إن كان المغاربة قد صوتوا بنعم على دستور 2011، فذلك من أجل تنزيل وتفعيل بنوده.. على أرض الواقع، و من أجل تحسين ظروف معيشتهم والنهوض بالبلد في جميع الميادين، أما أن يبقى المسؤولون مكتوفي الأيادي ويقومون بدور المتفرج، فهذا يعد لهم تخاذلاً وتغريراً بالشعب المغربي الذي ناضل كثيراً وقدم تضحيات كبيرة من أجل ذلك.
جاءت جميع بنود الدستور الجديد للمملكة، في صالح المواطنين من جميع النواحي سواء منها السياسية، الاقتصادية و الاجتماعية، لكن هناك فرقاً شاسعاً بين تنزيل مقتضيات هذا الدستور على أرض الواقع وبين أن تبقى حبراً على ورق، كانت آمالنا كبيرة وانتظاراتنا شغوفة إزاء برنامج ووعود السيد عبد الإله بنكيران وحكومته.. لكنهم وللأسف طيلة 5 سنوات.. كانوا عبارة عن وزراء صوريين ولم يطبقوا أي شيء يذكر، وإضافة إلى ذلك مثلت هذه الحكومة أكبر حاجز أمام تطور المغرب وتقدمه، وأصبح أعضاؤها نموذجاً وتجسيداً للتخلف.
خمس سنوات مضت.. على المصادقة على الوثيقة الدستورية التي نالت أغلبية ساحقة من تصويت المغاربة.. ولا شيء تغير.. فقط المسميات.. بمعنى: "الزواق والعكر على الخنونة"، نحن كمواطنين لم نلمس أي تغيير بل ازدادت الأمور سوءاً.. فلا فساد حرب، ولا عدالة اجتماعية تحققت ولا ثروة وزعت.. حتى رئيس الحكومة الذي يدعي محاربة الفساد أصبح مثل "دون كيشوت" الذي كان يحارب الطواحين الهوائية.
حكومة السيد عبد الإله بنكيران.. خرقت الدستور في عدة مناسبات.. انظروا مثلاً كيف أن دستور 2011 ينص على: الحفاظ على حقوق المواطنين.. لكن مزاج بنكيران ومن معه أبى إلا أن ينتزع حقوق معطلي محضر 20 يوليوز ظلماً وبطريقة فجة، لقد كانت مصادرة مناصب معطلي محضر 20 يوليوز أول خيبة أمل كبيرة كشفت عن التناقض الصارخ بين محتوى الدستور وبين الواقع.. الحكومة قامت كذلك بخرق سافر للدستور وخاصة الفصل 22 منه الذي يحرم المس بالسلامة الجسدية والمعاملة الحاطة بالكرامة الإنسانية للمواطنين، عندما قامت بتعنيف الأساتذة المتدربين.
إن كان الفصل الأول من الدستور ينص على ربط المسؤولية بالمحاسبة.. فيجب أولاً وقبل كل شيء محاسبة الحكومة عن عدم القيام بتنزيل وتفعيل مضامين الدستور الجديد.. ومقاضاتهم، حتى يعرف المغاربة أن أصواتهم التي أدلوا بها هي ذات قيمة، ولن يفقدوا الثقة في دولتهم وأن الأمور تغيرت وأصبحت جدية.. "اللي فرط كرط"، فالسيد بنكيران وزبانيته هدفهم لم يكن هو التنزيل السليم لمقتضيات الدستور على أرض الواقع، بل اكتساب المواقع، وتكوين جبهة شعبية تؤمن بمفهوم الدين والتدين وفْقَ الخطاب المحافظ للبيجيدي، "بطريقة شعبوية ذكية".
أما من ناحية أخرى.. فالمواطنون لا يعرفون أصلا مالهم وما عليهم تجاه وطنهم.. وهنا سنعود للفصل 07 من الدستور والذي ينص على أن الأحزاب السياسية تعمل على تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم سياسيا، وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية.. لكن ومع الأسف في وطننا العزيز نجد حزباً واحداً هو الذي يقوم بمهمته التأطيرية للمواطنين، بتنظيم عدة لقاءات تواصلية وتكوينية في مقره المركزي.
أخاف على بلدي من مما قد ينتج لا قدر الله نتيجة للبطالة والفقر والتفاوتات الطبقية والزيادات والتجاوزات.. كل التغيرات والتحولات التي طرأت خلال الخمس سنوات الأخيرة، كانت كلها تصب في صالح الفئة الميسورة وذات النفوذ أما غيرهم فأمورهم لا تزيد إلا تأزماً.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.