تدقيق: رزق
سابقة اقتحام "نقابة الصحفيين".. أما آن "للكارت الأحمر" أن يُشهر من جديد؟
تصر الأحداث في المحروسة مصر على مطاردتي وإجباري على عدم إغفالها، وهي تزداد كارثية يوماً بعد الآخر، ما يجعل إمكانية "الكف"، ولو مؤقتاً عن الخوض في مواضيعها، أمراً مستحيلاً وغير جدير وقابل للمقاومة أصلاً.
لكن السؤال في حالتنا "الموجعة" هذه: هل نستطيع الإحاطة بما يدور في المحروسة عبر مقالين أو عشرة؟ هل تكفي عشرات التحقيقات الصحفية عن المعذبين والمقهورين والمنسيين كي نقول إننا تطرقنا للواقع المصري المعاش بكل سوداويته وقتامته؟
قطعاً لا وألف لا، فهل نركز على حالات الاختفاء القسري ونغض الطرف عن معتقلي "الأرض"، أو ضحايا همجية وعنتريات رجال الشرطة في الشارع وغيرها الكثير؟
يحسب لنظام عبدالفتاح السيسي أنه حطم الكثير من الأرقام القياسية المتشحة بالعار والفضيحة في الكثير من الملفات، ولن يكون آخرها قطعاً "سابقة" اقتحام قوات الأمن لنقابة الصحفيين واعتقال الزميلين "عمرو بدر" و"محمود السقا"، غير أن هذه "الخطوة" وحدها تكفي وتزيد للرد على من بقي "يتغزل" بالنظام المجرم الجبان من "المخدرين" ببعض "الامتيازات" التي تجعلهم لا يرون بعين ابن البلد "الجدع" الذي يخاف على أرضه وعرضه وأبناء وطنه الذين تستباح حرامتهم نهاراً جهاراً.
من المخجل أن يلتزم أي إعلامي مصري وعربي شريف الصمت حيال هذه "السقطة المريعة" التي ارتكبها النظام في مصر تجاه "صاحبة الجلالة"، وهو ينزع عنها وعن أبنائها أية "مظلة"؛ مما يثبت بالملموس أنه لن يدخر أدنى وسيلة في إسكات أي صوت يجاهر بالحق ويصدح به في أي شأن من شؤون البلد، كما أن هذا "الجنون" وحالة "الهستيريا" تؤكد فعلياً المرحلة "الدقيقة" التي بات عليها أزلامه، ولن أكتب "رجاله"، وهم دقوا ناقوس الخطر بفعل وقفة الشعب المصري ضدهم بعد "التنازل المريب" عن جزيرتي "تيران وصنافير"، التي أشعرتهم بالخوف، وبأن الأرض ستهتز تحت أقدامهم في أية لحظة، وهم خبروا ملياً "ردة الفعل العنيفة"، أو بالأحرى "الإنذار الأخير" و"الكارت الأحمر" الذي سيشهر في وجوههم كما غيرهم من الذين مضوا.
نعم، فلو دامت لغيرك لما آلت إليك، وهذا ما أدركه "السيسي" جيداً، وهو يسعى بشتى الأساليب "للجم" الأصوات الهادرة بالحرية والانعتاق ضد الظلم والطغيان، لكنه وكغيره من "المجرمين" يتصرفون برعونة وطيش ساعة الإحساس بالخطر، ولا يميزون بين الغث والسمين، فتأتي ردود فعلهم "هوجاء"، واقتحام "نقابة الصحفيين" فعل طائش يندرج تحت نفس الخانة، ما يجعلني شخصياً أحمل لواء "التفاؤل" رغم الوجع الذي أصادفه في عيون المصريين الكثر الذين أعرفهم عز المعرفة، وكلهم من الذين يعانون من ويلات هذا النظام القمعي.
قالها الكبير "محمد الماغوط" يوماً إن "الطغاة كما الأرقام القياسية لا بد أن يأتي يوم وتتحطم"؛ لذلك لا مناص من التزود بالأمل في هذه المرحلة الدقيقة بالذات لمواجهة "قذارات" هذا النظام الذي كلما ازداد شراسة إلا وأيقنا أن ساعة الرحيل قد دقت.. إن غداً لنظيره قريب.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.