الحياة فيسبوك .. أولها “آدد” وآخرها “بلوك”!

لم يسلم فيسبوك من الاستخدام السياسي، فقد تستخدمه الحكومة أحياناً كمبرر لفعل ما تريده من عزل وزير أو تنفيذ قرار، أو نشر شائعات، أو وسيلة للرقابة الأمنية والتتبع لبعض المشتبه بهم أو المطلوبين، بالإضافة لكونه وسيلة تجارية للتسويق والإعلان، وغيرها العديد حتى أصبح فيسبوك حياة، والحياة محاصرة داخل العالم الأزرق.

عربي بوست
تم النشر: 2016/04/17 الساعة 03:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/04/17 الساعة 03:25 بتوقيت غرينتش

ملحوظة: هذه التدوينة مكتوبة بكل من العامية المصرية والعربية الفصحى

"يوم ميلادك بيتعملك "آد" للحياة، وفي لحظة فيها الموت يعملك "ريموف" منها، و"بلوك" من حياة الناس، لا تعرف تتواصل معاهم، ولا يعرفوا يكلموك تاني.

لحظات كتير في حياتنا بتكون مجرد "إيموشنات" بنحاول نتصنع الضحكة ونعمل مش خايفين، ويمكن نستسلم للمرض يهدنا عشان نلقى حد يهتم ويسأل عننا، أوقات بنلقى في الغربة ونس، وفي الوجع راحة، وفي الغضب ضحكة، وفي الخنقة حد يسأل فينا إيه.

يمكن نهرب في الكلام نقول اللي إحنا عاوزينه مع حد لا عارفنا ولا عارفينه، وأول ما نطلع اللي جوانا بسرعة نقوم مدلتينه، بنشوف صورة لناس مش موجودة في ناس نعملها آد لحياتنا وفي الآخر ننخدع في حقيقتهم بعيد عن اللي اتخيلناه، وندخل علاقات باهتة لا ليها لون أو طعم تتحنط بغلاف الملل.

في الشارع وفي شغله وفي بيته، وسط أصحابه وقرايبه والأغراب، حياته مصاحبها موبايله فاتح فيسبوك، الإنبوكس مليان رسايل، بيرد على ناس يعرفها وما يعرفهاش، وبيعمل لايك لبوستات عاجباه ولصور وجعاه ولكوميكس مضحكاه، بيهشتج لحاجات فاهمها وحاجات شاف الكل فاهمها، وحاجات ماحدش فاهم منها حاجة، يغير صورته ويعلق ع التعليقات، وقلبه متعلق في صوابعه يفتحه بكلمة ويقفله من سكات.

بنثور وبنهدى ببوست، ونتخانق مع نفسنا ومع أي حد قارفنا ونطلع خنقتنا وخناقتنا في كلمتين ونشوف تعليق يغير مسار المود وتفضل حكايتنا محفورة على الوول بنفتكرها بالميمورز بعد سنة أو أكتر ونشيره ونكتب عليه ههههههه هو إحنا إزاي كنا كدا مع إننا زي ما إحنا لسه كدا بس الزمن هو اللي اتغير".

***

في تحول سريع لمجرى الحياة الطبيعي منذ بداية الخليقة، بدأ يظهر في حياة البشرية من خلال ظهور وسائل الاتصال الحديثة في آواخر القرن الماضي، وبدايات القرن الحالي، تحولت فيه أنماط الحياة إلى أشكال لم تكن موجودة في حياة البشر.

تلك الوسائل والتي أخص منها "فيسبوك" بالتحديد، حيث تعتبر مصر هي الأولى في الشرق الأوسط استخداماً لـ فيسبوك، يصل عددهم إلى أكثر من 15 مليون مستخدم، وهو ما قد يمثل نصف المستخدمين له في العالم العربي.

تمثل تلك الوسيلة تهديداً كبيراً لأفكار ومشاعر الإنسان الطبيعي قد تحوله إلى آلة حديدية لا روح فيها أو إحساس بعدما تتحول كل الألوان والصور في الحياة من حوله إلى شاشة يطأطئ لها رأسه، أو يستلقي على سرير يطفئ الأنوار من حوله سوى من نور شاشة هاتفه منشغلاً بـ فيسبوك.

وأيضا يمثل تهديدا للعلاقات الاجتماعية، فكم من خلافات نشأت في القلوب سببها خلاف في الرأي والتوجهات أو تناحر في التعليقات أو دبت رياح الشك بين العلاقات، لاسيما علاقات المخطوبين والأزواج، فهذا يترك خطيبته لرفضها إعطائه "الباسوورد" الخاص بها، وهذه تترك زوجها لاكتشافها خيانته لها في المحادثات، ويزداد الأمر كارثية عندما تتسبب تلك الوسيلة في هدم العلاقات وإنهائها.

كذلك لم يسلم فيسبوك من الاستخدام السياسي، فقد تستخدمه الحكومة أحياناً كمبرر لفعل ما تريده من عزل وزير أو تنفيذ قرار، أو نشر شائعات، أو وسيلة للرقابة الأمنية والتتبع لبعض المشتبه بهم أو المطلوبين، بالإضافة لكونه وسيلة تجارية للتسويق والإعلان، وغيرها العديد حتى أصبح فيسبوك حياة، والحياة محاصرة داخل العالم الأزرق.

ولعلها الفتنة التي أخبر بها النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- من أشراط الساعة الصغرى حين قال: "ثم فتنة لا تدع بيتاً من العرب إلا دخلته"، وعندما تكون تلك الوسيلة فتنة تضيع من أجلها الأوقات، وتعطل عن تحقيق أشياء مهمة بالحياة الطبيعية، وتهدم العلاقات، وتثير الخلافات، وتؤثر على الصحة النفسية للأفراد أو يصبح إدماناً وينفصل بحياة الإنسان عن الواقع، ويحاط بأوهام السوشيال ميديا، ويصاب بانفصام أو يشعر بعزلة وهذا واقع نراه من حولنا، عندها تدق لحظات الخطر على حياة البشر، وتصبح الحياة أولها "آد"، وآخرها "بلوك".

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد