السعودية والإمارات تتوغلان في سوق “المعادن الحرجة” على غرار الصين وأمريكا.. لماذا الآن؟

عربي بوست
تم النشر: 2024/04/29 الساعة 12:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/04/29 الساعة 12:15 بتوقيت غرينتش
التنافس على صناعة المعادن الحرجة يشتد مع دخول لاعبين جدد مثل السعودية والإمارات، تعبيرية (رويترز)

عرضت شركة الموارد العالمية القابضة (IRH) الإماراتية شراء حصة أغلبية (51%) في مناجم كونكولا للنحاس في زامبيا. جاء هذا عقب إعلان الشركة، التي تعد ذراع الاستثمارية في مجال التعدين التابع للشركة العالمية القابضة "IHC" الإماراتية، في مارس/آذار الماضي عن خطة لشراء حصة في منجم النحاس الزامبي لوبامبي. كما استحوذت IRH الإماراتية في ديسمبر/كانون الأول الماضي على حصة أغلبية (51%) في منجم موباني، أحد أكبر مناجم النحاس في زامبيا، في صفقة بقيمة 1.1 مليار دولار.

وفي سياق تعدين المعادن الحرجة، تقترب المملكة العربية السعودية أيضاً من إبرام صفقة للاستحواذ على حصة أقلية في مشروع "ريكو ديك" للنحاس والذهب في باكستان، واستثمار ما لا يقل عن 1 مليار دولار في المشروع الذي تقدر قيمته عند 7 مليارات دولار، والمملوك بشكل مشترك من قِبل الشركة الكندية "باريك جولد" وباكستان. 

وتعد منطقة ريكو ديك واحدة من أكبر المناطق التي تتواجد فيها رواسب النحاس والذهب غير المستغلة في العالم، وهي قادرة على إنتاج 200 ألف طن من النحاس، و250 ألف أوقية من الذهب سنوياً لأكثر من نصف قرن.

السعودية والإمارات في سباق للبقاء على خريطة الطاقة المتجددة العالمية عبر المعادن الحرجة

تُعرَّف المعادن الحرجة (Critical Minerals) على أنها مجموعة الموارد المعدنية والعناصر الأرضية النادرة التي تلعب أدواراً مركزية في القطاعات التكنولوجية المتقدمة، مثل الطاقة المتجددة والإلكترونيات وأنظمة الدفاع المتطورة. إذ يعتمد التطور في مجال الطاقة المتجددة بشكل رئيسي على توفير "المعادن الحرجة" التي تشكل عناصر ضرورية في صناعة وإنتاج الألواح الشمسية وتوربينات الرياح وبطاريات السيارات الكهربائية وغيرها من تكنولوجيا الطاقة النظيفة.

ويأتي الليثيوم والنيكل والكوبالت والنحاس والجرافيت والمنغنيز والأتربة النادرة (REE) على رأس قائمة المعادن الحرجة؛ نظراً لأهميتها المتزايدة في إنتاج السيارات الكهربائية والبطاريات.

ويقول تقرير لموقع أسباب للشؤون الجيوسياسية٬ إن صناعة المعادن الحرجة، والتي تشمل التعدين والمعالجة، تأخذ بعداً جيوسياسياً وجيواقتصادياً بارزا في ظل التنافس بين أمريكا والصين للهيمنة على تكنولوجيا الطاقة النظيفة، وكذلك في ظل التوقعات بارتفاع الطلب على هذه المعادن؛ نظراً لتسارع الخطوات العالمية نحو تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري والتحول إلى الطاقة المتجددة في العقود المقبلة. 

ويتجه اهتمام الدول إلى تأمين إمدادات المعادن الحرجة وعدم الاعتماد على دولة واحدة لتوفير هذه المعادن، بهدف تجنب الاضطرابات المحتملة في سلاسل توريد الطاقة النظيفة.

الاستراتيجية السعودية والإماراتية في الاستثمار بصناعة المعادن الحرجة

وحققت كل من السعودية والإمارات مكاسب اقتصادية ونفوذاً جيوسياسياً من عائدات النفط والغاز في العقود الماضية؛ مما أتاح للبلدين مكانة مميزة في خريطة الطاقة العالمية، ومع التحول العالمي نحو الطاقة المتجددة والتوقعات بتراجع الطلب على الوقود الأحفوري على المدى الطويل، تركز الرياض وأبوظبي على خطط تنويع مواردهما الاقتصادية، وضمان تموضعهما في الخريطة العالمية للطاقة المتجددة، الأمر الذي يدفع السعودية والإمارات للاستفادة من مواردهما المالية الوفيرة في اقتحام سوق المعادن الحرجة.

