كنت أشعر بالرعب من الخنافس وأنا طفلٌ صغيرٌ. كان منظر الخنافس الغريب يملأني بالخوف منها واحتقارها؛ فقد كانت تبدو لي مُؤذية. وحين كبرت، تعلَّمت أن الخنافس لا تُمثِّل أيَّ ضررٍ على الإطلاق للبشر، بل إنَّها مفيدةٌ للغاية لأنَّها تتغذى على حشرات الأرض دون الإضرار بالنباتات أو دود الأرض غير الضار. وقبل أن أبدأ حديثي، أود أن أقول إنِّي لم أعُد خائفاً من الخنافس بل أستمتع حقاً بوجودها..
يعيش ملايين من المسلمين في الولايات المتحدة الأميركية؛ وأكاد أُجزم أنَّ كل واحدٍ منهم قد واجه بنفسه نوعاً من التمييز والكراهية أو يعرف مسلماً مرَّ بمثل هذه المواقف. ووفقاً لمركز دراسة الكراهية والتطرف (Center for the Study of Hate and Extremism)، يواجه الأميركي المسلم إحدى جرائم الكراهية كلَّ ثلاثة أيام.
وتشير أحدث استطلاعات الرأي إلى أنَّ أكثر من نصف الأميركيين لديهم وجهة نظر سلبية عن الإسلام. المسلمون إذاً -مع الأسف- هم "خنافس" اليوم.
تحزنني رؤية هذا القدر من الكراهية كوني أميركياً مسلماً يسعى دون كللٍ إلى بذل كل ما بوسعه لتحسين مجتمعه والأمة الأميركية. ومثلما كان الجهل هو سبب خوفي من الخنافس، تتأثر نظرة الأميركيين غير المسلمين للمسلمين بجهلهم بحقيقة الإسلام ومعتنقيه. لقد حان الوقت لتغيير ذلك؛ وليكُن هذا المقال نهايةً للخوف من المسلمين دون مبرر.
هذه 10 أسباب لتتوقَّف عن الخوف من المسلمين:
1. "كل الإرهابيين مسلمون".. محض وهم!
وفقاً لمكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، نفَّذ 94 في المائة من الهجمات الإرهابية داخل الولايات المتحدة في الفترة بين 1980 و2005 إرهابيون غير مسلمين. انتبه جيداً: غير مسلمين! وإذا نظرنا لخارج الولايات المتحدة الأميركية، سنجد أن إرهابيين مسلمين نفَّذوا أقل من 2 في المائة من الهجمات الإرهابية التي تعرَّضت لها أوروبا في السنوات الخمس الماضية.
وإذا لم تكُن هذه نسبة ضئيلة بما يكفي لتهدئة مخاوفك، يمكنني أن أُقدم لك ما هو أفضل: كانت النسبة التي قُتلت على أيدِي مسلمين في الفترة بين الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 وحتَّى نهاية عام 2005 من مجموع القتلى الأميركيين أقل من 0.0002 في المائة. وحيثما وجَّهت نظرك، ستُخبرك الإحصاءات صائحةً بأنَّه لا رابط منطقيًّا بين أكثر من 1.6 مليار مسلم مُسالمٍ في جميع أنحاء العالم وبين الإرهاب الذي يرتكبه أولئك الذين اختطفوا ديننا.
وعلاوةً على ذلك، إذا كان لديك من الإصرار ما يجعلك تستخدم هذه الأرقام الأُحادية والإحصاءات التي لا تقترب من الواحد الصحيح لتأكيد وجود ذلك الرابط، أقترح عليك بشدة أن تفكر في الإحصاءات التي تربط بين غير المسلمين والأعمال الإرهابية بأعداد أكثر بكثير من تلك المُسجلة للمسلمين.
2. لا يسعى المسلمون إلى السيطرة على أميركا
لا يفوق خوفي من الخنافس جنوناً إلَّا ذاك الخوف غير المُبرَّر من خطة المسلمين المزعومة للسيطرة على الولايات المتحدة الأميركية وتطبيق الشريعة على مواطنيها. حقيقة الأمر أنَّ هذا ليس صحيحاً على الإطلاق؛ فأغلب المسلمين يريدون تبني العادات الأميركية وطرق الحياة الأميركية، وفقاً لمركز "بيو" للأبحاث.
