دحلان زار السودان سراً لتنفيذها.. تفاصيل خطة الإمارات لتفتيت الحراك وإبقاء العسكريين بالسلطة

كشفت مصادر مطلعة لـ"عربي بوست" أن الإمارات أوفدت محمد دحلان القيادي الفلسطيني المفصول من حركة فتح لتنفيذ خطة إماراتية لتفتيت الحراك السوداني وضمان استمرار هيمنة العسكريين على السلطة.

عربي بوست
تم النشر: 2019/05/12 الساعة 19:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/05/13 الساعة 05:01 بتوقيت غرينتش
اعتصام السودانيين أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم/الأناضول

كشفت مصادر مطلعة لـ"عربي بوست" أن الإمارات أوفدت محمد دحلان القيادي الفلسطيني المفصول من حركة فتح لتنفيذ خطة إماراتية لتفتيت الحراك السوداني وضمان استمرار هيمنة العسكريين على السلطة.

وقالت المصادر لـ"عربي بوست" إن دحلان قد وصل السودان في زيارة سرية على رأس وفد إماراتي للسودان في إطار جهود الإمارات لتفتيت الحراك السوداني الذي يقوده إعلان قوى الحرية والتغيير.

وكان المجلس العسكري الانتقالي في السودان قال في بيان له في وقت سابق: إنّ رئيس المجلس، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، التقى وفداً سعودياً إماراتياً مشتركاً رفيع المستوى، وبالتوازي مع ذلك التقى الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز، مع ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، في الرياض".

وذكرت المصادر لـ"عربي بوست"، بأنّ دحلان هو رئيس الوفد الإماراتي الذي زار الخرطوم سراً قبل أيام.

وقالت المصادر إن الوفد الإماراتي، بحضور دحلان، التقى مسؤولين في الجيش السوداني، وعلى رأسهم رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان الفريق أول/ ركن عبدالفتاح برهان، والفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي وقائد قوات الدعم السريع، وبحثا إمكانية عدم تصاعد الأحداث وضمان عدم تضرر المصالح الإماراتية هناك.

ويعتمد ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد على دحلان بشكل دائم في إنهاء الكثير من الملفات في الدول العربية، لما يملكه من شبكة علاقات عربية وأمريكية وحتى إسرائيلية وبالنظر إلى خبراته الأمنية.

خطة إماراتية لتفتيت الحراك السوداني عبر اختراق نقطة ضعفه الرئيسية

وتتشكل قوى الحرية والتغيير التي تفاوض المجلس العسكري حالياً، من تجمع المهنيين السودانيين الذين يقودون الحراك وعدد من القوى السياسية والأحزاب التقليدية في السودان.

وفي مواجهة إصرار تجمع المهنيين السودانيين على تسليم السلطة لمجلس انتقالي أغلبه من المدنيين، فإن الجهود الإماراتية تستهدف بشكل أساسي نقطة الضعف في إعلان قوى الحرية والتغيير وهي الأحزاب السياسية، بغرض تقسيم صفوف الحراك.

وقالت المصادر إن تحركات جديدة ستشهدها الأيام المقبلة من قِبل التحالف "الإماراتي- السعودي"، تجاه السودان، في إطار محاولات إنقاذ المجلس العسكري الانتقالي هناك، ودعمه في مواجهة المحتجين المطالبين بتسليم السلطة لمجلس مدني.

لقاءات دحلان السرية تمت بدعم من هذا الرجل الذي كان مقرباً من البشير

تحركات دحلان في السودان جاءت بدعم مباشر من مدير مكتب الرئيس السوداني المقال الفريق طه عثمان الحسين.

وطه شخصية كان ذا نفوذ كبير خلال حكم البشير قبل أن يختلف معه ويغادر البلاد متجهاً إلى المملكة العربية السعودية إثر خلافات مع رموز النظام بالاضافة إلى اتهامات بمحاولة قلب نظام الحكم في السودان بالاشتراك مع آخرين.

والحسين الذي كان يصف نفسه بابن البشير عين في يونيو/حزيران 2015، كوزير دولة ومدير عام لمكتب الرئيس برئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء، ليحكم قبضته على كل منافذ الدولة ومؤسساتها بصورة شبه كاملة، حيث منحه البشير ثقة لا حدود لها مكنته من أن يصبح "خزان أسرار السودان".

ويحظى طه بمكانة بين ملوك وأمراء الخليج، ويتمتع بصداقات شخصية مع كثير منهم، خاصة في الإمارات والسعودية، كما لعب أدواراً مهمة في توفير الأموال لخزينة الدولة السودانية في أصعب أوقاتها.

ولقد عاد الفريق طه عثمان الحسين، مؤخراً، إلى الخرطوم بعد غياب استمر لأكثر من عامين تقريباً.

وعقد طه اجتماعاً سرياً مع محمد دحلان للتباحث لاحتواء الثورة السودانية والحيلولة دون تسليم السلطة للمدنيين، حسب ما يقوله الكاتب والناشط السياسي السوداني أحمد سعد، لـ"عربي بوست".

