قال رجل الأعمال والفنان المصري، محمد علي، إنه لن يتوقف حتى تتم الإطاحة بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الذي وصفه بـ "الديكتاتور".
جاء ذلك في أول لقاء لعلي مع وسيلة إعلامية، حيث أجرى مقابلة مع موقع Middle East Eye البريطاني، نُشرت اليوم الثلاثاء 15 أكتوبر/تشرين الأول 2019.
"لا أتلقى دعماً من أحد"
وكانت الفيديوهات التي نشرها علي، والتي كشف فيها أسراراً عن فساد كبير في الجيش، وإهدار للمال العام من قبل الجيش ولمشاريع طلبها السيسي، سبباً في خروج احتجاجات نادرة ضد الرئيس المصري لأول مرة منذ وصوله إلى السلطة قبل 6 سنوات، عقب قيادته انقلاباً على الرئيس السابق الراحل محمد مرسي.
وأشار الموقع البريطاني إلى أنّ علي تحدّث من مكان سري في إسبانيا التي فرّ إليها هو وأسرته، وقال إنه يعمل كلياً بمفرده، ولا يقف وراءه أي شخص أو منظمة، وأكد أنه لا يتبع أي جماعة معارضة أو فصيل منشق داخل الجيش المصري.
وأضاف علي أنه في حال كان ذلك صحيحاً ربما استطاع إطاحة الرئيس المصري، وتابع: "لو كانت هناك جماعة تقف ورائي ربما كانت ساعدتني، بدلاً من تضييع الوقت بالتعرض للإهانة وحدي".
ومع معاناة المصريين في ظلّ اقتصاد متعثر وإجراءات تقشفية تطبقتها الحكومة، قوبلت روايات علي بشأن القصور المترفة التي بُنيت للسيسي باستخدام المال العام، بغضب واسع النطاق.
وعلى مدار جُمعتين متتاليتين 20 و27 سبتمبر/أيلول، اندلعت احتجاجات في أنحاء مصر، كانت التحدي الأبرز لحكم السيسي المستمر منذ سنوات.
وتصدّت السلطات لتلك الاحتجاجات بحملة قمع جديدة للمعارضة، شملت اعتقال 3 آلاف شخص على الأقل، بما في ذلك نشطاء وصحفيون ومحامون بارزون.
غياب القادة عن الاحتجاجات
وشجَّع علي في مقاطع الفيديو التي نشرها المصريين على التظاهر، لكنّه أشار في حديثه إلى موقع Middle East Eye إلى أنه لم تظهر أي جماعة لقيادة الاحتجاجات ولمناهضة حكومة السيسي.
وقال إنّ هذا يناقض ما حدث في الفترة المضطربة في مصر بين ثورة 2011 والانقلاب العسكري في 2013، الذي أتى بالسيسي إلى السلطة.
وأضاف: "هل ظهرت أي جماعة أخرى في مصر؟ (هل ظهرت جماعة أخرى) مهتمة بتولي زمام الأمور في البلد؟ لا لم تظهر"، وتابع: "فأين إذاً تلك الجماعة التي قد أكون أنتمي إليها؟ أعتبر بقية الجماعات ضعيفة للغاية".
وبحسب علي، فإنه منذ اللحظة التي نشر فيها أول شريط فيديو له، حاولت الحكومة المصرية جذبه إلى سفارتها في مدريد.
ويتذكر علي ما حدث قائلاً: "قالوا لي: "المسؤولون انزعجوا مما حدث لك، أنت رجل محترم، وابننا، أنت عزيز علينا وما إلى ذلك، لذا تعال إلى السفارة ودعنا لنجلس معاً"، مضيفاً: "رفضت الأمر".
وسُئل علي عما إذا كان يعتقد أنه كان يمكن أن يلقى مصيراً مشابهاً لمصير الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي، الذي تم قتله في القنصلية السعودية في إسطنبول العام الماضي، كان علي متحفظاً.
لكنه أضاف: "تلقَّيت كمية لا تُصدق من التهديدات، يقولون لي نحن نعرف أين أنت. سوف نجدك يوماً ما"، ومع ذلك قال: "لا أعتقد أن هذا كان سيحدث لي. الله يعلم، بالطبع، أنا فقط أعطي تحليلات".