ولكن اسمحوا لي أقول نُكتة للمصابين بالإسلاموفوبيا: لن يستطيع المسلمون السيطرة على الشعب الأميركي وتحويل البيت الأبيض إلى مسجد رائع (وهو أمرٌ غير صحيحٍ على الإطلاق بالتأكيد)، حتى وإن أرادوا ذلك. يُشكل المسلمون أقل من 1 في المائة من مجموع سكان الولايات المتحدة. نحن أقلية من ضمن أقلية؛ ولتبحث في التاريخ ولن تجد أنَّ مجموعة تُشكل 1 في المائة من سُكان بلاد قد استطاعت قط السيطرة على الـ99 في المائة الآخرين. ولوضع الأمور في نصابها، سيكون هذا لو تحقَّق كسيطرة طفلٍ على مدرسة ابتدائية بكاملها أثناء القيلولة.
3. وبالحديث عن الأطفال.. إذا كنت تخاف المسلمين فيجب أن تخاف الأطفال أيضاً
لقد قتل الأطفال الصغار أميركيين أكثر من أولئك الذين قتلهم مسلمون في عام 2013، وفي عامي 2014 و2015، وفي الأعوام العديدة السابقة أيضاً.
وبناءً على هذه الحقائق، يجب أن تخاف الأطفال أكثر من خوفك المسلمين، أو بصورة أكثر واقعية: يجب أن تخاف المسلمين بدرجة أقل من خوفك الأطفال الصغار. أرجو أن تتذكَّر هذا في المرة القادمة التي تجد نفسك فيها بجانب مسلمٍ على متن طائرة. وبالحديث عن الطائرات، يبلغ احتمال موتك في حادثة طائرة أكثر من 11 ألف ضعف احتمال موتك في مؤامرة إرهابية تجري في طائرة.
4. إذا كنت خائفاً من المسلمين فيجب أن تخاف من أثاث المنزل.
تُظهر البيانات الأخيرة من لجنة سلامة المنتجات الاستهلاكية (Consumer Product Safety Commission) أنَّه منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول -التي تسببت في شعور الأميركيين بالرعب من المسلمين- كان احتمال موت الأميركيين يساوي تماماً موتهم سحقاً بسبب جهاز تلفزيون أو قطعة أثاث غير مستقرة. وفي السياق نفسه، لقد توفي شخص أميركي على الأقل بنوبة قلبية في الوقت الذي استغرقته للوصول إلى هذه الكلمات في المقال. وعند اللحظة التي ستصل فيها إلى نهاية المقال، سيكون شخص أميركي على الأقل قد مات منتحراً. وبنهاية هذه الليلة، سيكون أميركي واحد على الأقل قد مات نتيجة الغفلة أثناء القيادة. وبحلول وقت استيقاظك صباح الغد، سيكون طفلٌ أميركيٌ قد لقي حتفه نتيجة العنف المسلح.
على الجانب الآخر، لم يتضرر أميركي واحد على يد أحد المسلمين بينما حدث كل ذلك في مدة قراءة المقال. فبدلاً من الخوف من المسلمين الذين لا يُشكلون أيَّ ضرر، لماذا لا نعمل على معالجة أسباب الوفاة سالفة الذكر التي يمكننا الوقاية منها؟
5. يكون المسلمون صادقين حقاً حين يقولون إنَّ الإسلام يهدي إلى السلام.
تُعد جائزة نوبل للسلام أرفع جائزة يُمكن أن تُقدَّم للداعين إلى السلام في العالم. فكيف إذاً كان 5 من أصل 12 شخصاً فازوا بهذه الجائزة مسلمين؟ وحتَّى لو كان كل المسلمين إرهابيين فقط لأنَّ نسبةً تُعَد على أصابع اليدين من الإرهابيين تصادف كونهم مسلمين، فالمسلمون جميعاً إذاً هم صانعو سلام لأنَّ 42 في المائة من الحائزين على جائزة نوبل للسلام في السنوات الـ 12 الماضية كانوا من المسلمين.
