأخيرة.
حملة هوفر الانتخابية ارتكزت بالأساس على تقوية حدود البلاد وجيشها، وتقليل المنافع التي يحصل عليها المهاجرون وإعطاء الأولوية للنمساويين في سوق العمل.
وعلى الجانب الاجتماعي، إحدى أهم سياسات الحزب هي تدعيم الاستقرار الأسري، كما أن الحزب اليميني المتطرف الذي يحمل شعار "النمسا أولاً" كان قد حصل سابقاً على 40 مقعداً من أصل 183 في المجلس الوطني.
بولندا
يمثل حزب القانون والعدالة الجناح اليميني في بولندا، وقد تمكن من دخول الحكومة بقوة من خلال الفوز بـ39% من الأصوات في الانتخابات البرلمانية في 2015.
تأسس الحزب عام 2001 على يد ليخ كاتشينسكي وشقيقه التوأم ياروسلاف، وقد تمكن الحزب من الفوز والوصول للسلطة لأول مرة عام 2005، حيث أصبح ليخ رئيساً للبلاد، في حين أصبح ياروسلاف رئيساً للوزراء.
وفي عام 2010، توفي ليخ وعدد من القادة البولنديين البارزين في حادث تحطم طائرة أثناء هبوطها في مطار بالقرب من سمولينسك في روسيا.
يقود الحزب حالياً شقيقه ياروسلاف كاتشينسكي والذي لم يكن على متن الطائرة، حيث يقود التحول البولندي نحو اليمين حالياً.
المجر
فاز فيكتور أوربان وحزبه اليميني "حزب فيدس" في آخر ثلاثة انتخابات، وهو ما سبب الكثير من القلق لقادة الغرب حول هذا الحكم الشمولي المتزايد.
تمكن أيضاً حزب جوبيك اليميني المتطرف المعادي للمهاجرين، والذي يتميز باتجاهات شعبوية ويتبع منهج الحمائية الاقتصادية، من الفوز بـ20% من الأصوات في الانتخابات البرلمانية في 2014، ليصبح ثالث أكبر الأحزاب المجرية.
تتضمن سياسات الحزب إجراء استفتاء على عضوية البلاد في الاتحاد الأوروبي والدعوة إلى عدم تجاهل وطمس القضايا المحظورة مثل جهود الصهيونية الإسرائيلية التي تسعى للسيطرة على المجر والعالم.
يرغب حزب جوبيك في زيادة الانفاق الحكومي على المجريين الذين يعيشون في الخارج وتكوين وزارة جديدة لدعمهم.
وفي عام 2012، تقدم الحزب بمشروع قانون يستهدف المثلية الجنسية، حيث يرى الحزب تجريم الدعاية للانحراف الجنسي والمعاقبة على ذلك بالسجن لمدة ثماني سنوات.
وفي نهاية أبريل/نيسان 2016، قال جابور فونا –زعيم الحزب- أن جوبيك سيزيل نصف قياداته، وهو ما رآه بعض المحللين على أنه محاولة لإقصاء أكثر العناصر تطرفاً من الحزب قبل خوضه محاولة الوصول إلى درجة الحزب الحاكم في البلاد في 2018.
السويد
الحزب الديمقراطي اليميني المتطرف، والذي تنصل من جذوره التي تعود لحركة عنصرية للبيض، تمكن من حصد 13% من الأصوات في انتخابات سبتمبر/أيلول 2014، وهو ما أعطاه 49 مقعداً من بين 349 في البرلمان السويدي.
ونظراً لعدم رغبة أي حزب من الأحزاب الكبرى، تكوين تحالف مع هذا الحزب، يحكم البلاد حالياً ائتلاف هش من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر.
يدعو الحزب الديمقراطي بالأساس إلى فرض قيود ثقيلة على الهجرة، كما يعارض انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، ويطالب باستفتاء حول عضوية الاتحاد.
وكان الحزب الذي يقوده جيمي أكيسون قد وصل إلى المرتبة الأولى في استطلاعات الرأي في الشتاء الماضي، إلا أنه تراجع إلى المركز الثالث مؤخراً.
اليونان
أثار صعود حزب الفجر الذهبي (تأسس عام 1980) والذي يمثل الفاشية الجديدة في اليونان، الكثير من الاهتمام الدولي في 2012 عندما دخل البرلمان لأول مرة بعد فوزه بـ18 مقعداً.
وأتت تلك النتائج في خضم أزمة الديون التي تمر بها البلاد والتي نتج عنها إجراءات تقشفية موسعة.
