أحداث تترى لم يعد في العالم ما يريح، تعب، دمار، قتل، دماء، إرهاب، اتهامات، كل يدعي الصواب والرؤية السليمة، العالم في مخاض عسير، ويكذب من يدعي معرفة الحقيقة ومعرفة الحل العالم في دوامة كبرى، تتجاذبه أطراف كثيرة كل يظن أنه يجذبه لصالحه وهو يئن في هرج ومرج كل يرفع شعارات الحقوق الإنسانية والحرية والعدالة، هذه العبارات البراقة المفرغة من جوهرها.
الرؤية باتت ضبابية لدرجة عدم التمييز وعدم إدراك طبيعة التصنيفات التي تتم في الخفاء وصلنا لزمن النأي بالنفس عن كل الذي يحدث وغلق الأبواب وسد الآذان والأعين وشل الحركة حتى يمر هذا الإعصار الجارف بالعالم.
في ظل كل هذه التغييرات نجد من يخوض معارك فيسبوكية تافهة عن صحة وضع العلم الفرنسي على صورة البروفايل من عدمه وعن صحة إدانة هذه الهجمة وعن المقارنة بينها وبين الضربات الموجعة المعتادة في العالم العربي، وبين باك وراثي ومدع للإنسانية، وكأن الإنسانية ولدت فجأة مع تفجيرات باريس أما سابقا فكان فعل استهجان من حين لآخر وأحيانا تجاهل وعدم تعقيب نهائيا عن ما يحدث في سوريا فلسطين لبنان تونس مصر. إلخ، ولكن فعلا للقوي تأثير على الضعيف وصدق ابن خلدون فالمغلوب مولع بتقليد الغالب في زيه ونحلته.. فما بالنا بفكره وآرائه وتوجيهاته.
كلنا ضد الإرهاب والقتل ولكن لابد أن نوازن ونساوي بين الإنسان في كل مكان في العالم ولا نكيل بمكيالين مختلفين حرمة دم الإنسان مقدسة في كل زمان ومكان وهي أكبر من حرمة الكعبة المشرفة ندين كما اعتادت الأمم المتحدة الإدانة لكل عمل إرهابي وهذا أضعف الإيمان في الوقت الراهن.
ويجانب الصواب من يدعي أنه يدرك مما يحدث شيئا لهذا نجد السواد الأعظم نأى بعيدا عن المتابعة والمشاهدة للأخبار والبرامج السياسية وأصبح مدمنا للمنوعات التي يدعي أصحابها أنها الثقافة فأصبح لصيق برامج المواهب التي أصبحت في كل حدب وصوب وكأن ثقافة الشباب العربي انحصرت في جمال الصوت وحسن الأداء التمثيلي، أما الأدب والفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس وغيرها فتوارت بعيدا عن الثقافة، فالثقافة باتت قسمين ثقافة فنية ترفيهية محببة لأنها تبتعد بالعقول عن الإدراك وتروج لعبارات إرادة الحياة ومواجهة الموت، بمثل هذه النماذج من البرامج المريدة للحياة والفرح، أي تغييب كلي للوعي وتنويم للوعي الجمعي والقسم الثاني برامج ثقافية جادة غير موجودة بالمرة فالإنتاج يخاف الإفلاس بسببها وإن وجد برنامج أو اثنان يكون بإنفاق قليل وبالتالي يظهر وكأنه ينتمي إلى عصور قديمة ولى زمنها فلا يجذب المشاهدين خالياً من البهرجة البصرية ومقومات أخرى باتت أساسا للنجاح لابد من مواكبتها ولذلك تبدو ثقافة خانقة غير مرغوبة لأنها تهزّ الإدراك وبالتالي توقظ الناس وتثير الوعي وهذا ما لايرغبه جمع من الأطراف المتحكمة في موازين القوى اليوم.
ولهذا لا نجد للنخب المثقفة الواعية أي أثر على الناس والشباب فهم لا يعرفونهم إطلاقا وعملية التغييب عملية مقصودة وتم إعطاء بدائل والإدعاء بأنها نماذج مثالية للاقتداء، ممثلين ومغنيين ومصممي أزياء، والاحتفاء بهم ودعمهم يفوق الاحتفاء بكل مخترع وعالم وكاتب، ولهذا صدق من قال أجهد نفسه عبد الله العروي بالبحث والكتابة والقراءات والإنتاج لسنوات ليسبقه بمراحل سعد المجرد بأغنيتين أو ثلاث فتصدر المجلات والصحف واللقاءات وأصبح مشهورا بسرعة وأصبح معلماً ويستاهل طيارة على حد قوله.
العالم يئن لابد من دواء سريع مضاد للانفجار وإلا سيحدث ما لاتحمد عقباه وندفع نحن السواد الأعظم أكبر الخسائر.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.