6. يقوم المسلمون بدورٍ رئيسٍ في محاربة الإرهاب في الولايات المتحدة الأميركية.
تدل الكثير من استطلاعات الرأي والدراسات التي أجريت في السنوات القليلة الماضية على أنَّ المسلمين قد قاموا بدورٍ حاسمٍ في مساعدة المسؤولين الشُرَطيين في العثور على مشتبهين بالإرهاب في الولايات المتحدة. في الواقع، أظهرت دراسة حديثة أجرتها جامعة "ديوك" أنَّ المسلمين ساعدوا في ضبط مشتبه بتورطهم في الإرهاب وجناة أكثر من حكومة الولايات المتحدة نفسها. وعلاوةً على ذلك، ما يزال كثير من المسلمين يخدمون في الجيش للمساعدة في حماية هذه البلاد من الإرهابيين.
7. المسلمون يكرهون "داعش" بقدر ما يكرهها الأميركيون.
لا يعرف الكثيرون حقيقة أنَّ المسلمين هم أكبر ضحايا إرهاب تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، فضلاً عن كونهم أكبر ضحايا أشكال الإرهاب كافةً، وفقاً لوزارة الخارجية الأميركية. يريد المسلمون هزيمة الإرهاب بنفس القدر الذي يريده أيُّ أميركي آخر، إن لم يكُن أكثر. ولهذا السبب نجد مسلمين قدَّموا تضحيات في المواجهة مع "داعش" أكثر بكثيرٍ من تلك التي سيقدمها المصابون بالإسلاموفوبيا مثل دونالد ترامب طوال حياتهم، وليست منا ببعيدٍ جهودُ نيلوفر رحماني، وكبرى خادمي، والعديد من الشباب المسلم، والفقهاء والجماعات الإسلامية.
8. المسلمون يفعلون أموراً رائعة في الولايات المتحدة الأميركية.
نحن نريد حقاً أن نساعد إخواننا الأمريكيين؛ فالمسلمون بطبيعتهم يحبون مد يد العون. والدليل على هذا ليس منا ببعيد؛ ففي العام الماضي فقط، جمع المسلمون أكثر من 100 ألف دولار أميركي لإعادة بناء كنائس السود التي أُحرقت، وجمع قرابة 200 ألف دولار لمساعدة ضحايا سان برناردينو، وتبرَّعوا بـ 30 ألف زجاجة مياه للمساعدة في تخفيف أزمة المياه الجارية في بلدة "فلينت". وحتَّى ضياء بركات ويُسر أبو صالحة -المسلمانِ اللذان قُتلا على يد إرهابي غير مسلمٍ مدفوع بالكراهية- فقد حصلا مؤخراً على "جائزة مارتن لوثر كينغ للبطل المجهول" للمساهمات التي قدَّموها للعدالة الاجتماعية، أو المساواة، أو التنوُّع، وأثرهما الإيجابي في حياة الآخرين.
9. المسلمون يساعدون في كسر الصور النمطية عن أدوار الجنسين.
هذه الأمة التي نعيش فيها يُنظر إليها باعتبارها رمزاً للحرية، والفرص؛ والمسلمون يُقدمون قدوةً حسنةً للشعب الأميركي في هذا الخصوص. يحمل المسلمون الأميركيون شهادات جامعية أكثر نسبياً من مجموع سكان الولايات المتحدة الأميركية، وهم أيضاً ثاني أعلى الجماعات الدينية الكبرى في مستوى التعليم. وعلاوةً على ذلك، تحمل المسلمات الأميركيات شهادات دراسة جامعية وشهادات دراسات عليا أكثر من الرجال؛ وفرصتهن في العمل في المجالات المهنية أكثر من معظم نساء الجماعات الدينية الأخرى في الولايات المتحدة.
