امرأة ذات واجبات، صاحبة مسؤوليات، ربة بيت، أم للأولاد وزوجة للرجل، تلك صفات لخصّ المجتمع فيها دور المرأة، وكلما طرح أنها أساسه ارتبط ذلك الأساس بهذه الأدوار، وكأن المرأة آلة يعطى لها أمر القيام بكل تلك المسؤوليات دون غيرها.
وحالما تحب هذه المرأة فرض وجودها وكينونتها تتهم بالتمرد، لكنها خلقت قادرة على أداء تلك الواجبات وغيرها، والغير هنا بصمة أحب المجتمع طمسها وعلق على كل محاولة لفرضها تحدي الرجولة وتخطي الحدود.
إلا أن الزمن غَيرٌ والواقع غيران، فنحن معشر النساء رائدات في العلم والعمل، راقيات في كل شيء، حتى أن إتقاننا لما ينسب للجنس الآخر من الأعمال لم يرُق للكثيرين، لا ننفي أبداً ارتباطنا الوطيد بأنوثتنا والتزامنا بما أوجب لنا الله من حنان وعطاء وحب في حدود الاستطاعة، إلا أننا في زمن غير الزمن، فبيد التألق يعصف بك الأقربون، لا مآل لإكمال الدراسة فالبيت ينتظر، ولا مجال للعمل فالأسرة بغيابك تحتضر.
إلا أن بين أولئك وهؤلاء من نسي أن إمكانية المرأة الاشتغال بكل حواسها، فهي ليست كالرجال لا تستخدم إلا باحة من عقلها على الأكثر، بل هي على مقدرة من استعمالها في آن واحد، فالمرأة قوية أيما قوة تستطيع الجمع بين العمل والثقافة والبيت، فقط تطلب ابتعاد المعيقين.
فالمعيقون هم من يجعلونها تعيش مخاض الولادة حتى قبل الزواج؛ إذ كلما اقتربت من طفل أشاروا عليها بالتعلم لأن ذلك هو المنتظر، وكلما دخلت مطبخاً وجب عليها تعلم ميزاته وحفظ مكوناته لأنهم يلخصون عالمها في ذلك الركن من البيت.
لكننا نعلنها صامتات وإن لم نثر، فإننا نحن معشر النساء نعتز بكل ما نفعله فسأكون الأم والزوجة والمرأة التي عليّ أن أكون، لا التي تريدون، كما سأكون المهنية والصحفية والطبيبة والمهندسة التي أريد وأستطيع أن أكون، غير أنني أكره التمرد.
والتمرد لا يأتي ممن يلزموننا بكل هذه الواجبات لأننا نعترف بوجوبها إلا أننا نريد ترك الإرادة الطبيعية تحكم في ذلك، فهي حاضرة عند كل امرأة لا محال، لكن صرختنا ستكون في وجه مدعي الحرية من يطالبون بتشيُّئنا نقول لكم وبعبارات أقسى مما وجهنا للآخرين: ابتعدوا عنا فلا حاجة لنا بمطالبكم ودفاعكم، فنحن حرات في ظل الاحترام، وثائرات في ظل الواقع، ونساء بعيداً عن متاهاتكم، لا نستجدي منكم دفاعاً ولا تقييماً، فقد قيمنا الله، وقيمنا أنفسنا وأكرمنا ديننا، وإن لم نهاجم من احتكرونا فسنهاجمكم.
لكل امرأة منطق خاص لا تعرفه غيرها من النساء ولا من جنس الرجال، وإن كانت الطبيعة تلزم اشتراك الحياة مع رجل فيا سيدي كن رجلاً، والرجولة تتحقق بفهم المرأة قبل ممارسة السلطوية عليها، إذ الأنثى حال ما تفهم تصبح الشريكة والأنيسة، وإن كان أغلب الرجال يخافون قوة المرأة فذلك يطرح ما يطرحه عندما يحتاج الرجل للسند ويجد زوجته مكان جيش ممن خذلوه، وما أدراك ما تجيش النساء إذ تكون خطة الدفاع مستقاة من الكيد والكيد الصائب يجعل من تلك المرأة قوة لا تقهر.
وآخر مناداة بالنيابة عن النساء الصائنات لكينونتهن والقائمات بواجباتهن، ارعونا نرعاكم فكل شيء متبادل ولا جهد للمرأة إلا إن لقيت العطاء بالمقابل.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.