يقول موقع "أسباب" إن السعودية والإمارات تتخذان استراتيجيات مختلفة للاستثمار في صناعة المعادن الحرجة، على النحو التالي:

  • تهتم الرياض بحصص الأقلية في استثمارات التعدين الدولية، وترى أن هذا النهج يجنبها عبء استكشاف المناجم والترخيص لها وتشغيلها، بينما يسمح لها مباشرة بتأمين إمداداتها من هذه المعادن. على سبيل المثال، حصلت السعودية على حصة 9.9% في شركة أمريكية للتنقيب على المعادن، وحصة 10% في أكبر شركة تعدين في البرازيل.
  • بينما يعتمد النهج الإماراتي على الاستحواذ على حصة الأغلبية في مناجم التعدين، وهو ما يتطابق مع استثمارات أبوظبي المتزايدة في مناجم النحاس في زامبيا، وترى الإمارات أن هذه الاستراتيجية ملائمة بسبب المكاسب المالية التي يمكن أن تحققها في ظل الاستثمارات الكبيرة التي تحتاجها صناعة التعدين.
  • تركز السعودية في إطار جهودها لتحقيق "رؤية 2030" الطموحة على الاستثمار في قطاع "المعادن الحرجة"، حيث تعد هذه المعادن مدخلات رئيسة في العديد من المجالات التي تسعى المملكة للتوسع فيها في المدى القريب، بداية من الطاقة النظيفة ومروراً برقمنة الاقتصاد والتحول إلى مركز عالمي للتكنولوجيا. وتخطط السعودية لشراء حصص تعدين عالمية بقيمة 15 مليار دولار، كما استضافت الرياض مؤتمراً عالمياً للتعدين في يناير/كانون الثاني الماضي شهد تواجد 25 دولة أفريقية، ووقعت المملكة خلاله اتفاقيات للتنقيب عن المعادن مع عدد من الدول الأفريقية.
  • تسعى السعودية للتحول إلى مركز إقليمي لصناعة السيارات الكهربائية؛ حيث تستهدف إنتاج 500 ألف سيارة كهربائية سنوياً بحلول عام 2030. ويتوجب على السعودية من أجل تحقيق هذا الهدف توفير المعادن الحرجة -مثل الليثيوم والكوبلت والنيكل- اللازمة لصناعة بطاريات السيارات الكهربائية، ولذلك تخطط أرامكو السعودية مع شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) لاستخراج الليثيوم من المياه المالحة في حقولهما النفطية.
  • وتخطط الرياض لإنشاء مصنع معادن البطاريات الكهربائية بقيمة 2 مليار دولار. وأطلقت السعودية في عام 2022 أول شركة وطنية للسيارات الكهربائية، "سير موتورز" (Ceer Motors)، كما وقّعت صفقتين مع شركة أمريكية وأخرى صينية للتعاون في تطوير وتصنيع السيارات الكهربائية.
  • تظهر الإمارات توجهاً مدروساً للاستثمار في التعدين في أفريقيا. وتشير تفاصيل صفقة مناجم موباني إلى الخطوات الجادة التي تتخذها أبوظبي في هذا المجال. فبالرغم من أن شركة الموارد العالمية القابضة الإماراتية ليس لها خبرات سابقة في صناعة التعدين، فقد استطاعت الحصول على حصة أغلبية في منجم موباني بعد منافسة مع شركة "Zijin Mining" الصينية، وهي واحدة من أكبر منتجي النحاس في العالم، وشركة  Stillwater       Sibany الجنوب أفريقية والتي تمتلك خبرات واسعة في مجال التعدين. 
  • وتتجه أبوظبي إلى توسيع استثماراتها في صناعة "المعادن الحرجة" بما يشمل استهداف استثمارات في معادن محورية أخرى مثل الليثيوم والكوبالت والنيكل والأتربة النادرة (REE). 
  • على سبيل المثال، وقّعت الإمارات في يوليو/تموز الماضي صفقة بقيمة 1.9 مليار دولار مع شركة تعدين حكومية في جمهورية الكونغو الديمقراطية لتطوير أربعة مناجم لبعض المعادن الحرجة. علاوة على ذلك، تسعى أبوظبي إلى تأسيس موقعها كمركز إقليمي لمعالجة "المعادن الحرجة"، حيث أعلنت في فبراير/شباط الماضي مخططات لإنشاء مصنع لمعالجة الليثيوم بقيمة 1.4 مليار دولار في أبوظبي، هو الأول من نوعه في الشرق الأوسط.
تحميل المزيد