يتفق كافة المسلمين الأميركيين تقريباً على أنَّ المرأة يجب أن تكون قادرةً على العمل خارج المنزل، ويعتقد أغلبهم أنَّه لا فرق بين القادة السياسيين الرجال والنساء. إنَّه لأمرٌ سهلٌ أنْ نرى كيف يٌشجع الإسلام النساء على التطلُّع للمجد واستخدام نجاحهن في مساعدة الآخرين، وهذا هو السبب في أنَّ أصغر طبيبة في العالم هي امرأة مسلمة وفي أنَّ أول جامعة تأسست في العالم تأسَّست على يد امرأة مسلمة أخرى.
وبالإضافة إلى ذلك، إنَّ الإسلام نفسه الذي يخشاه الأميركيون هو الدين الذي منح المرأة حقوقاً في المساواة منذ أكثر من ألف عامٍ لم تحصل عليها النساء في الولايات المتحدة حتى يومنا هذا. وفي حين أنَّ تعديل الحقوق المتساوية لم يصدر بعدُ، وهو التعديل الذي من شأنه أن يمنح المرأة حقوقاً متساوية مع الرجل، منح القرآن المرأة هذا الحق قبل فترة طويلة من ظهور الولايات المتحدة الأميركية على خريطة العالم.
10. المسلمون عاشوا في الولايات المتحدة قروناً طويلةً.
يعود تاريخ المسلمين الأميركيين إلى أكثر من 400 عام؛ فالعلماء يُقدِّرون أنَّ نسبة تتراوح بين ربع وثلث العبيد الأفارقة الذين استُقدموا إلى أميركا كانوا مسلمين. ومع أنَّ الظروف التي أحاطت وصول المسلمين إلى أميركا للمرة الأول كانت مؤسفة للغاية، لم يمنع ذلك المسلمين من القيام بدور مهم في تأسيس الأمة الأميركية. وعلى الرغم من قدر الكراهية الذي نتلقاه حتى الآن، ما زلنا راغبين في القيام بدورٍ مؤثرٍ في عظمة هذه الأمَّة وأمانها.
لقد قُتل واحد وعشرون مسلماً على يد طالبان في باكستان هذا الأسبوع، وما زلت أنتظر العالم أجمع ليرُد بشراسةٍ كما كان سيفعل لو كان الضحايا غير مسلمين. وفي أثناء النحيب على الطلاب الجامعيين المسلمين الـ 21 الذين قُتلوا يوم الأربعاء، أسأل نفسي: لماذا يقع المسلمون ضحيةً للكراهية بسبب الإرهاب وهُم أكبر ضحاياه؟
لا يمُر يومٌ واحدٌ دون أن أفكر في ضياء بركات ويُسر أبو صالحة، وكيف أنَّهما لن يعودا قادرين على مواصلة تنفيذ أعمالهما المذهلة لأنهما كانا مكروهين بسبب دينهما؛ وتعرَّضا للقتل نتيجةً لتلك الكراهية.
أنا ضياء بركات. أنا تامر رايس. أنا يُسر أبو صالحة. أنا ساندرا بلاند.. أنا كُل أميركي توفي نتيجة الكراهية والخوف غير المُبرَّر. ونيابةً عن جميع الأميركيين المسلمين، أحثكم على الترفُّع على مخاوفكم التي لا أساس لها من الصحة، وأن تثقوا بالحقيقة التي نتوسَّل إليكم لتقبلونا مواطنين متساوي الحقوق والواجبات مع إخواننا في الأمة الأميركية. تجاوزوا بأنظاركم الحجاب واللحى الطويلة لتروا الحب الذي نحمله في قلوبنا. ورجاءً، توقَّفوا عن النظر لنا كإرهابيين ونحن نقاوم الإرهاب ذاته. نريد أن نساعد في هزيمة الإرهاب وجعل أميركا عظيمة. كل ما على الأميركيون فعله إذاً هو الإمساك بأيدينا الممدودة.
هذا التدوينة مترجمة عن Huffingtonpost. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.