عواصف الخليج .. هل تكون بداية تحرك مناخي جاد؟!

فاليوم وبعد أن انتقلت التغيرات المناخية من أوراق التوقعات والتنبؤات، إلى أن تغزو مدارسنا وتدمر شوارعنا ومبانينا، لتفرض نفسها كحقيقةٍ وكواقعٍ نعيشه في الخليج العربي، أصبح التجاوب مع التزامات هذه الظاهرة واجباً إنسانيًّا وتاريخيًّا على حكومات وشعوب المنطقة على حد سواء

عربي بوست
تم النشر: 2016/03/14 الساعة 01:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/03/14 الساعة 01:33 بتوقيت غرينتش

لا تزال أخبار الأحوال المناخية غير الاعتيادية في دول الخليج تتكرر بصورة سنوية وبشكل يزداد وضوحاً وحدّة عاماً بعد عام، فتغطية مناطق واسعة من الجزيرة العربية بالثلوج، وتعرض المنطقة لمنخفضات جوية، أصبحت حدثاً سنويًّا مألوفاً لشعوب الخليج، بعد أن كانت مجرد أخبار وتكهنات عالمية.

شهدت المنطقة الشرقية في الأسبوع الماضي منخفضاً جويًّا حادًّا، وتحديداً أبوظبي التي شهدت إعصاراً من الدرجة الأولى، حيث بلغت سرعة الرياح 130 كيلومتراً في الساعة، ونسبة هطول مطري بلغ 130 ملم مقارنة بأعلى نسبة هطول مطري شهدتها المنطقة في 1988 بلغ 120 ملم، وأدت إلى إغلاق مطار أبوظبي الدولي وتعطيل الدراسة، وتوقف سوق البورصة، كما خلّفت أضراراً كبيرة في البينة التحتية، تشير التقارير الأولية أنها تقدر بملايين الدراهم.

أما المناطق الوسطى والشمالية من الجزيرة العربية والمملكة العربية السعودية تحديداً، فقد شهدت خلال الأعوام القليلة الماضية؛ موجات قطبية أدت لانخفاض درجات الحرارة دون الصفر، وتساقط الثلوج بكميات كثيفة على مناطق "عرعر" و"سكاكا" و"ورفحاء" و"تبوك"، وشهدت منطقة حفر الباطن في هذه السنة ولأول مرة في تاريخها تساقط الثلوج، وكل هذه الظواهر تعتبر حدثاً غير مألوف في تاريخ المملكة والمنطقة المعروفة ببيئتها الصحراوية الجافة.

وفي صيف 2007 وجد 20 ألف عماني أنفسهم مضطرين لإخلاء منازلهم الساحلية والانتقال لمناطق الطوارئ، قبل وصول "جونو" الإعصار المداري الأقوى الذي ضرب سلطنة عمان في 6 من يونيو/حزيران، حيث بلغت سرعة دورانه 260 كيلومتراً في الساعة، وأدت إلى ارتقاع موج البحر إلى 12 متراً قبالة السواحل العمانية، وامتدت تأثيراته لسواحل الإمارات الشرقية، خاصة خورفكان وكلباء والفجيرة.

وتسبب الإعصار في شل الحركة في العاصمة العمانية مسقط بالكامل، فأُغلق مطار مسقط الدولي، وميناء الفحل -المرفأ الوحيد لتصدير النفط والذي يصدّر يوميًّا 650 ألف برميل- وكذلك تم إغلاق محطة صور، التي تصدر 10 ملايين طن من الغاز الطبيعي المسال سنويًّا، وفوق هذا كله تسبب هذا الإعصار في وفاة 78 شخصاً وخلّف أضرار في البنية التحتية والممتلكات العامة والخاصة قدرت بـ 4.4 مليارات دولار، فكان "جونو" بلا منازع الإعصار الأعنف في تاريخ الجزيرة العربية منذ بدأ توثيق هذه الظواهر في 1945.

فاليوم وبعد أن انتقلت التغيرات المناخية من أوراق التوقعات والتنبؤات، إلى أن تغزو مدارسنا وتدمر شوارعنا ومبانينا، لتفرض نفسها كحقيقةٍ وكواقعٍ نعيشه في الخليج العربي، أصبح التجاوب مع التزامات هذه الظاهرة واجباً إنسانيًّا وتاريخيًّا على حكومات وشعوب المنطقة على حد سواء.

فالتقليل من الانبعاثات في هذه المنطقة العالية في بصمتها الكربونية، تحدٍّ جماعي كبير يقع على عاتق الجميع إذا أردنا الحفاظ على مقومات الحياة في هذا الكوكب الذي سيعيش فيه أحفادنا، فكل خطوة نخطوها في الانتقال لاقتصاديات مستدامة وصديقة للبيئة هي خطوة نقلل فيها فاتورة الكوارث الطبيعية عن كاهل الأجيال القادمة من بعدنا.. انتقال يستحق التفكير واستثمار جدير بالتنفيذ.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد