تصوّر هذا: تستيقظ في الصباح فتسمع زوجتك تصرخ في وجهك لأنها تمطر في الخارج. فهي تكره المطر والآن بات يومها سيئاً بسببك.
تنزل أنت إلى الطابق السفلي لتسمع أطفالك يصرخون في وجهك لأنهم كسروا محمصة الخبز، ولم يعد بوسعهم تناول الفطائر الآن وهذا خطؤك.
وفي الطريق الى العمل، تتوقف لتملأ سيارتك بالوقود لتسمع جميع من في محطة الوقود يصبون اللعنات عليك لأن أسعار الوقود قد ارتفعت. ثم تصل إلى العمل لترى كل زملائك قد تجمعوا حول مكتبك مطالبين باعتذارك عن تعطّل الطابعة. وفي طريق عودتك إلى البيت من العمل، يصرخ الجميع على الطريق السريع بك لأنهم منزعجون من حركة المرور ساعة الذروة.
سيناريو مثيرٌ للسخرية، أليس كذلك؟ هل يمكنك تخيل أن تتلقى اللوم دائماً على أشياء ليس لديك سيطرة عليها على الإطلاق؟ هل يمكنك تخيّل أن يطلب منك دائماً الاعتذار عن هذه الأمور؟ هل يمكنك تخيّل أن تصبح مكروهاً سواءً اعتذرت أم لم تعتذر؟ هذا ما يجري مع المسلمين في أميركا اليوم.
أنا أميركي فخور بنفسي، وقد تربيت في ولاية تكساس، وطالب جامعي وإنسان طبيب ذو طموح. أنا شخص يأمل أن تحدث ثورة في الحصول على الأدوية والرعاية الصحية في الولايات المتحدة وفي البلدان التي مزقتها الحروب في جميع أنحاء العالم. كما أنني مسلم، واحد من أكثر 1.6 مليار مسلم حول العالم يلقى اللوم عند حدوث عمل إرهابي كما لو أننا لسنا أكثر من كلمة مكونة من 6 أحرف مختطفة من قبل أولئك الذين يسيئون استخدام ديننا لتبرير جرائمهم البشعة.
وبوصفي أميركياً مسلماً أسعى باستمرار لبذل كل ما بوسعي من أجل تحسين مجتمعي وهذه الأمة، فقد سئمت من أن يطلب مني الاعتذار وإدانة الإرهاب الذي ليس لدي علاقة به على الإطلاق.
إليكم خمسة أسباب تبيِّن لماذا لا يجب على المسلمين الاعتذار عن الإرهاب أبداً:
1-من السخيف أن يُطلَب منا أن نعتذر.
بوصفي مسلماً ملتزماً، أدرك أن ديني يعلّم السلام، وأنا واثق جداً من هذه الحقيقة لدرجة أنني على استعداد لمنح أي شخص جائزة قدرها 10000 دولار إذا ما عثر على أي آية في القرآن تدعو إلى قتل الأبرياء أو ارتكاب أعمال إرهابية. هذا العرض ساري المفعول مدى الحياة.
وأعلم أيضاً أن المسلمين، كمجموعة دينية، ليسوا إرهابيين. لقد أثبتت الوقائع ذلك. كما أثبتت الوقائع أيضاً أنك من المرجح أن تتعرض لصعقة برق، وأن تُسحق حتى الموت على الأريكة، أو تُقتل على يد طفل صغير، أكثر من أن تُقتل على يد مسلم.
وبناءً عليه، لماذا يتعين عليّ الاعتذار عن أعمال عنف لا علاقة لي بها؟ وهو عنف تحرِّمه شعائر ديني بشكل واضح.
اسأل نفسك: هل يتعين على شركات صناعة السيارات الاعتذار عندما يقتل سائق في حالة سكر شخصاً باستخدام سياراتهم؟ هل يتعين عليك الاعتذار للشرطة إذا ما عوقب أخوك بمخالفة سرعة لأنك تحمل نفس اسم العائلة؟
هل يتعين على كل شخص يملك سلاحاً في أميركا الاعتذار كلما قُتل شخصٌ ما من سلاح ناري؟ ألا يجب على مصلحة الأرصاد الجوية الاعتذار عن الأيام الملبدة بالغيوم؟ هل ينبغي على الصيادلة الاعتذار عن الحساسية التي تعاني منها؟ هل يتعين عليّ الاعتذار عن الأخطاء الكتابية لكاتب آخر؟
ما لم تعثر على الآية التي تحض على العنف وتفوز بالعشرة آلاف دولار أو ما لم تسمع بشكلٍ صارخ عن مسلم يدعم الإرهاب صراحة، يرجى أن تفهم أن طلبك منا، فرادى وجماعات، الاعتذار عن الإرهاب سيكون مثيراً للسخرية تماماً مثل الأسئلة أعلاه.
2-يجب أن يكون واضحاً الآن أن المسلمين يدينون الإرهاب
يجب أن يكون واضحاً الآن أن المسلمين يدينون الإرهاب. كل ما يحتاجه الأمر هو البحث على جوجل حول أي هجوم إرهابي للعثور على عددٍ كبير من المسلمين يدينون الهجوم علناً. جرّب الأمر بنفسك. على سبيل المثال، هاك أكثر من 40 نموذجاً من المسلمين الذين أدانوا الهجمات التي تعرضت لها صحيفة تشارلي إبدو، وهاك مثالاً على إدانة المسلمين في جميع أنحاء العالم هجمات باريس.