إغراءات مقابل السكوت
وتحدّث عليّ عن أنه سافر من مصر بعد أن فشلت الحكومة المصرية مراراً في دفع رواتب شركته مقابل العمل الذي أنجزته، لكن بعد ذلك بدأ ينشر الفيديوهات المؤثرة، فجأة استخدمت تلك الأموال كإغراء لإعادته إلى مصر، وقال "قالوا لي إنهم سوف يعطونني أموالي وأكثر".
ولم تقتصر محاولات إسكات علي على الرشوة، موضحاً أنه عاش تحت تهديد دائم بالاغتيال.
وأضاف: "لست سبايدرمان. يمكن لأي شخص استئجار عصابة لقتلي، كنت أعرف بالفعل أنني أعرّض حياتي للخطر مع أول فيديو قمت بنشره".
وعلى الرغم من أن علي نفى حصوله على دعم كبير من أجهزة الأمن المصرية، فإنه كشف عن تعاطف صغار الضباط في الجيش معه، وقال "إن الضباط الصغار الذين لا يتمتعون بسلطة اتخاذ القرار، والذين لا يستطيعون حل الوضع، يتضامنون معي".
وفي مواجهة الصعوبات المالية حيث حجبت السلطات الأموال المستحقة له، ناقش علي قضاياه مع هؤلاء الضباط، الذين، بحسب قوله، أعربوا عن استيائهم من إدارة السيسي للبلاد.
وقال إن "الضابط لا يستطيع التحدث لأنه سيتم إرساله إلى محكمة عسكرية. لكن هل تحدّث لي جنرالات الجيش المهمون؟ لا، هذا لم يحدث بالطبع".
وأضاف "في البداية، عندما كنت في مصر، اعتادوا أن يقولوا لي إننا نأمل أن يختفي (السيسي)، لكن ماذا يمكننا أن نفعل؟ وعندما أتيت إلى هنا اعتاد الضباط (المبتدئون) أن يشتكوا ويهينوه".
وقال علي إن المتعاطفين معه في الجيش أشادوا به بعد نشر أول فيديوهات له ينتقد السيسي "ثم عندما بدأ القبض على الناس اختفوا جميعهم".
جيش التجسس الإلكتروني
وقال علي إن من بين المشاريع العقارية التي عمل عليها، كان مبنى متعدد الطوابق، تستخدمه المخابرات العامة المصرية لإيواء ما أطلق عليه علي اسم "جيش السيسي الإلكتروني".
وأشار إلى أن مهمة هذا الجيش مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي، لافتاً إلى أنه يعتقد أن مئات الموظفين يعملون في المبنى، ولفت أيضاً إلى وجود "بعض الضباط، ولكن معظمهم من المدنيين".
ورفض علي الاعتذار عن عمله مع الجيش في الماضي، وقال إنه لم يكن على علم بأن الجيش كان متفشياً بالفساد في السنوات الأولى من عمله، وذكر أن "الجيش يتمتع بسمعة ممتازة بين الجمهور المصري، وينظر إليه كنموذج للكرامة وحسن الخلق".
وتابع في تصريحاته للموقع البريطاني: "عندما بدأت العمل اكتشفت الفساد تدريجياً. لم أكتشف ذلك عندما بدأت لأول مرة، استغرق الأمر سنوات، لكن قاعدة التعامل في مصر تحت الطاولة".
وأشار إلى أنه بدأ يلاحظ الأمور تدريجياً حتى وصل إلى قمة هرم الفساد، وقال إن ذلك حدث "عندما بدأت في بناء قصور السيسي، ومنذ ذلك الحين بدأت أفهم الصورة الكبيرة للفساد وكيف يتخذ رئيس الدولة القرارات".
ووصف الموقع البريطاني علي بأنه "الأكثر شهرة في مصر"، وقال إن المقاول المصري وجه رسالة مباشرة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي وصف السيسي بـ "الديكتاتور المفضل"، وقال علي لترامب: "هل أنت مستعد للقاء قاتل، ديكتاتور، لا يهمك من هو. أنت تهتم فقط بتلقي الأموال".
وأضاف علي ساخراً: "ربما نحتاج إلى توفير بعض المال، ثم نطلب منك إزالة السيسي".