رئيس وزراء إيطاليا يتعرّض لضغوط للانتقام لمقتل ريجيني

عربي بوست
تم النشر: 2016/04/08 الساعة 13:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/04/08 الساعة 13:25 بتوقيت غرينتش

وضع مقتل باحث إيطالي بالقرب من القاهرة في يناير/كانون الثاني الماضي، رئيس وزراء إيطاليا ماتيو رينزي، أمام إحدى أصعب المعضلات الدبلوماسية طوال فترة ولايته، حسب تقرير نشرته صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، الجمعة 8 أبريل/ نيسان 2016.

جوليو ريجيني، طالب الدكتوراه في جامعة كامبردج والذي كان يبلغ من العمر 28 عاماً، تعرض للتعذيب، والقتل وألقيت جثته في طريق بعد اختطافه في العاصمة المصرية، ويقول خبراء ونشطاء إن وفاته كانت على الأرجح على يد الأجهزة الأمنية المصرية.

سببت القضية حالة من الفزع لدى العديد من الإيطاليين وسلَّطت أنظار المجتمع الدولي على انتهاكات حقوق الإنسان القاسية التي يرتكبها نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وقد تظاهر الآلاف للمطالبة بأن يتم جلب قتلة ريجيني للعدالة.

وقد أجبرت الضغوط السيد رينزي على التفكير في مجموعة من التدابير الانتقامية ضد القاهرة – بدءاً من استدعاء السفير الإيطالي لدى مصر، إلى فرض عقوبات اقتصادية وتحذيرات من السفر.

وكان رئيس الوزراء الإيطالي قد طوّر العلاقات مع مصر منذ توليه منصبه في عام 2014 ويمكن أن تؤثر هذه التحركات سلباً على العلاقة الوثيقة جداً مع السيسي والتي أدت إلى حزمة من الصفقات التجارية والاستثمارية الثنائية، فضلاً عن التعاون في قضايا ذات طابع أمني مثل الوضع في ليبيا ومكافحة الإرهاب والهجرة.

وقال ماتيا توالدو، الزميل في قسم سياسات الشرق الأوسط وأفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "يرتبط رينزي بعلاقة قوية مع السيسي، فعلاقته معه هي إحدى أكبر إنجازات سياسته الخارجية، وقد بناها من الصفر. لذلك، إنه أمرٌ محرج أن تضطر للاختيار بين الحفاظ على العلاقة بهذا الشكل أو فعل شيء لتهدئة الرأي العام المحلي".

زيادة الضغوط

يتزايد الضغط السياسي على رينزي لاتخاذ موقف صارم ضد مصر بشكل مستمر منذ مقتل ريجيني. وقد زادت كلمة والدة ريجيني، باولا، في البرلمان الإيطالي الشهر الماضي من الغضب الشعبي حول هذه القضية. إذ قالت "لا أستطيع أن أصف لكم ما فعلوه به، لقد تعرّفت عليه فقط من خلال طرف أنفه. أما بقيته فلم يعد يشبه جوليو".

وتقول حركة النجوم الخمس الشعبية، حزب المعارضة الرئيسي في إيطاليا، إنه على السيد رينزي قطع جميع العلاقات الدبلوماسية مع مصر. وصرح ممثلو الحركة في لجنة الشؤون الخارجية في فبراير/ شباط "هذا هو الثمن الذي تدفعه إيطاليا بسبب سياستها الخارجية عديمة الضمير، حيث عقدت صفقات قذرة مع أنظمة تقمع شعوبها بشكل مروع".

وقد أطلقت منظمة العفو الدولية حملة باسم "الحقيقة" في قضية قتل ريجيني وظهرت رايتها الصفراء في كل أرجاء إيطاليا في الأشهر الأخيرة. وقال توالدو "أي شيء لا يتضمن اعترافاً بالمسؤولية من قبل الأجهزة الأمنية المصرية لا يمكن قبوله في إيطاليا".

وينظر إلى سلسلة من الاجتماعات التي ستعقد بين كبار المسؤولين المصريين وأعضاء النيابة العامة الإيطالية يومي الخميس والجمعة على أنها الفرصة الأخيرة لمصر لتقديم رواية ذات مصداقية حول الحادثة. إذ كانت القاهرة قد زعمت بأن الطالب الإيطالي كان قد اختطف من قبل عصابة إجرامية انتحلت صفة رجال الشرطة، ثم غيرت روايتها وقالت إنه شارك في حفلة جنسية وصدمته سيارة.

وعلى مدى أسابيع، شكا مسؤولون إيطاليون من أن مصر تحجب معلومات ووثائق هامة حول الجريمة، في محاولة لإخفاء تورط الأجهزة الأمنية.

ريجيني، الذي كان قد اختطف في الذكرى السنوية الخامسة لثورة يناير عام 2011، كان يعمل على بحث حول النشاط النقابي في مصر، وهو بحث قد لا يكون مستساغاً لنظام السيسي.

الحكومة الإيطالية تستعد للرد

"ما لم يكن هناك تغير في الرواية المصرية، فإن الحكومة على استعداد للرد من خلال اعتماد تدابير فورية ومناسبة"، قال باولو جينتيلوني وزير الخارجية الإيطالي هذا الأسبوع. وأضاف "لن نسمح بأن تداس كرامة الإيطاليين أبداً."

لكن المسؤولين الإيطاليين يعترفون بأنه يمكن أن تكون ثمة عواقب لاتخاذ موقف متشدد. فالصفقات التجارية الجديدة معطلة بالفعل، حسبما قال أحد المسؤولين، وهناك خطر من أن المشاريع الاستثمارية القائمة، بما في ذلك تطوير حقل غاز كبير في البحر المتوسط ​​يقع قبالة الساحل المصري من قبل شركة إيني الإيطالية العملاقة، يمكن أن تواجه انتكاسات. كما أن مصر شريك أساسي في مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وفي الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار في ليبيا.

ولتقليل فرص الانتقام من جانب القاهرة، اقترح بعض المسؤولين أنه يمكن لإيطاليا أن تحصل على دعم حلفائها في الاتحاد الأوروبي عبر اتخاذهم موقفاً أكثر تشدداً. فقد أقر البرلمان الأوروبي الشهر الماضي قراراً يصف قتل ريجيني بأنه "رسالة تقشعر لها الأبدان" للبلدان التي تسعى إلى بناء العلاقات مع القاهرة". وجاء القرار في "سياق التزايد الكبير في التقارير التي تشير إلى وجود حالات تعذيب في مراكز الاحتجاز التابعة للشرطة، وغيرها من حالات الوفاة أثناء الاحتجاز وحالات الاختفاء القسري في جميع أنحاء مصر.

– هذه المادة مترجمة عن صحيفة Financial Times البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، يرجى الضغط هنا.

علامات:
تحميل المزيد