المسلمون يدينون الإرهاب، ولطالما فعلوا ذلك. هذه حقيقة، وبالضبط مثلما لست مضطراً لأؤكد لك كل صباح أن السماء لا تزال زرقاء، لا ينبغي على المسلمين أن يؤكدوا لك أننا ما زلنا نُدين الإرهاب في كل مرة يحدث فيها هجوم إرهابي.
وبصراحة، إذا كنت لا تعتقد بالفعل أن المسلمين يدينون الإرهاب حتى الآن، فإن أي اعتذار أو تكرار لأسطوانة إدانة مسجلة من قبل أي مسلم أو منظمة إسلامية لن تعالج كراهيتك وتعصبك تجاهنا.
3-المسلمون هم في طليعة الحرب على الإرهاب
الشيء الوحيد الأكثر سخرية من أن يُطلب من الناس الاعتذار عن شيء ليس لديهم أي علاقة به هو جعل الناس يعتذرون عن شيء يعملون بجد لمكافحته.
يودّ المسلم إلحاق الهزيمة بالإرهاب بنفس القدر مثل أي أميركي آخر، إن لم يكن أكثر. ولهذا السبب لدينا نساء مسلمات مثل نيلوفر رحماني وكبرى خادمي في الخطوط الأمامية لمحاربة الإرهابيين، ولهذا السبب يتّخذ الملايين من الشباب المسلم موقفاً ضد داعش. ولهذا السبب أصدرت العشرات من الجماعات والشخصيات الإسلامية مراراً بيانات تدين داعش، حتى أن رؤوس الكثيرين قُطعت من قبل داعش لقيامهم بذلك.
ولهذا السبب أيضاً اتّحد أكثر من 120 من علماء المسلمين من جميع أنحاء العالم معاً لكتابة رسالة مفتوحة إلى داعش، متهمين إياه بالخروج عن الإسلام عن طريق استخدام مصطلحات إسلامية. ولهذا السبب يُقتل المسلمون من قبل داعش لمعارضتهم علناً اضطهاد المسيحيين على يد هذه المجموعة الإرهابية.
لنفس الأسباب التي لا تفرض على رجال الإطفاء الاعتذار عن الحرائق، واعتذار الأطباء عن أمراض القلب، لا يتعين أن يتوقع البعض أن يعتذر المسلمون عن شيء يعملون بجد لمكافحته.
4-المسلمون هم أكثر ضحايا الإرهاب
وفقاً لمركز مكافحة الإرهاب في الأكاديمية العسكرية الأميركية في وست بوينت، يقتل تنظيم القاعدة من المسلمين سبعة أضعاف ما يقتل من غير المسلمين. ووفقاً للأمم المتحدة، المسلمون هم أكثر ضحايا داعش. ووفقاً لوزارة الخارجية، المسلمون هم أكبر ضحايا الإرهاب بشكل عام. مهما جلت بناظريك، ستجد أن أقوى رابطة بين المسلمين والإرهاب هي التي يكون فيها المسلمون ضحايا له.
وهناك مفارقة محزنة تبيّن كيف أن المسلمين هم أكبر ضحايا الإرهاب ويتلقون أيضاً معظم الكراهية عنه. ومثلما سيكون من الخطأ إلقاء اللوم على الأميركيين الأفارقة عن العبودية، ولوم الأطفال الجوعى عن أزمة الجوع في العالم، ولوم الأطفال الصغار على إطلاق النار في المدارس، فمن الخطأ أيضا إلقاء اللوم على المسلمين بسبب الإرهاب عندما يكونون دائماً ضحايا له.
هل تريد مني أن أتصل بزعيم داعش وأقول له كفّ عن ارتكاب الإرهاب؟ اعطني بيانات الاتصال الخاصة به وسأكون سعيداً بذلك. بل سيسعد أي مسلم بذلك. ولكن ليكن معلوماً لديك أن المحادثة ستبدأ بنا، أكبر ضحايا داعش، ونخبره بالكف عن اختطاف ديننا لتبرير قتل المسلمين الذين يتبعون تعاليم الإسلام الحقيقي.
5-إذا كان علينا الاعتذار عن الإرهاب، يتعيّن على الجميع ذلك أيضاً
هذه النقطة الأخيرة لها أهمية خاصة. لماذا المسلمون هم الجماعة الوحيدة التي يُطلب منها الاعتذار وإدانة تصرفات المجرمين الذين ينتمون إلى جماعتهم؟
لوضع الأمور في منظورها الصحيح، اسأل نفسك: لماذا لم يطلب من جميع الذكور البيض الاعتذار عن العبودية التي أيّدها الذكور البيض منذ أقل من قرنين من الزمان؟ تلك العبودية التي كان ثلث العبيد فيها من المسلمين. ولماذا لا يُطلب من جميع البوذيين الاعتذار عن هجمات الرهبان البوذيين المتطرفين على المسلمين في ميانمار؟ لماذا لا يُطلب من كل رجال الشرطة الاعتذار عن رجال الشرطة العنصريين الذين يُسقطون السود غير المسلحين مثل أوراق الخريف؟
يجب أن تفهم أنه مثلما ليست لك علاقة مع الجرائم البشعة المذكورة أعلاه، فليست لي علاقة بالإرهاب مثلما يحاول الكثير الربط بيني وبين الأفعال الإرهابية بلا سبب سوى كوني مسلماً.
عليك أن تدرك أنك عندما تسألني إذا ما كنت أدين الإرهاب، فأنت تشكّك في إنسانيتي.
هذه التدوينة مترجمة عن النسخة الأميركية لـ"هافينغتون بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.