نحن نعيش في قلق دائم من الإرهاب الذي بات يهدد كل الأسس التي نبني عليها حياتنا اليومية، منها الإحساس بالأمن والأمان، وهذا الإحساس تدهور الى مستوى القاع في بعض الدول وبالأخص في منطقة الشرق الأوسط. فإذا تابعنا الأحداث والأخبار العالمية نرى بين كل يوم ويوم عملية إرهابية، في لبنان، فرنسا، نيجيريا، مصر وتونس، فضلاً عن سوريا المعقل الرئيسي للإرهاب وداعش.
بات العالم كله مهدداً بالإرهاب الذي طالت أنيابه جميع بقاع الشرق الأوسط وأوروبا، وإذا لم يتم وقف تقدمه فسيصل الى جميع أنحاء العالم، وكما ترون لا يوجد استثناء. فمعظم الدول الآن تعيش حالة استنفار على أعلى الدرجات.
الإرهاب..
بدأ الإرهاب منذ زمن بعيد، مثلاً جماعة السيكاري اليهودية التي عملت على اغتيال أعدائها والمتعاونين معهم سعياً منهم لطرد الرومان من أرض فلسطين في القرن الأول الميلادي، وننتقل الى الأعوام 1789 إلى 1799 فهي حقبة الثورة الفرنسية التي يصفها المؤرخون بـ"فترة الرعب"، حيث ساد القتل والهرج والمرج في البلاد وكان ماكسميليان روبسبير يسيطر على المقاليد في فرنسا في أعقاب الثورة، حيث كان يبرر أعماله الوحشية بالدفاع عن الجمهورية ومبادئها.
ثم نذهب الى اغتيال السادات في عام 1981 من خلال الجماعة الإسلامية، وكان خلال عرض عسكري أقيم بمدينة نصر بالقاهرة في 6 أكتوبر 1981 احتفالاً بالانتصار الذي تحقق خلال حرب أكتوبر 1973. وفى عام 1988 تفجير لوكيربي – تفجير طائرة "بان آم" فوق سماء لوكيربي الاسكتلندية. وعام 1997 مذبحة الأقصر في مصر التي راح ضحيتها عشرات السياح واتهم فيها أعضاء الجماعة الإسلامية.
الألفينيات شهدت تطور العمليات الارهابية، ففي عام 2001 تمت التفجيرات الأقوى على الإطلاق، تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر التي اتهم فيها بن لادن والقاعدة، وخلّفت آلاف الضحايا من شتى دول العالم، وتكبّد العالم كله خسائر تقدّر بمليارات الدولارات.
كي لا ننسى كيف أتت القاعدة وبن لادن، فأتى بن لادن وجماعته بصنيعة أمريكية لمواجهة السوفييت في عام 1979، وانقلبت عليهم.
نتقل الى داعش، انبثق تنظيم داعش من تنظيم القاعدة في العراق في أعقاب غزو العراق عام 2003. وكان يحارب ضد القوات التي تقودها الولايات المتحدة آنذاك. داعش هو المتهم الرئيسي في عمليات خطف كثيرة، وأعلن مسؤوليته في 31 أكتوبر عن انفجار طائرة الركاب الروسية، من نوع إيرباص إيه 321، وهي في طريقها من منتجع شرم الشيخ إلى سان بطرسبورغ، روسيا، وعلى متنها 224 راكباً.
هو أيضا اتهم في تفجيرات بيروت التي وقعت في 12 نوفمبر، والعمليات الإرهابية في باريس في مساء يوم 13 نوفمبر.
كون "داعش" في المنطقة نتيجة لغزو العراق، ونتيجة أيضاً لحل الجيش العراقي بعد الغزو. فالغزو أدى الى زعزعة استقرار المنطقة بشكل كبير وتسريح الجيش العراقي أدى الى نزوح الجنود الى المنظمات الإرهابية. والجيش العراقي الموجود حالياً غير قادر على مواجهة الارهاب.
بشار الأسد..
الرئيس السوري خلفاً لأبيه، والذي انطلقت ضده المظاهرات في عام 2011، رافعين شعارات ضد القمع والفساد وكبت الحريات ومطالبة بإسقاط النظام. لكن هذا لم يؤثر في الأسد وبالعكس استخدم كل ما أوتي من قوة وأسلحة ثقيلة لقمع هذه المظاهرات.
كان ومازال بقاء الأسد في منصبه محل خلاف كبير بين الدول، فمنهم من يؤيد بقاءه في الحكم مثل روسيا وإيران، ومنهم من يصرّ على نزعه كالسعودية وفرنسا وتركيا. لكن ما هو مؤكد أن عدم الاتفاق الدول على رؤية واحدة سيمكن الإرهاب أكثر وسيؤدى الى امتداد "داعش" أكثر في الأراضي السورية والعراقية. فبات من الواضح عدم فاعلية الضربات الجوية في القضاء على التنظيم، خاصة بعد هجمات بيروت وباريس.
الحل..
على المدى البعيد، يجب إحياء الخطاب الديني الصحيح، وهنا يأتي دور الشيوخ وعلماء الإسلام، فلابد من إقامة دورات ومحاضرات بشكل منتظم لزيادة الوعي الفكري بشأن الإرهاب، خطبة صلاة الجمعة التي تقام أسبوعياً يجب أن يكون جزء منها حول أسس الدين الحنيف ومعارضته للأساليب التي يتبعها الارهابيون. والمغزى من ذلك هو قتل هذا النوع من التفكير والأيديولوجية التي هي أساس وجذور المشكلة، فمثلاً في حالة القضاء على داعش ما الذي يضمن عدم ظهور جماعات أخرى تعتنق نفس الفكر التكفيري، فيجب القضاء على هذا الفكر وهذا من الممكن على المدى البعيد بزيادة التوعية الفكرية ونشر القيم الحقيقية للإسلام.
الحل السياسي ضرورة، فيجب إيجاد حل سريع للأزمة السورية المتفاقمة. ويجب توحيد الرؤى لمواجهة هذا الخطر على العالم بأجمعه.
الحل العسكري يتبادر الى الذهن بنزول قوات برية الى جانب الضربات الجوية، لكن ذلك لن يزيد الأمر إلا تعقيداً في هذا الوقت، خاصة لعدم اتفاق الرؤية حول مصير الأسد والذي بدوره من الممكن أن يؤدي الى حرب عالمية، فلابد من حل سياسي قبل وجود أي قوات على الأرض.
إذا وجد الحل السياسي فيجب إنشاء تحالف دولي جديد، والدول التي أدى تدخلها في الشرق الأوسط الى خلق داعش يجب أن تتحلى ببعض من المسؤولية.
المحاصرة الاقتصادية لتمويلات داعش، يجب محاصرتهم اقتصادياً ومعرفة طرق تمويلهم، ومن هي الدول التي تدعمهم في الخفاء ومحاسبتهم، فوراء هذا التنظيم من يسانده لتحقيق مكاسب على حساب معاناة العالم بأجمعه والشرق الأوسط بالتحديد.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.