إن كان من حسنات يمكن أن تحسب لهذه الحكومة الحالية في المغرب، فإن إحداها هي توحيد كلمة وصفوف المحتجين الغاضبين على القرارات الساخطة التي تتخذها هذه الحكومة، أوالتي تتخذ وهي المسؤولة عن شؤون الوطن والمواطنين.
فلعلَّ السمة البارزة في الآونة الأخيرة التي تطبع المشهد السياسي المغربي هي الاحتقان الاجتماعي، هذا الأخير الذي أصبحت شوارع العاصمة الرباط مقرَّه المركزي وباقي شوارع المدن المغربية مقراته الجهوية. هذا الاحتقان الذي لم يكن وليد الصدفة ولا بالاحتقان الاعتباطي وإنما احتقان عن سبق إصرار وترصد قوامه مطالب مشروعة ظلت تعيش حالة من المدِّ والجزر طوال مدة هذه الولاية الحكومية وإلى أن ارتفع منسوبها مع اقتراب نهاية صلاحيتها.
فهي الحكومـة التي أخرجت السادة القضاة من مكاتب محاكمهم للتعبير عن غضبهم عما بات يعرف بـ"قوانـين الردًة الدستوريـة"، هؤلاء القضاة رموز الالتزام والوقار منهم من لم يغادر قط محكمته مرتدياً بذلته السوداء منذ أن حطَّ الرحال بها وإلى حين عرض "قوانيـن الردَّة الدستوريـة"، اللهم إن كان قد ارتداها وهو بالمداشر والقرى المغربية يباشر البث في دعاوى ثبوث الزوجية.
هي الحكومـة التي أخرجت الطلبة الأطباء مرتدين وزرهم البيضاء للاحتجاج والتعبير عن السخط الشديد من قوانين الخدمة الإجبارية المستوحاة من نظم العمل بالثكنات العسكرية، هؤلاء الطلبة الذين لم يغادروا قط مدرجات كلياتهم وأقسام مستشفياتهم منذ أن قرروا حمل السماعة خدمةً للوطن والمواطنين وإلى حين عهد حكومتنا الحالية التي جعلتهم يتحولون من أطباء مستقبل سيقدمون الخدمات الطبية إلى باعة متجولين للورود والمناديل الصحية.
هي الحكومـة التي خرج في عهدها سكان ومواطنو الشمال المغربي للاحتجاج على الغلاء في فواتير الإنارة والكهرباء، وهم مشيدون مسيرات الشموع عنوانها السلم والسلام، مطالبها إلغاء خدمات التدبير المفوض الذي استنزف جيوب الوطن والمواطنين.
هي الحكومـة التي اعتدت على المكفوفين ممن لا حول لهم ولا قوة، الذين خرجوا للاحتجاج مطالبين بحقهم في التوظيف لإعالة أسرهم وضمان قفة عيشهم وهم الضعفاء في الأرض الذين يجب أن تخصص لهم علاوات مالية دون الحاجة للاحتجاج بحثاً عن عمل والتعرض لاعتداءات جسدية.
هي الحكومـة التي أجهضت على الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية التي تمثل الأجير المواطن الإنسان وكسرت طاولته وجعلته في خبر كان، وأشعلت فتيل التظاهر والاحتقان.
هي الحكومة التي وضعت ضمن أولويات برنامجها الحكومي قضية التشغيل والبطالة فإذا في عهدها كان للغة الأرقام رأي آخر زاد من نسبة العاطلين والعطالة، وانتقلت نسبتها من 8.5 في المائة إلى 10.1 في المائة ولكم في أرقام مندوبية الحليمي دليل وبرهان.
هي الحكومة التي أخرجت للشارع الأساتذة المتدربين في مختلف المدن المغربية وأفرغت أقسام المراكز الجهوية للتربية والتكوين، وجعلتها تنتظر عودة أستاذ كاد بالأمس القريب أن يكون رسولاً فإذا بإقرار المرسومين المشؤومين كاد أن يردى أرضا وهو مقتول.
فرفقاً بالقضاة والمكفوفيـن والأطبـاء والمعطليـن والأسـاتذة والأجراء يا حكومة المغرب!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.