ويرى سعد بأنّ المجلس العسكري، لا يزال يماطل في تسليم السلطة لكسب الوقت لتفريق وتشتيت مكونات المجتمع السياسي في السودان.

وتسعى أبو ظبي إلى سيطرة الجيش على السلطة في السودان حسبما يرى الناشط السياسي السوداني مؤمن رشاد.

 وقال لـ"عربي بوست"، إن هدف الإمارات من هذه التحركات هو ضمان استمرار مشاركة الجيش السوداني في اليمن والحفاظ على وضع الجنرال المتقاعد خليفة حفتر بليبيا".

الإمارات تسعى لإقناع أحزاب سودانية للانضمام لحكومة يقودها العسكريون

زيارة دحلان الأخيرة إلى الخرطوم كانت تهدف بالدرجة الأولى إلى استقطاب الأحزاب المعارضة المهمة في السودان، ومحاولة تقويض مطالب الحراك الثوري والالتفاف على إرادة المعتصمين.

وقالت مصادر "عربي بوست" إنّ خمس قوى سودانية معارضة بينها عدد من الحركات المسلحة تقع في دائرة الاستقطاب الإماراتي-السعودي، إذ تسعى الرياض وأبو ظبي لإقناعها بالانضمام لحكومة يقودها العسكريون.

وتحدثت مصادر متعددة بينهم نشطاء سودانيون لـ"عربي بوست" عن معلومات عن دخول عدد من قيادات الحركة الشعبية لتحرير السودان-قطاع الشمال البلاد منهم، مالك عقار، ونائبه ياسر عرمان، والقيادي بالحركة إسماعيل جلاب.

ومن المعروف أن الحركة الشعبية هي التي قادت انفصال الجنوب عن السودان، بينما مازال قطاع الشمال في الحركة يحارب الدولة السودانية، كما أن الحركة تاريخياً تتبنى أيدولوجيا تنظر للوجود العربي الإسلامي في السودان باعتباره غزواً.

واللافت أنه عقب عزل الرئيس السوداني عمر البشير في 11 أبريل/نيسان 2019، أعلنت قيادة تحالف "الجبهة الثورية" الذي يضم عدداً من الحركات

 المسلحة عن زيارة إلى أبو ظبي لبحث ملفات السلام.

وتؤكدّ مصادر مطلعة لـ"عربي بوست"، أن قادة الحركة الشعبية-جناح الشمال، اجتمعوا مع محمد دحلان، وهو ما تؤكده الناشطة السياسية السودانية أسماء ميرغني في حديث مباشر لـ"عربي بوست".

ولكن الأمر لا يقتصر على الحركات المسلحة

إذ تشمل الاتصالات الإماراتية عدداً من الأحزاب السياسية من بين حزب الأمة وحزب المؤتمر السوداني وغيرها من الأحزاب لاسيما المنضوية تحت لواء نداء السودان.

ويضم "نداء السودان"، ثلاث حركات مسلحة هي: الحركة الشعبية لتحرير السودان/قطاع الشمال، برئاسة مالك عقار، وحركة العدل والمساواة، بقيادة جبريل إبراهيم، وحركة تحرير السودان، بقيادة مني أركو مناوي.

كما تضم أحزاباً سياسية أبرزها حزب الأمة القومي، بزعامة الصادق المهدي، وحزب المؤتمر السوداني.

وكانت مريم المهدي نائبة رئيس حزب الأمة قد قالت قبل عدة أيام عبر برنامج حوار المستقبل، الذي بثته قناة النيل الأزرق  بأنّ زيارتها غير المعلنة مسبقاً لدولة الإمارات في اليومين الماضيين، كانت تهدف إلى شكر السلطات الإماراتية على وقوفها وتعاونها معهم واستجابتهم لاستضافة الإمام الصادق المهدي والدها ورئيس حزب الأمة، على حسب قولها.

ماذا تريد الإمارات من هذه الأحزاب؟

تقول الناشطة السياسية السودانية أسماء ميرغني لـ"عربي بوست". اتصالات الإمارات شملت عدداً من الشخصيات والقيادات المهمة والفاعلة في تحالف "نداء السودان"، فهي من أهم القوى الموقعة على إعلان الحرية والتغيير، لكنّهم وبدورهم يتبنون وجهة نظر الهبوط الناعم للثورة والحراك الشعبي في السودان وهو الخط الذي تدعمه أبوظبي والرياض، حسب تعبيرها.

وترى ميرغني بأنّ الإمارات تدفع وبكل قوة إلى أنّ يحتفظ المجلس العسكري بالسلطة ولا يسلمها للمدنيين.

وقالت إنّ أبو ظبي تحرّض المجلس العسكري على الاحتفاظ بالسلطة وهذا ما أدى إلى ردة فعل قوية وحقيقية من قبل الشارع احتجاجاً على موقف المجلس العسكري المعلن، حيث بدا وكأنّه يسعى إلى السلطة في الفترة الانتقالية.

ولكن يبقى السؤال، هل تستجيب القوى السودانية المختلفة سواء مجلس عسكري أو أحزاب للخطة الإماراتية، أم تنجو البلاد من حمى الثورة المضادة التي أصابت الربيع العربي.

 

تحميل المزيد