قبل عام بالضبط وأنا أخفف من نحيب أمي بصوت باكٍ: "سأعود في الإجازة.. عام واحد ونأتي لزيارتك.. هذا وعد".
خرجت وصوت بكائها يملأ روحي ويرافقني حتى اللحظة، ولا أتذكر حينها إلا أن دمعي لم يتوقف طوال الرحلة.
مرت سنة يا أمي.. سنة مليئة بالسجن.. بالخوف.. بالترقب..كنت أخشى الغربة حد الموت.. أخشى الابتعاد عنك.. ولكن أتت الحرب وشغلتني عن نفسي وعن غربتي وأصبت بفزع دائم وقلق من الآتي عليك.. عليكم.. على البلد المثخن بالجراح والمرمي في بعيداً عن ضمير العالم!!
رسمت حلماً جميلاً واستبقت الأحداث وصبرت نفسي حين الفراق بلحظات لقياك من جديد.. ولكن.. ها هو العام ينفرط مرعباً.. موجعاً.. ومحدِثاً أكبر صدمة يمكن لأي يمني يمكن أن يستوعبها.
عدد هائل من الضحايا.. قتلى وجرحى.. وعبث لا محدود بقيمة الإنسان.. وصمت داج كليل لا قمر فيه، مر عام، وأنا أترقب متى سينتهي هذا الكابوس الطويل.. ليتوقف شلال الدم وليكتفي مسعرو الحروب بهذا الكم من الأسى.. ولكي أعود وأراكِ وأفي بوعدي..
مرت سنة، كبرت فيها صغيرتي، وما زالت تحدثني عنك بشغف وتحضر هاتفي لتقول: "اتصلي بأمي وقولي لها إننا سنأتي عندها الآن"! وما زلت أنت تشتاقين لها/لنا كأول يوم فارقناك فيه.
مرت سنة ورفيق روحي.. أب وأخ وصديق وحبيب.. كما وثقت به وبنبل روحه.، كانت أسرتي الصغيرة ملاذي الجميل من كل القبح الذي ملأ شوارع بلدي.. ومن كل الألم الذي غطى على أخبارها..
وكان عملي.. موطناً حقيقيًّا، وأسرة احتضنت غربتنا ربتت على أشواقنا وشاركتنا الضحكات والوجع.
أمي: أثق بدعائك الذي ينعكس على حياتي نجاحاً وفرحاً وأثق أنك ستسامحيني لأني لم أفِ بوعدي.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.