كان المجلس الأوروبي لحقوق الإنسان قد وصف الحزب في 2013 بالنازي الجديد والعنيف، حيث يُظهر الحزب وجهة نظر متشددة تجاه المهاجرين، كما يفضل اتفاقية للدفاع مع روسيا، حيث يرى أن الاتحاد الأوروبي هو من سبب الدمار لليونان.
وفي سبتمبر/أيلول 2013، قامت السلطات اليونانية باعتقال العشرات من مسئولي الحزب الرسميين، حيث تم توجيه اتهامات لهم بتكوين منظمة إجرامية. تمكن الحزب أيضاً من الفوز بـ18 مقعداً من جديد في الانتخابات البرلمانية في سبتمبر/أيلول 2015، وكان الحزب صامتاً حول أزمة المهاجرين الحالية، إلا أنه في الأسابيع الأخيرة، قام أعضاء الحزب بالتظاهر في المناطق التي يخيم فيها المهاجرين. ومع إطلاق سراح قيادات الحزب مع استمرار محاكمتهم، ذكر هؤلاء أن الحزب يخطط لاحتجاجات متعددة في أنحاء البلاد ضد ما أسموه "أسلمة اليونان".
فرنسا
يتبنى حزب الجبهة الفرنسي القومي، الخطاب الشعبوي للترويج لرؤيته المعادية للمهاجرين ولمواقف الاتحاد الأوروبي. ويفضل الحزب السياسات الاقتصادية الحمائية، كما يسعى لتضييق الخناق على الإعانات التي تقدمها الحكومة للمهاجرين، بما فيها الرعاية الصحية، وكذلك تقليل أعداد المهاجرين الوافدين إلى فرنسا بصورة جذرية.
تأسس الحزب عام 1972، وكان من بين مؤسسيه وداعميه عدد من داعمي النازية وأعضاء من نظام فيشي. يقود الحزب في الوقت الحالي مارين لوبان، والتي تولت قيادة الحزب بعد والدها جان ماري لوبان، في 2011.
تحاول لوبان في الوقت الحالي تحسين صورة الحزب، بعدما كان والدها يستخدم اللغة المعادية للسامية وكلمات العنصرية بشكل علني، كما كان قد واجه ملاحقات قضائية متعددة اتُّهم فيها بإنكار الهولوكوست والتحريض على الكراهية العنصرية.
في الجولة الأولى من التصويت في الانتخابات الإقليمية في ديسمبر/كانون الأول 2015، تمكن حزب الجبهة من الفوز بالأغلبية، حيث حصل على 27% من الأصوات، إلا أنه في جولة الإعادة الثانية، خسر الحزب في 13 منطقة. ومن المتوقع أن تكون لوبان مرشحة الحزب في الانتخابات الرئاسية التي تجرى عام 2017 وأن تصل إلى الجولة الثانية من التصويت.
ألمانيا
بدء حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف منذ 3 سنوات فقط، كحركة احتجاجية ضد عملة اليورو، إلا أنه تمكن مؤخراً من الفوز بـ25% من الأصوات في انتخابات الولايات الألمانية في مارس/آذار2016 في تحدٍّ جديد لشكل السياسات الألمانية السابق.
وكان الحزب قد فشل في الفوز بأية مقاعد في الانتخابات البرلمانية في 2013 حيث لم يحقق النسب المطلوبة (5% من الأصوات)، إلا أنه حالياً يحقق بين 10 إلى 12% في الاستطلاعات ومن المتوقع أن يكون أول حزب يميني متطرف يصل إلى البرلمان الألماني منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
وكان دعم الحزب قد ظهر بقوة بعد وقائع الاعتداءات الجنسي في ليلة رأس السنة في كولونيا هذا العام.
تقول زيلكه تمبل، عضوة المجلس الألماني للعلاقات الخارجية "لقد تمكن الحزب من جزب الناخبين المناهضين للمؤسسات الحاكمة، وللعولمة، وللنظام الأوروبي، ولكل شيء كان يُعتبر تقليدياً في الماضي".
فروك بيتري (40 عاماً) –زعيمة الحزب- قالت إن حرس الحدود ربما يجب عليهم توجيه أسلحتهم صوب كل من يتجاوز الحدود بشكل غير قانوني. وقد تبنى الحزب مؤخراً سياسة جديدة تقول بأن "الإسلام لا ينتمي لألمانيا"، حيث يدعو لمنع إنشاء المساجد داخل البلاد.
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة New York Times الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.