فجأة تم استحضار مسألة "حدود مصر" للوعي الجمع. أصبح الجميع يتسائل: ما هي حدود مصر؟
ما هي حقيقة الحدود الحالية المرسومة بمربع واضح… هل وجود آثار فرعونية في الحجاز يعني أن أرض الحجاز هي أرض مصر؟ هل تواجد حوض النيل كله داخل أرض مصر في مراحل تاريخية يعني أن هذه هي أرض مصر؟ لطالما كانت غزة نفسها جزئا من أرض مصر أكثر من الوقت الذي كانت فيه سيناء نفسها أرضا من أرض مصر؟ ما هي مصر ؟!
أزمة الجزيرتين، على ضخامتها، إلا أنها فجأة طرحت على الوعي الجمعي أسئلة لم يسألها البعض ربما أبدا. و خلاصتها أن هذه الحدود المرسومة لنا في مصر، ليست مصر حقيقة.
الأهم، أن هؤلاء الذين رضوا و قبلوا بتقسيم الحدود على يد الإنجليز، فجأة وجدوا أنفسهم في جدلية تضعنا في مواجهة مع استرداد أم الرشراش (إيلات) و أيضا جزر أهديناها للسعودية ، و حقول لقبرص…. و جدليات تاريخية كانهيار الدولة العثمانية نفسها.
الجدلية التاريخية، تستدعي الشعور العام بأن مصر أصبحت يقينا دولة محتلة أو مقسمة، أو مقتطع منها للسعودية و السودان و قبرص و إسرائيل و ليبيا والسودان أيضا.
و لأن قطاعات أخرى آمنت بنتائج الاحتلال أو بما تبع الحرب العالمية الأولى و الثانية، أو حرب 56 أو حرب 73… أو كل نتائج تلك الأحداث مجتمعين بوعي أو بغير وعي… لأن كل أولئك تم استحضار وعيهم بأسئلة إجاباتها صعبة… تصبح إجابة هؤلاء الفرقاء معلقة على "أمل" أو ثورة ربما تحدث… تعرف تلك الثورة منذ التاريخ الأول لها، أن لها تمدد إقليمي لاستحقاق التحرر الكامل…. كل أولئك يعرفون الآن: #مصر دولة محتلة، أو مقسمة. صح؟
كان ممكن بذل مجهود جبار من "الثوار" لإقناع عموم الناس أن مسألة التحرر من تبعية الاستبداد العسكري التابع لزمن الاحتلال، يستلزم الدخول في معركة إقليمية مع دول الجوار. ولكنه كان يصعب قبلا على جهابذة المنورين شرح لماذا مسألة الثورة مسألة إقليمية و دولية بامتياز قبل كونها مسألة تحرر وطني محدود الأثر. ثم حضرت أزمة الجزيريتين، و بسطت بطرح السؤال على عوام الناس و كذلك إجابته الأكثر بساطة: مصر دولة محتلة… و قفزت بمشاكل أكبر للوعي الجمعي للناس على اختلافهم.
ربما يلزم أن يلفت نظرنا لما حدث فعلا:
وهو حالة من الشعور العام أن مصر تحت الحكم العسكري أصبحت دولة تحت الاحتلال فعليا. جزء من أراضيها مع قبرص و إسرائيل في المتوسط، و جزء آخر محتل على الأرض في أم الرشراش(#إيلات)، و جزء آخر مع السعودية، و أمن قومي مهدد في أثيوبيا، و أرض فرط فيها عبد الناصر في الجنوب.
و أن كل ذلك الذي حدث، لم يكن ليطرأ على السطح لولا بحث عوام الناس و المهتمين منهم بسؤال: أين تقع حدود مصر فعلا؟ بما تحمله من جدليات تاريخية عن نشأة الدولة السعودية حديثا و كون أجزاء ممتدة من أراضيها جزء من السيادة المصرية في حوض البحر الأحمر كله.
يُلفت النظر، لأن تحميل الوعي الجمعي بمفهوم: أن مصر دولة محتلة خسرت أراضيها على مراحل متتالية، يستتبع ضمنا في نفس #الوعي: أنه ثمة يوم… يلزم "تحرير" كل تلك الأرض.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.